كما كان متوقعا، نفذت الحكومة الإسرائيلية تهديدها بمنع استيراد المنتجات الزراعية من الأراضي الفلسطينية اعتبارًا من صباح الأحد، ردًا على قرار الحكومة الفلسطينية منع استيراد العجول من "إسرائيل".
وزير الأمن نفتالي بينيت، الذي اتخذ القرار، قال إنه سيعيد النظر في قراره، في حال توقفت السلطة عن خطوتها، وعادت إلى الاتفاقيات المعمول بها.
وفي رده على القرار الإسرائيلي، قال وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي في حديث لوسائل الإعلام، إن لكل فعل له رد فعل، وأن الحكومة الفلسطينية سيكون لها رد على هذا الإجراء، في جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية اليوم.
وأشار العسيلي إلى أن الخاسر الأكبر من القرار الإسرائيلي سيكون الاقتصاد الإسرائيلي، لكون الميزان التجاري بين الفلسطينيين والإسرائيليين يميل لصالح الجانب الإسرائيلي بنسبة 1:7.
وأضاف "سيكون لدينا خسارة بلا شك، لكن يمكننا تجاوزها، أما الخسارة الأكبر هي للمنتج الإسرائيلي".
وأكد جاهزية الحكومة للتعامل مع القرار الاسرائيلي، وأن هناك خطة استراتيجية تسير عليها الحكومة بهذا الصدد.
وأضاف "نعمل ضمن خطة مدروسة هدفها الانفكاك التدريجي عن الاحتلال، والمنتجات الزراعية جزء من هذه الخطة التي بدأت بالقطاع الصحي".
وبين أن الحكومة لا تتخذ أي قرار إلا بعد دراسة متأنية، وأخذ كل الاحتياطات.
وذكر أن "نجاح الخطة يحتاج إلى تعاون وتضحية من المواطن، لأن الهدف هو الحفاظ على كرامة الإنسان والأوطان".
"هامش حركة محدود"
لكن أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح بكر اشتية يشكك بقدرة الحكومة الفلسطينية على المضي قدما بخطة الانفكاك، لأن هامش الحركة لديها محدود.
وقال لوكالة "صفا": "لطالما طرحنا سؤالا حول مدى استعدادنا لمواجهة رد الفعل الإسرائيلي المتوقع؟ وهل درست الحكومة ردود الفعل الإسرائيلية؟ وهل لدينا بديل عن الأسواق الإسرائيلية؟".
ولفت إلى أن الحكومة كانت دائما تقول إنها جاهزة وتقوم بجولات مكوكية مع دول عربية، كمصر والأردن والعراق، لتوقيع اتفاقيات تبادل تجاري، سعيا نحو الانفكاك عن إسرائيل وخلق أسواق بديلة.
وأكد أن هذا الخيار صعب، ولا يمكن تفعيله بالشكل المطلوب في الوقت الراهن.
وقال: "نريد مقاطعة إسرائيل، لكن يجب أن يكون لدينا استراتيجية مبنية على خيارات بديلة".
ورأى اشتية أنه حتى يكون لدى الفلسطينيين قدرة على تنفيذ سياسات المقاطعة والانفكاك ومواجهة رد الفعل الإسرائيلي، ينبغي توفير واحدة من ثلاث ركائز على الأقل، وهي: سيطرة على المعابر، وسيطرة على الأرض ومواردها، وسيطرة على الموارد المالية.
وعلى أرض الواقع لا يوجد أي من هذه الركائز لدى الفلسطينيين.
وأوضح أن القدرة الفلسطينية على المواجهة الاقتصادية محدودة، وأن الاقتصاد الإسرائيلي أقدر من الفلسطيني على امتصاص الفعل ورد الفعل.
ورفض اشتية القول إن الاقتصاد الإسرائيلي سيكون أشد تضررًا من الفلسطيني، ويرى فيه "تسطيحًا للحقيقة".
وقال: "صحيح أن أكثر من 60% من وارداتنا تأتي من إسرائيل، لكن نحن نمثل أقل من 5% من مجموع التجارة الخارجية لإسرائيل، في حين أن 83% من صادراتنا تذهب لإسرائيل".
واعتر أن هذه المعادلة في صالح "إسرائيل" التي لديها قدرة على فتح أسواق بديلة، وتسيطر على الأرض والمعابر، ولديها علاقات دبلوماسية وتجارية مع كل دول العالم، وهذا ما يفتقده الفلسطيني.
وفيما يتعلق بمنع دخول العجول الإسرائيلية، فإن غالبية تلك العجول يقوم تجار إسرائيليون باستيرادها من الخارج، وبالتالي فهم لا يتحملون خسارة كبيرة.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تطرح تعويض مربي العجول لديها، "وهذا لن يرهق الحكومة الإسرائيلية، بل لديها الاستعداد لتحمل التكلفة إذا كان الثمن كسر الإرادة الفلسطينية، ووأد أي فرصة للفلسطينيين للانفكاك".
وتساءل: "لكن كم قدرتنا نحن على التحمل لو تضرر كل مزارع فلسطيني؟ فهل لدى الحكومة الفلسطينية قدرة على تعويضهم وقد انتهى عام 2019 على عجز بموازنتها بقيمة مليار و150 مليون دولار؟".
واستغرب اشتية من إصرار الحكومة على مقاطعة العجول الإسرائيلية فقط، علما أن هناك منتجات غذائية عديدة تستورد من "إسرائيل" كان يمكن البدء بها.
ورأى أنه كان الأجدى إدارة العملية بشيء من الحكمة، والابتعاد عن الإثارة الإعلامية.
ووفق اتفاق باريس، يُسمح للتجار الفلسطينيين بالاستيراد المباشر من الخارج، لكن المستورد الفلسطيني يفضل الشراء من التاجر الإسرائيلي للاستفادة من التسهيلات في الدفع والتعاملات المالية.
وبيّن أنه كان بإمكان الحكومة أن تعطي حوافز للمستوردين، بما يشجعهم على الاستيراد المباشر، وتلقائيًا سيتجه التاجر للاستيراد من الخارج، بدون وجود قرار بمقاطعة العجول من "إسرائيل".
وأضف "عندما أعلنت الحكومة عن قرارها، ردت إسرائيل بإجراءات عقابية وعرقلت استيراد العجول للتجار الفلسطينيين، مع أنه لم تكن هناك عراقيل سابقا".
وأكد اشتية أن فرص الضغط بيد الفلسطينيين محدودة للغاية، وضمن الظروف الحالية لا يوجد حل، إلا بتدخل وسيط ثالث لتسوية الأمور.
[email protected]
أضف تعليق