أعرب خبراء اقتصاديون عن تخوُّفاتهم من الآثار المحتملة لانتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصادٍ في العالَم، وعلى الاقتصاد العالَمي ككل. وتأتي تلك التخوفات وسط إجراءات مشدَّدة اتخذتها السلطات الصينية في محاولة لاحتواء الأمر.
أثار انتشار فيروس كورونا في الصين والإجراءات المشددة التي اتخذتها بكين لاحتواء الأمر، فضلاً عن إعلان عددٍ من شركات الطيران تعليق رحلاتها من وإلى الصين، تخوُّفات من تراجع قد يصيب ثاني أكبر اقتصادٍ في العالَم، وما يمكن لذلك أن يكون من تبعات على الاقتصاد العالَمي.
تخوفات من تراجع الاقتصاد العالَمي

في مقابلة مع شبكة CNN الأمريكية، قال جوليان إيفانز بريتشارد، كبير الاقتصاديين الصينيين في كابيتال إيكونوميكس، إن "الانتشار السريع للفيروس يعني أنه لم يعُد أي شك في تعطيله الاقتصاد خلال الربع الأول من العام الجاري".

في السياق نفسه يرى راجيف بيسواس كبير الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشركة IHS Markit، أنه "في ظل لعب الإنفاق الاستهلاكي دور الدفاع الأساسي للنموّ في الصين خلال السنوات الأخيرة، يكمن الخطر الرئيسي على المدى القريب في التأثير السلبي لانتشار الفيروس على ثقة المستهلك الصيني".

ويوضح بيسواس وَفْقاً لتقرير نُشِر الخميس على موقع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن "دول آسيا والمحيط الهادئ الأخرى معرَّضة أيضاً للتباطؤ الاقتصادي، لا سيما مع انخفاض السياحة الصينية".

ويتابع بالقول إن "الارتفاع السريع في دخل بعض الأسر الصينية ساعد على ازدهار الزيارات السياحية الصينية إلى الخارج، إذ ارتفعت أعداد السياح من 20 مليوناً في عام 2003 إلى 150 مليوناً في عام 2018".

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن فيليب شو كبير الاقتصاديين في بنك إنفستك المتخصص في لندن، قوله إنه من المرجَّح أن تسود "حالة عدم اليقين بشأن كيفية استجابة الاقتصاد العالَمي لتفشي المرض".
تراجُع الأسهم الأوروبية

تراجعت سوق الأسهم الأوروبية الخميس، متأثرة بمخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية لتفشِّي فيروس كورونا في الصين، وتحديثات ضعيفة للأرباح من بضع شركات، وجاءت بورصة لندن بين أكبر الخاسرين بعد أن أحجم بنك إنجلترا المركزي عن خفض أسعار الفائدة.

وقبل يوم من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ترك بنك إنجلترا أسعار الفائدة دون تغيير في آخر اجتماع للسياسة النقدية تحت قيادة محافظه مارك كارني، قائلاً إنه يرى علامات على تعافي النموّ بعد الانتخابات التي جرت الشهر الماضي، وهو ما دفع الجنيه الاسترليني إلى الصعود، في حين زاد مؤشر فايننشال تايمز خسائره ليغلق منخفضاً 1.4%.

وأنهى المؤشر ستوكس 600 الأوروبي جلسة التداول منخفضاً واحداً بالمئة موسعاً خسائره منذ بداية الأسبوع إلى 2% ومتجهاً نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي في نحو أربعة أشهر.

وسجلت أسهم رويال داتش شل المسجلة في لندن أكبر خسارة بين الشركات المدرجة على المؤشر القياسي مع هبوطها 4.4% بعد أن انخفضت الأرباح الفصلية للشركة إلى النصف. وأغلق مؤشر قطاع الطاقة منخفضاً 2.6% مع تَعرُّضه أيضاً لضغوط من تراجع أسعار النفط.

ومع تدهور توقعات النموّ العالَمي، جاء التضخم في ألمانيا دون المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي لتاسع شهر على التوالي، وهو ما يعزّز دعوات إلى مزيد من إجراءات التيسير من المركزي الأوروبي. وأغلق المؤشر داكس القياسي للأسهم الألمانية منخفضاً 1.4%.
أبرز شركات طيران التي قررت تعليق رحلاتها

في سياق متصل قررت شركات طيران عدة تعليق أو تقليص رحلاتها إلى الصين على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي حصد حتى الآن أرواح 170 شخصاً.

وفي ما يلي أبرز التدابير التي اتخذتها شركات جوية عالَمية في هذا الصدد:

- إير فرانس: علقت شركة "إير فرانس" الفرنسية كل رحلاتها من الصين وإليها ابتداءً من الخميس حتى 9 فبراير/شباط، وأكّدَت الشركة أنها ستسيّر رحلات "خاصة من وإلى شنغهاي وبكين، على متنها طاقم من متطوعين، ابتداءً من الخميس 30 يناير/كانون الثاني، لتأمين عودة كل زبائنها وموظفيها".

- بريتيش إيروايز: أعلنت الشركة البريطانية الأربعاء التعليق الفوري لرحلاتها كافة نحو الصين القارية.

وهذا القرار يأتي بعدما نصحت المملكة المتحدة رعاياها بتجنب السفر إلى هناك، وهي أول شركة أوروبية تتخذ هذا التدبير. وتسيّر بريتيش إيروايز رحلات يومية من لندن إلى بكين وشنغهاي.

- شركة لوفتهانزا الألمانية: ألغت شركة لوفتهانزا الألمانية الأربعاء، جميع رحلاتها إلى الصين حتى 9 فبراير/شباط المقبل.

- شركة إيبيريا: أعلنت شركة إيبيريا الإسبانية تعليق رحلاتها كافة إلى شنغهاي ابتداءً من الجمعة.

- ليون إير: ستعلق المجموعة الإندونيسية التي تملك أكبر أسطول جوي في جنوب شرق آسيا رحلاتها إلى الصين ابتداء من 1 فبراير/شباط المقبل. وتسير هذه الشركة مع فرعها "بالتيك إير" رحلات إلى 15 منطقة صينية.

ارتفاع غير مسبوق في عدد الوفيات

ومع استمرار تفشي المرض في الصين، سجّل عدد الوفيات بالفيروس الخميس ارتفاعاً ليصل إلى 170 حالة، في حين بدأت عملية إجلاء الفرنسيين بعد الأمريكيين واليابانيين، من مدينة ووهان المعزولة عن العالَم.

وتعقد منظمة الصحة العالَمية التي دعت "العالَم بأسره للتحرُّك" إلى مواجهة الفيروس، الخميس اجتماعاً لاتخاذ قرار حول ما إذا كان هذا المرض "يشكّل حالة طوارئ صحة عامة ذات بعد دولي".

وأعلنت السلطات الصينية الخميس تسجيل 38 حالة وفاة جديدة بالفيروس في مقاطعة هوباي وسط الصين خلال الـ24 ساعة الأخيرة، وهو أعلى معدل ارتفاع يومي في الوفيات منذ بدء تفشِّي المرض في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وارتفع عدد المصابين إلى نحو 7700 شخص داخل الصين القارية، ليتخطى الرقم بذلك عدد الإصابات عند انتشار فيروس سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحادّ) الذي أصاب 5327 شخصاً في 2002 و2003 وتسبب في وفاة 774 شخصاً في العالَم بينهم 349 داخل الصين.

وعُزِلَت مدينة ووهان الصينية حيث ظهر المرض وتَفشَّى، تماماً قبل نحو أسبوع، والإجراء نفسه اتُّخذ مع مقاطعة هوباي بأكملها تقريباً، ليعزل بذلك هذا الحجر الصحي القاسي الذي فُرِض في 23 يناير/كانون الثاني الجاري، نحو 56 مليون شخص عن العالَم.



المصدر: TRT عربي - وكالات

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]