وصف مدير المركز العربي اليهودي بجفعات حبيبة والناشط السياسي السيد سامر عثامنة صفقة القرن كالمسمار الأخير بنعش حل الدولتين على اسس حدود 1967 وشرعنة الاحتلال والاستيطان، وكسر المواثيق والمعاهدات الدولية وضربها بعرض الحائط. مضيفا ان هذه الصفقة التي وصفها بالقذرة والتي يصفها ترامب كمشروع يهدف إلى إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا تملك أي فرصة لتحقيق السلام وذلك لأن الولايات المتحدة خسرت دورها كوسيط وتحولت إلى حليف غير حيادي لإسرائيل، حيث ارجأت عرضها الى تلك اللحظة لمساعدة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالانتخابات المقبلة ولزيادة فرصته بتشكيل حكومة بعد فشله مرتين متتاليتين بالسنة الأخيرة من تشكيلها.

ضربة للتوافق والمواثيق الدولية المعتمدة منذ عقود من الدبلوماسية

أكمل السيد عثامنه أقواله بأن صفقة القرن تنص على منح السيادة الإسرائيلية الكاملة في جميع أنحاء القدس لإسرائيل وضم جميع مستوطنات الضفة الغربية التي يزيد عددها عن 100 مستوطنة بهدف منع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل كما وتتضمن كذلك إقامة دولة فلسطينية رمزية لا يمكن لأي زعيم فلسطيني أن يقبلها كما وسيتم حسب الصفقة تجريد الدولة الفلسطينية العتيدة من مراقبة الحدود وستكون السيطرة الأمنية على وادي الأردن لدولة اسرائيل التي ستبسط نفوذها على جميع الأراضي المفتوحة ( منطقة C ) في منطقة الضفة الغربية، وهذا ما يمثل نحو 30 في المائة من الضفة الغربية.

وتابع قائلا لمراسلة "بكرا": الصفقة تتحدث كذلك على ضرورة قبول جميع المطالب الأمنية الإسرائيلية، بالإضافة إلى تحديد بعض تبادل السيادة "المحدودة" على بعض الأراضي المتنازع عليها في الضفة الغربية مع اعتماد تعويض إقليمي بسيط في منطقة النقب.

وأضاف عثامنة ان هذا التوقيت للإعلان عن صفقة القرن هو لتحويل الأنظار قدر الإمكان عن قضايا الفساد لكل من دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، حيث يواجه الأول محاكمة لعزله والثاني تهماً بالفساد ورفع الحصانة. كذلك يأمل ترامب في ترسيخ شعبيته بين الناخبين المسيحيين المتشددين واليهود المتأثرين بكل ما له علاقة بإسرائيل كما يريد أيضا على الأرجح إعطاء دفع لنتنياهو "صديقه" الذي بات مستقبله السياسي على المحك. ويعتقد عثامنه الى أن نتنياهو يعتقد أن ذلك سيضعه في موقع قوة ليبقى رئيسا للوزراء في حكومة وحدة وطنية مستقبلية بعد الانتخابات بشهر اذار.

كما وأكمل السيد سامر عثامنه ان هذه الصفقة تشكل ضربة للتوافق والمواثيق الدولية المعتمدة منذ عقود من الدبلوماسية والذي تعتبره إدارة ترامب غير فعالة. أنهى السيد عثامنه أقواله إن على الجميع التصدي لهذه الصفقة الخطيرة والتي هي بمثابة تصفية للقضية والنضال الفلسطيني من أجل الاستقلال والحرية والتخلص من الاحتلال الغاشم وعلى السلطة الفلسطينية والقوى الأوروبية التي ما زالت تنادي بحل الدولتين الوقوف بقوة امام احتمال تنفيذها.

قانون القومية وصفقة ترامب هما عودة الى صراع الوجود

الناشط والمحلل السياسي عبد اللطيف حصري رأى ان صفقة القرن وقانون القومية هما عودة الى صراع الوجود. عشية تقسيمات سايكس بيكو قبل أكثر من قرن، كانت الوكالة اليهودية الجهة الوحيدة التي اعترضت على التقسيم، بل وأرسلت الوفود الى باريس ولندن للضغط على حكوماتها من أجل توسيع رقعة فلسطين، لتشمل مرتفعات الجولان وجنوب لبنان وصولا الى مدينة صيدا.

وتابع: فمن يعتقد أن المشروع الصهيوني سيقف عند صفقة ترامب واهم ولا يقرأ التاريخ. فقد كان قبول الوكالة اليهودية بقرار التقسيم عام 1947 تكتيكيا وليس استراتيجيا، ومع نهاية حرب العام 1948 كانت اسرائيل قد نسفت قرار التقسيم كمرجعية للحل وباتت نتائج الحرب وما خلقته العصابات الصهيونية على الأرض بقوة السلاح، هو الوحيد المتاح كمرجعية مرحلية احتاجها الكيان الصهيوني للمناورة وبناء الذات وليس للحل. حرب 67 حققت اندفاعة أخرى للمشروع الصهيوني، وسددت ضربة لمرجعية الحل المرحلية، وجاءت أوسلو قاضمة وناهشة لتلك المرجعية، في ظل اجراءات صهيونية على الارض كفيلة بتقويض حلم الاستقلال الفلسطيني وتقرير المصير.

ونوه قائلا: في واقع الأمر ليس بصفقة القرن ما يفوق عنصرية وسادية قانون القومية، لا بل يمكن لقانون القومية أن يشكل أساسا سياسيا وتشريعيا لإجراءات جيوسياسية سيقدم عليها الكيان الصهيوني في إطار صفقة القرن. ففي ظل اصطدام المشروع الصهيوني الاستيطاني بمفهومه الواسع بواقع ديمغرافي متفجر، بحيث بات يعيش في فلسطين التاريخية نحو 13 مليون نسمة نصفهم أو أكثر قليلا من الفلسطينيين، أصبحت اسرائيل أكثر انزلاقا نحو نظام الفصل العنصري وتجميع الفلسطينيين في معازل عرقية، بمعنى نظام أبرتهايد متكامل، لا سيما وأنها أخفقت في تطهير فلسطين عرقيا، ومشروعها لا يبشر بغير المزيد من الصدام الدموي. مع كل ما يبدو من نصر للمشروع الصهيوني، وتقويض حل الوسط التاريخي وما قدمته حركة التحرر الوطني الفلسطيني من تنازلات من أجل العيش المشترك، الا أن صفقة القرن من جهة وقانون القومية من جهة أخرى، وضعا الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي عند منعطف تاريخي حاد، وأعني عودة الصراع الى مربعه الأول، مربع صراع الوجود.

اسرائيل العهد الثاني

الناشط والمحلل السياسي إيهاب جبارين أشار انه لم يكن هنالك اي ظرف أفضل او اي فرصة أفضل لدولة اسرائيل مما يسمى صفقة القرن، بل هي أقرب ما تكون لرؤية بيغين حول اقامة الدولة الفلسطينية، وليس صدفة ان يشبه نتنياهو ما يحدث بقيام دولة اسرائيل 1948. من ناحية اسرائيلية نحن نتحدث عن هدية نتنياهو الانتخابية في ظل تقديم لائحة الاتهام ضده، بداية من يوم الأحد سيتم ضم غور الأردن، الأمر الذي بحاجة اغلبية بالكنيست وليس بحاجة لحكومة، ولكن ما بعد ذلك بمنظوري نتنياهو من الممكن ان يستغل تاريخ تنفيذ الاتفاقية وفق مصالحه الانتخابية بالتقسيط، مما يكسبه افضلية واغلبية بين معسكر اليمين.

وتابع: يمكن الحديث ان هذه الصفقة هي بمثابة اتفاقية بين يهود اسرائيل ويهود امريكا، مهندسي هذه الاتفاقية، أكثر مما تكون اتفاقية سلام اسرائيلية فلسطينية. على الصعيد الفلسطيني وفي ظل بعد القضية الفلسطينية عن الرأي العام العربي، سيضطر الفلسطينيون مواجهة عواقبها على حدا، اذ ان الشارع الفلسطيني قبل الساسة لن يوافق على كم التنازلات المطروحة مقابل اقامة شبه دويلة، اظن انها فرصة هامة في التاريخ الفلسطيني لإعلان المصالحة الفلسطينية لمواجهة صحيحة وصحية. بالمجمل عدى عن إعلان السيادة وإحلال القانون الإسرائيلي على المستوطنات وغور الأردن، من الصعب أن نرى المدى البعيد لتنفيذ هذه الصفقة، من كلا الجانبين الفلسطيني الموضوع تحت وطأة التنازلات، والإسرائيلي الذي سيضع تلكع الجانب الفلسطيني، كحجج عن تنفيذ باقي مرتبات الصفقة كالتنازل عن بعض المواقع جنوبي القطاع او البدئ بالنفق الرابط بين الضفة والقطاع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]