اثار التطبيق الذي طرحته وزارة الصحة امس حول إمكانية الكشف عما اذا كان الفرد قد احتك او تواجد في منطقة او مكان مع شخص تم تشخصيه على انه مصاب بفايروس كورونا، اثار حالة من البلبلة والشكوك بين المواطنين، خصوصا وان التطبيق يستطيع تحديد موقع المواطن من خلال انزاله او الأماكن الى يتنقل منها واليها ويتواجد فيها مع فتح إمكانية "موقع" في الهاتف النقال، وارتكزت المخاوف بالأساس على إمكانية انتهاك الخصوصية بشكل طوعي تحت غطاء حالة الطوارئ التي تمر بها البلاد والمتعلقة بأزمة وباء كورونا والسماح لجهاز الامن العام بتعقب الفرد وسهولة الوصول الى المواد الموجودة في هاتفه، وأيضا المخرجات والنتائج المترتبة على التطبيق بعد مرور الازمة مع إمكانية استمرار الشاباك باستعماله.

التطبيق لا يخرج معلومات مكان المستخدم

وكان الكثير من المواطنين قد انزلوا التطبيق أمس على هواتفهم النقالة بهدف معرفة اذا ما اختلطوا بمرضى كورونا في الوقت الى كتب تامر سلمان المختص على صفحته في فيسبوك " ملاحظة لمن تهمه خصوصيته: هذا التطبيق من أفضل التطبيقات في حماية المعلومات وخصوصية المستخدم. التطبيق open source وممكن للمبرمجين فحصه. التطبيق لا يخرج معلومات مكان المستخدم وإنما يقارنها مع قاعدة بيانات مواقع تواجد المرضى داخل الجهاز. عمل على هذا التطبيق العديد من أفضل الباحثين في أمن المعلومات. استعماله هو الإجابة الصحيحة لصد الحكومة ولاستعمالها المنظومة الشاباكية.

انتهاك خصوصية!

المحامي علاء محاجنة متخصص بقضايا حقوق الانسان ومحامي المدعين ضد الشركات التجسس الإسرائيلية رأى ان موضوع الحق في الخصوصية خطير ولا يتم التطرق اليه بشكل صحيح خصوصا لدى المجتمع العربي المنشغل في اموره الحياتية الى حد كبير.
وقال: باعتقادي الموضوع العيني وتوجه الحكومة العام لاستخدام تقنيات فيها مساس بالحق بالخصوصية هو خطير، وما هو أخطر انه لا يتم التطرق اليه ومناقشته بشكل معمق خصوصا لدى المجتمع العربي، وهذا نابع بشكل عام كون موضوع الحق في الخصوصية غير متطور، يجوز هذا طبعا كوننا نهتم ومنشغلين اكثر بالأمور الحياتية الأساسية مثل الحياة والحرية وموضوع الخصوصية يأتي بمرتبة اهتمام اقل. طبعا عدم الاهتمام وغياب نقاش حول الموضوع يمكن الحكومة الإسرائيلية خلال هذه الفترة بالذات ترسيخ سياسات وممارسات تمس بالخصوصية بشكل صارخ، بدريعة وجود حالة الطوارئ بسبب الوضع الصحي.

وأضاف: قضية التعقب بواسطة تقنيات الإلكترونية حديثة ومدى خطورة المس في الخصوصية عن طريق شركات الميديا العملاقة احتل صدارة النقاش في العالم منذ سنتين او ثلاثة سنوات، بدأ العالم يتنبه الى الحق بالخصوصية مهدد في ظل التطور التكنولوجي ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التي نستخدمها جميعا بطريقة عشوائية وبدون تفكير مسبق، أحيانا بدافع الخوف او الاهتمام او رغبة الشخص ان يكون جزء من التطور وهذا الحيز. بسبب خطورته أصبح موضوع انتهاك الخصوصية هو أكثر المواضيع الحاحا حتى في اروقة الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي، ويوجد عمل مكثف لقوننة الموضوع بهدف ضبطه. المقرر الخاص لحقوق الانسان بما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي والحق بالخصوصية يتحدث منذ سنتين عن الموضوع ويؤكد ان كل التطور التكنولوجي فيه احتمالية ضرر وحد من خصوصية الفرد وبدون ان نعي الامر، وكل الدعاوي ضد الشركات الإسرائيلية بما يتعلق بتطوير وبيع تقنيات تعقب من خلال الهاتف النقال حصل على تجاوب من جميع دول العالم والمؤسسات الدولية حيث تعقد اليوم مؤتمرات دولية حول الموضوع ويوجد حرص على سن قوانين لترتيب الامر بهدف المحافظة على حقوق الانسان.

التاريخ اظهر ان أوقات الطوارئ هي فرصة ذهبية لفرض سياسات فيها مساس بحقوق الانسان

وتابع: ما يقوم به نتنياهو وهو السماح لجهاز الامن العام "الشاباك" ان يتعقب المكان عن طريق الهواتف، أي باستطاعة هذا الجهاز تعقب الشخص ومكان وجوده ومن يحيطه ومعلومات خاصة اخرى عنه، هذا حتى ان كان متوفر في السابق لكن لم يكن استعماله علني او قانوني كما يتحدثون اليوم ويطبقونه. والتاريخ اظهر ان أوقات الطوارئ هي فرصة ذهبية لفرض سياسات فيها مساس بحقوق الانسان، والتي يتم ترسيخها لاحقا على المدى البعيد حتى بعد انتهاء خالة الطوارئ. التوجهات باعتقادي خطيرة وخصوصا انه لا يوجد حكومة او رقابة والجو العام عبارة عن حالة طوارئ اي إمكانية انتهاك أكثر للحق في الخصوصية.

وتطرق الى تطبيق الوزارة وقال: بالنسبة للإجراءات التي تتخذها الحكومة الاسرائيلية مؤخرا ومنها تمكين الشاباك من تعقب الهواتف واجراءات اخرى فأنها جميعها تثير مخاوف حقيقية بالنسبة لموضوع انتهاك الخصوصية خصوصا وان هذه الخطوات تكشف اماكن التواجد وساعته ومعلومات اخرى مفروض ان تكون شخصية. طبعا كلنا نعيش حالة طوارئ وهنا اتفهم حالة الهلع الموجودة وغياب نقاش معمق بخصوص هذا الموضوع، ولكن وهنا يأتي دور القيادة السياسية والمنظمات او الجمعيات الاهلية الفاعلة التي تعنى بهذه المواضيع ان ترفع نسبة الوعي وان توعي الناس وان توصل رسالة للقيادة السياسية بان ما يحدث يكشف عن احتمالية كبيرة للمس بالحقوق بصرف النظر عن حالة الطوارئ الحالية.

الأخ الكبير

وكان مركز "حملة" المركز العربي لتطوير الاعلام الاجتماعي قد تطرق الى موضوع السماح للشباك ان يحدد الموقع الجغرافي حيث اعتبر المركز أنّ هذا التطور يعني أنّ الحكومة الإسرائيليّة ستطبق فعليًا نظرية "الأخ الكبير" الذي يراقب المواطنين 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع، من خلال مراقبة هاتفهم، فمن يسمح لنفسه تتبع مكان وجود الهاتف النقال وصاحبه، يستطيع بكل سهولة السيطرة على كاميرا الهاتف وسماعات الهاتف، وبالتالي سيقوم بانتهاك جارف للحق في الخصوصية، حذّر “حملة-المركز العربيّ لتطوير الإعلام الاجتماعيّ” من انتهاكات جماعيّة للحقوق الرقميّة، وخصوصًا الحقّ في الخصوصيّة، تحت حجة إدارة الأزمة الصحيّة التي سبّبها فيروس الكورونا، وذلك في أعقاب موافقة المستشار القضائيّ للحكومة الإسرائيليّة على طلب رئيس وزراء الحكومة الاسرائيليّة استخدام وسائل تكنولوجيّة متطوّرة لمتابعة ورصد حركة مرضى الكورونا، من خلال مراقبة هواتفهم النقالة ووسائل تكنولوجية متقدّمة أخرى.

واعتبر مركز "حملة" أنّ هذا التطور يعني أنّ الحكومة الإسرائيليّة ستطبق فعليًا نظرية “الأخ الكبير” الذي يراقب المواطنين 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع، من خلال مراقبة هاتفهم، فمن يسمح لنفسه تتبع مكان وجود الهاتف النقال وصاحبه، يستطيع بكل سهولة السيطرة على كاميرا الهاتف وسماعات الهاتف، وبالتالي سيقوم بانتهاك جارف للحق في الخصوصية تحت ذريعة منع انتقال وانتشار العدوى، وهي مهمة يمكن القيام بها بعدد من الوسائل التي لا تنتهك حقوق الناس.

تكنولوجيا مراقبة استعملت ضد الفلسطينيين

وأكّد المركز مجددًا أن مواثيق حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية تكفل الحقوق الرقميّة التي تشمل الحق بالخصوصية وعلى الحكومة الاسرائيلية احترام هذه الحقوق حتى في الأزمات وليس استغلال الأزمة لانتهاكها بشكل جماعي. كما شدّد المركز على أنّ هناك حساسيّة خاصّة للبيانات الصحيّة تحديدًا، خصوصًا أنّ جمع ومعالجة البيانات الصحية، بما في ذلك نشر المعلومات عبر الإنترنت، يشكّل مخاطر على سلامة الأشخاص المتضرّرين ومجتمعاتهم، وطالب المركز بأن تلتزم السلطات الصحيّة بالأسس القانونيّة الواضحة وأن تضمن خصوصيّة المواطنين وأقل انكشاف ممكن لهذه المعلومات.

هذا، يذكر أن نفس تكنولوجيا المراقبة التي تستعملها الحكومة الإسرائيليّة الآن ضد مواطنيها كانت قد استعملتها على مدار السنوات الأخيرة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يؤكّد أن حقوق الإنسان عامة والحقوق الرقمية خاصة هي حقوق كونيّة، وأن ممارسات القمع التي تبدأ ضد الواقعين تحت الاحتلال، تتسرّب أيضًا لتمارس ضد مواطني الدول المحتلة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]