منذ ان بدأ التعلم عن بعد في المدارس بسبب ازمة وباء الكورونا، برزت إشكاليات كثيرة متعلقة بكافة الجوانب الطلاب الاهل والمعلمين والوزارة والجوانب التقنية أيضا ما يشير الى عدم جهوزية الجهاز التربوي في فرض نظام جديد يستطيع الطلاب خلاله تلقي المواد التعليمية المفروضة عليهم في ظل حالة الطوارئ الراهنة.

مرحلة عصيبة!

نائلة تلس محاجنة محاضرة بأكاديمية القاسمي بقسم التربية الخاصة، متخصصة في عسر اللغة والعسر التعلمي حدثت "بكرا" قائلة: لا شك ان التعلم عن بعد اثبت نجاح في عدد من المرافق خصوصا في الاكاديميا، حيث يتعاملون معه منذ زمن وخصوصا في عصر التطور والتقدم التكنولوجي الذي يشهده عصرنا الحديث وهناك فاعلية للتعلم عن بعد واستثمار موارد في هذا المجال ولكننا اليوم في مرحلة عصيبة تشهد أزمة كبيرة ووباء عالمي، اذ يأخذ التعلم عن بعد اخر خلال الازمة الحالية وفرق شاسع بكل المعايير بالذات اذا ما تحدثنا عن المدارس الابتدائية الإعدادية والثانوية حيث انها لم يتم تطبيق هذا التعلم بهذه المدارس التعلم عن بعد مثل الاكاديميا اذ اقتصر على بعض مهمات عادية الا ان التعلم عن بعد اخذ بعدا اخرا في هذه المرحلة حيث تضع الوزارة برنامجا يوميا للصف ومن خلال هذا البرنامج يتم صياغة المواد وعلى الطلاب ان يقوموا بحلها خلال وقت واحد يتقسم على عدة مهمات ومواضيع متعددة، والتعلم عن بعد على مستوى الطالب هناك فروقات فردية بين الأولاد والمهمات تختلف من طالب الى آخر في الابتدائي او الاعدادي او الثانوي كما انه تقع مسؤولية على المعلمين ان يحضروا مواد تتناسب مع الفروقات الفردية بين الطلاب وهل أيضا يتناسب ذلك مع المواد التعليمية المطلوبة.

وتابعت: عندما نتحدث عن الطلاب مع صعوبات وعسر في التعلم هم بحاجة الى ملائمات خلال هذه المواد التي يتعلمونها، بالإضافة الى ان الطالب سيضطر للعمل على مهمات متزامنة بوقت ودروس متزامنة بالإضافة الى وجود اخوة في البيت في هذه الازمة التي عبارة عن قلق وخوف وتوتر مما يؤثر على الطالب مع عسر تعلم الذي يكون بحاجة الى امان، هذا التغيير يكون غير متوقع بالنسبة للطالب ويكون لديه صعوبة في التكيف مع هذه التغييرات بالإضافة الى عدد من الصعوبات التي يواجهها في التنظيم والتكيف مع التغيير والذاكرة والاصغاء والتركيز وعليه ان ينهي حل مهمة بسرعة، الامر يحتاج الى جهد كبير خصوصا عندما نتحدث عن فترة ازمة وفترة عصيبة فيها قلق وتوتر وخوف.

العائلة والمعلم يعانون

ونوهت: وعلى مستوى العائلة فان العائلة أيضا تعاني من مشكلة كبيرة حيث ان الاهل الذين لديهم عدد أولاد كبير يواجهون إشكاليات كبيرة من ناحية توفر عدد كافي من الحواسيب واوقات مناسبة وملائمة عدا عن الفترات الطويلة التي يحتاجها الطالب لحل المهام وهناك بعض الطلاب يواجهون إشكاليات في اعينهم بسبب الجلوس امام الحاسوب لفترات طويلة، وأيضا هناك أهالي يستعملون الهاتف في حال انعدام الحاسوب ما يسبب أيضا توتر عائلي وان الأولاد يتنازعون على حل المهمات ويكون صراع في العائلة وتوتر اكبر، هناك حسنات اننا نستثمر التعلم داخل البيت ولكن هناك إشكالية في كيفية تنزيل هذه المهمات بطريقة تتناسب مع أوقات الاهل.

وتطرقت في حديثها الى المعلم والهام الملقاة عليه وقالت: على مستوى المعلم فهو أيضا يواجه مشاكل منها انه سيبني مهمات تتناسب مع جميع الطلاب وهل يحصل ذلك فعلا ام لا، إضافة الى ان المعلم أيضا لديه عائلة واولاد عليه متابعتهم بالإضافة الى الخوف والتوتر والقلق والرسائل التي تصله من الوزارة والصعوبات التي يمر بها من ناحية ضغط في كيفية بناء هذه الأمور، نحن نتحدث عن ثلاثة دوائر ومحاور وان نقوم بعملية تعليمية تربوية سليمة، الطالب الذي يواجه عسر تعلمي تكون لديه مشكلة جدية بالدافعية وهو بحاجة الى اهل يدعمونه ومرافقة مستمرة ومتابعة وملائمات تتناسب مع قدراته والصعوبات التي يواجهها من ناحية التنظيم والذاكرة والتركيز، كل هذا بحاجة الى تناسب في التعلم عن بعد.
وأشارت ل "بكرا": اعتقد ان التعلم عن بعد مفيد جدا اذا كانت المهمات سلسة تتفاوت في الصعوبات وان تكون سريعة وقصيرة، وان يتم فتح المهمات لفترات أطول حتى لا يدخل الطلاب الى ضغوطات معينة لأنه أحيانا يكون إشكالية في الشبكة، هذه مرحلة حاسمة والتكيف معها بحاجة الى وقت خصوصا اننا نتحدث عن منظومة غير مهيئة للتعلم عن بعد لذلك كان من المهم ادخال هذا التغيير بشكل تدريجي حيث من الممكن ان يكون كل يوم مهمة لموضوعين بدلا من ستة مواضيع، نحن نتحدث عن مستقبل غير واضح يؤثر على الولد مع عسر تعلمي وتنفيذ المهام التعليمية اتأمل ان تعمل الوزارة على منظومة سليمة نصل خلالها الى كل الطلاب وان نتعامل مع اولادنا والفروقات الفردية بينهم وان يكون ملائمات للطلاب مع عسر تعلمي خصوصا واننا نتحدث عن مدارس عادية يتعلم فيها طلاب مع تفاوت في المهارات ومن المهم ان تكون مهمات تتناسب مع التعلم عن بعد وقدراتهم والتباين بينهم

ما هي مدى جاهزيّة بيوتنا ومدارسنا لمرحلة التعلّم عن بُعد؟

وقالت رقيّة عدوي مركّزة تربويّة في مدرسة المتنبّي الثانويّة حيفا: نظرًا للظروف العصيبة التي تمرّ على البلاد والعالَم نتيجة تفشّي وباء الكورونا الذي وضع العالم أمام دوّامة من الأسئلة لتُرفع حالة التأهّب والطوارئ. مطلب الساعة هو التكاتف والتعاون معًا، فالكورونا أقعدتنا عن العمل ضمن أروقة المدرسة ومن ثمّ أُلزمنا باعتزال الحياة الاجتماعيّة والترفيهيّة ولكنّ حالات التخبّط وعدم الوضوح جرّاء تفاقم الأزمة واغلاق المدارس وُضعت الطواقم التدريسيّة في مأزق لا مناص منه، ساعة أن لاحت في الأفق مسألة التعلّم عن بُعد، على أمل ألا تمنعنا الكورونا عن اتمام رسالتنا وإكمال مسيرتنا التعليميّة-التربويّة.

معظم المدارس وبلا استثناء لجأت إلى آليّات ومنظومات التعلّم عن بُعد. ولكنّها جُملة أسئلة تُطرح على عُجالة: ما هي مدى جاهزيّة بيوتنا ومدارسنا لمرحلة التعلّم عن بُعد؟ ماذا عن عدد الحواسيب/ الهواتف النقّالة في البيوت؟ ماذا عن الأطفال وطلّاب المدارس الابتدائيّة؟ هل هيكليّة وبُنية التعليم العربيّ في بلادنا جاهزة لمرحلة التعلّم عن بُعد، بالإضافة لجاهزيّة الطاقم التدريسيّ وتمكنّه من المهارات اللازمة للتعليم عن بُعد؟ ماذا عن نوعيّة وكميّة المهام التي يجب على الطالب تنفيذها؟ وهل من منظومة واضحة يتلّقى الطالب من خلالها الموادّ؟ هل ينفذّ الطالب المهام المختلفة لوحده دون مساندة من ذويه أو زملائه؟ هل استعدت مدارسنا اداريًّا، تربويًّا وتنظيميًّا لهذه المرحلة؟

بعد نفسي للكورونا!

وتابعت: البُنية الإداريّة والفلسفة التربويّة التعليميّة لمدرسة المتنبّي الحيفاويّة تسمح بتبنّي المبادرات والترحيب بها، تجنّد طاقم الطوارئ في المدرسة ونظّمنا لقاءات ارشاديّة محوسبة عن بُعد لطاقم المعلّمين لاستخدام بعض المنظومات مثل classroom google meet google forms WhatsApp. بالمقابل تسنّى للطاقم التدريسيّ تدريس الطلاب عن بُعد خلال اليومين الماضيين، بينما نبدأ بالعمل المنظّم وفقًا لبرنامج الطوارئ من صباح الغد. لا شكّ أن برنامج الطوارئ يُراعي المعايير التربويّة- التنظيميّة للبرنامج وتقسيم الحصص والدروس المختلفة. بالإضافة إلى ذلك نجد أن لأزمة الكورونا ذلك البعد النفسيّ الذي لا يُمكن اهماله بحيث يعيش المعلّم هذه الفترة في فترة نفسيّة ويُعايش الكثير من الضغوطات نظرًا لعدم الوضوح القائم وحالات التوتّر والقلق وفي نفس الوقت نجد مركزيّة وأهمية دور المعلم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]