نشرت وزارة المالية يوم 26.01.2020 أن إسرائيل جبت قيمة 40 مليار شيقل علم 2018 كضرائب على شراء السيارات الخصوصية، وأن هذه القيمة تساوي 13% من إجمالي دخل الدولة من الضرائب. وأضافت الوزارة أن هذا المبلغ "الخيالي" لا يشمل ضريبة قيمة استعمال السيارة (שווי שימוש ברכב צמוד) التي يدفعها العالميون الحاصلون على سيارة من مشغليهم في أماكن عملهم، ولا يشمل ضريبة الدخل التي تدفعها شركات السيارات على أرباحها، كما لا يشمل غرامات مخالفات حركة السير، ولا يشمل رسوم ركن السيارات التي ندفعها للسلطات المحلية. وهذا المبلغ "الخيالي" المذكور أعلاه يشمل كلا من الضرائب الآتية: ضريبة الشراء (מס קניה) والجمرك (מכס) على شراء السيارات وقطع تبديلها، رسوم ترخيص السيارة السنوية، رسوم تحويل ملكية السيارات، رسوم إصدار رخصة سيارة، ضريبة البلو (בלו) على السولار وضريبة القيمة المضافة (מע"מ).
هل قررت وزارة المالية أن تسممنا بتلويث الهواء لحاجتها لهذه المليارات من الشواكل؟!
الخبير الاقتصادي والمحاضر والحقوقي عصمت وتد قال ل "بكرا" في هذا السياق: حتى تكتمل الصورة أنه تم استيراد 286.000 سيارة خصوصية عام 2019، مقارنة ب- 267.000 سيارة عام 2018 و- 218.000 سيارة عام 2017. هذا يعني أن زيادة شراء السيارات الخصوصية خلال سنتين ارتفعت بنسبة 31%. ولمن لم يتعجب حتى الآن من هذه المعطيات القاسية نضيف أن معدل سعر شراء السيارة الخصوصية التي تدفعه شركات استيراد السيارات لمصنعيها خارج البلاد هو 60.000 شيقل فقط!!! فلو افترضنا ان معدل سعر السيارة الجديدة لنا كمستهلكين هو 150.000 شيقل، لوصلنا إلى النتيجة الصاعقة المدوية أننا نسدد قرابة 90.000 شيقل للدولة على كل سيارة نقتنيها، مقابل 60.000 شيقل ندفعها لمصنع السيارة الحقيقي خارج البلاد!!! بمعنى أن الدولة تربح من استيراد السيارات أكثر بكثير مما تربح الشركة المصنعة لتلك السيارات!
وتابع: إذا أردنا أن "نزيد الطين بلة" إن هنالك مساعدات وإعفاءات ضرائبية صادقت عليها الدولة بالماضي، لتشجيع مواطنيها على اقتناء سيارات خصوصية مهجنة (هبريدية) وكهربائية – مبادرة طيبة بلا شك. فماذا حصل جراء ذلك؟ تهافت الناس لشراء هذه السيارات "الخضراء" فانخفض الطلب للسيارات العادية، مما أدى إلى انخفاض دخل الدولة من الضرائب على السيارات العادية. فماذا فعل "عقلاء وحكماء" وزارة المالية؟ شرعوا بتقليص تلك الإعفاءات والمساعدات الضرائبية على السيارات "الصحية" (الهبريدية والكهربائية) بالتدريج منذ 2017، لتنعدم قطعيا عام 2022. ليس هذا فحسب، بل قرروا رفع نسبة ضريبة الشراء (מס קניה) التي تقدر اليوم ب- 10%، إلى 20% عام 2023، وإعادة رفعها للكرة الثانية إلى 35% عام 2024.
وتساءل: هل قررت وزارة المالية أن تسممنا بتلويث الهواء لحاجتها لهذه المليارات من الشواكل؟ أم أنها وجدت مستهلكين مستضعفين لا يليق بحقهم وصف سوى نعتهم بالبقرة الحلوب؟ يدرس طلاب مساقات قوانين الضرائب في كليات الحقوق في الجامعات أن من وراء فرض الضرائب أهداف وغايات ومالات ساميات، كمحاربة فشل الأسواق وفشل الحكم وحماية القيم الأساسية كالأمن والأمان وصحة المواطنين. فدعوني أتساءل أين كان كبار موظفي وزارة المالية الأكاديميون حين درسوا هذه الغايات ضمن تلك المساقات؟ غريب عجيب أمر هذه الدولة: أنسيت أن وظيفتها هي تقديم الخدمات العامة لمواطنيها؟ أتحولت تلك الوظيفة السامية لابتزاز أموالهم بذريعة تمويل خدماتهم الصحية والتربوية والتعليمية؟ الا يعلم "عقلاء وحكماء" وزارة المالية أن عدد السيارات على الشوارع وصل إلى 3.5 مليون سيارة؟ أهذه هي سبيل تخليص المواطن من "فلينة" وسدادة أزمة السير؟ أهذه هي سبيل النجاة من تلوث الهواء الذي نستنشقه ونتنفسه؟ أهذه هي سبيل الرشاد؟
[email protected]
أضف تعليق