ألقى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، اللية، كلمة عبر فيها عن حزنه العميق للحادث الأليم الذي وقع في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وأودى بحياة 10 مواطنين وإصابة العشرات.
وأعلن هنية عن مساعدة عاجلة مقدمة من قيادة حركة "حماس" مقدارها (300 ألف دولار) للمتضررين وأهالي الشهداء والجرحى.
واعتبر هنية أن هذه المأساة هي واحدة تداعيات الحصار الذي مضى عليه أكثر من 13 عاما، برًا وبحرًا وجوًا، وهو ما حرم وزارة الداخلية وجهاز الدفاع المدني، من الكثير من الإمكانيات اللازمة لمثل هذه الوقائع والأحداث.
واستدرك هنية من أنه رغم ذلك، فإن الشرطة ورجال الدفاع المدني والأطباء والمستشفيات لم يتوانوا جميعاً وبكل ما أوتوا من قوة وإرادة وصلابة لكي يضعوا حداً لهذا الحريق، ويوقفوا استمرار المأساة.
وفيما يلي نص كلمة هنية تعقيبًا على حادثة حريق النصيرات:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ".
تابعنا بألم شديد وبتسليم كامل بقضاء الله وقدره المصاب الجلل الذي حل بأهلنا في مخيم النصيرات نتيجة هذا الحريق وارتقاء الشهداء من الأطفال والنساء والرجال ووقوع الجرحى وإلحاق الأضرار البالغة الكبيرة في المحال التجارية في سوقنا الشعبي في مخيم النصيرات.
نعم أيها الأخوة والأخوات، يعتصرنا الكثير من الألم، ولكن نحن شعب تمرّس على الصبر في التعامل مع سنن الله سبحانه وتعالى، سنة الابتلاء وحركة التاريخ التي يتعرض لها كثير من الناس وخاصة أهل غزة الذين صبروا على الحصار وعلى الاحتلال وعلى العدوان ولكنهم وقفوا شامخين ثابتين في وجه هذا الاحتلال البغيض.
إنني باسم إخوانكم جميعًا في حركة المقاومة الإسلامية حماس في داخل فلسطين وفي خارج أرض فلسطين أتقدم بأحر التعازي لإخواننا ولأهلنا أهل الشهداء الكرام وأقول أعظم الله أجركم وأحسن الله عزائكم ورحم الله موتانا وموتاكم، تقبلهم الله مع الشهداء والنبيين والصديقين وحسُن أولئك رفيقا، كما أتقدم لإخواني الذين أصابهم ما أصابهم الجرحى بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يتم عليهم العافية والشفاء العاجل، كما أتقدم لإخواننا أصحاب المحال التجارية الذين تضرروا من جراء هذا الحادث الأليم وهذا المصاب الجلل وأقول لهم عوضكم الله خير العوض في الدنيا والآخرة.
أيها الأحبة أيها الأهل في نصيرات الإسلام والعزة والمقاومة وفي غزة الرباط والبطولة، اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، نحن قوم تمرسنا على الصعاب وعلى مواجهة المحن والابتلاءات والشدائد، وعلى يقين تام بأن الله سبحانه وتعالى سيعظم لنا الأجر وسيكتب لنا الثواب، بل وسيعظم لنا المقام بين شعبنا الفلسطيني عامة وبين أبناء أمتنا الإسلامية على وجه الخصوص.
أيها الأحبة أيها الكرام الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون، الآجال عند الله مقدرة وسنن الله سبحانه وتعالى غالبة، "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"، هؤلاء الذين ارتقوا اليوم من أطفالنا ونسائنا ورجالنا هم شهداء بإذن الله عز وجل كيف لا وهم المرابطون على أرض فلسطين المباركة، كيف لا وقد التهمتهم هذه الحرائق، ومن مات حريقًا فهو شهيد بإذن الله سبحانه وتعالى كيف لا ونحن الذين نعيش في قلب هذا الحصار الظالم.
إن هذه المأساة هي واحدة من تجليات هذا الحصار الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة عشر عامًا برًا وبحرًا وجوًا، حرم وزارة الداخلية وحرم جهاز الدفاع المدني من أن يتوفر لديه الإمكانات اللازمة للقيام بما يلزم في مثل هذه الوقائع والأحداث، مع ذلك يم تتوانى الشرطة، لم يتوانى رجال الدفاع المدني لم يتوانى الأطباء والمستشفيات من أن تهرع بكل ما أوتيت من قوة وبكل ما أوتيت من إرادة ومن صلابة لكي يضعوا حدًا لأن يلتهم هذا الحريق المزيد المزيد من الأماكن أو من الناس أو من البشر، ومع أنني أعبر عن تضامني وتضامن إخواني الكامل في قيادة الحركة مع أهلي الشهداء والجرحى ومع أصحاب المحال التجارية مع أهلنا في النصيرات مع أهلنا في غزة عامة، إنني في ذات الوقت أتقدم بكلمات الشكر والتقدير والعرفان لرجال الشرطة ولرجال الدفاع المدني وللمستشفيات في غزة وللأطباء وللممرضين وللحكماء الذين قاموا بكل ما يلزم وتقدموا لكي يضمدوا الجراح ولكي يطفئوا الحريق ولكي يقفوا إلى جانب أهلهم في هذه الساعات الصعبة وفي هذه المحنة الشديدة.
أحيي كل أبناء شعبنا الذي سارعوا بيدٍ واحدة وبجسد واحد متضامنين في هذا الحدث الأليم وفي هذا المصاب الجلل، كما إخواننا في لجنة المتابعة الحكومية الذين عقدوا الاجتماع الطارئ لمتابعة هذا الأمر، وقدموا بشكل عاجل ما يمكن أن يقدموه لأهالي الشهداء رحمهم الله رحمة واسعة.
إنني من هنا أيها الإخوة أعلن وبشكل عاجل تقديم مبلغ ثلاثمئة ألف دولار مساعدة عاجلة ومساهمة من قيادة حركة حماس للإخوة المتضررين ولأهالي الشهداء والجرحى.
ما إن وقع هذا الحادث المؤلم حتى وسارع الإخوة في الحركة جزاهم الله خيرًا، إن في غزة أو في الضفة أو في الخارج ليقولوا هذا مصابنا جميعًا، هذا ألمنا جميعًا، ونحن متضامنون موحدون في مواجهة هذا المصاب الأليم.
نعم لقد اتصل بي الأخ الحبيب الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وأبلغني أنه يقدم باسم إخوانه في قيادة الضفة الغربية مبلغًا عاجلًا مقداره مئة ألف دولار، ثم اتصل بي الأخ الحبيب الدكتور ماهر صلاح رئيس الحركة في الخارج وقال أيضًا نحن نقدم باسم إخواننا في قيادة الحركة في الخارج مئة ألف دولار، وأنا هنا أضيف مئةً ثالثة، وأقول لأهلنا في غزة وللمتضررين هذا شيء عاجل وأقل مما يمكن أن نقدمه في هذه اللحظات المؤلمة، لكن سنبذل المزيد من الجهد والاتصالات، خاصة أنني علمت أن الأضرار تفوق ثلاثة ملايين دولار كما أبلغني الأخوة في لجنة المتابعة الحكومية، لن نتوقف إن شاء الله، هذا جزءٌ من واجبنا ومسؤولياتنا تجاه أهلنا في هذه اللحظات العصيبة.
نقف إلى جانب بلدية النصيرات وإلى جانب الإخوة أعضاء المجلس التشريعي في المنطقة الوسطى وفي النصيرات ومع كل وزارات الحكومة والشرطة والدفاع المدني والمستشفيات ووزارة الصحة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، كما أدعوه سبحانه وتعالى الشفاء العاجل لجرحانا الميامين.
لقد وقفت أمام صورة بكل الفخر والاعتزاز حينما رأيت أبناءنا المجاهدين من كتائب القسام، هؤلاء الأبطال يسارعون في المشاركة في إخماد الحريق وفي إجلاء المصابين وفي حمل الشهداء وفي تخفيف هذا الألم، هذا الذراع المبارك المجاهد في حركة المقاومة الإسلامية حماس، كما إنني أشكر كل إخواني في قيادة الفصائل والفصائل الفلسطينية التي عبرت عبر بيانات وتصريحات عن هذا المصاب وكيف يتعاملوا معه بجسد فلسطينيٍ موحد بإذن الله سبحانه وتعالى.
جزاكم الله خيرًا ونسأل الله عز وجل أن يعوضنا خير العوض في الدنيا والآخرة، وأن يجعل ذلك على طريق الصبر، والصبر هو شطر الإيمان والصبر هو طريق النصر بإذن الله سبحانه وتعالى، نحو كل أرض فلسطين ونحو القدس والمسجد الأقصى وعودة اللاجئين وتحرير الأسرى بإذن الله عز وجل.
[email protected]
أضف تعليق