تَسبَّب شجار الرئيس الفرنسي مع الأمن الإسرائيلي على مدخل كنيسة بالقدس، في حرج كبير لإسرائيل وسرق الأضواء من نتنياهو الذي يحاول تلميع صورته، فيما سبّب رفض الرئيس الروسي الإفراج عن معتقلة إسرائيلية دون مكاسب، حرجاً كبيراً لحكومة نتنياهو.

بينما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى ترميم صورته على صعيد محلي ودولي في أعقاب سلسلة من الانتكاسات التي عصفت به مؤخراً، وكان أوّلها اهتزاز صورته محلّيّاً بسبب تهم الفساد التي وُجّهت إليه، ودوليّاً بعد رفض المجتمع الدولي خطواته الهادفة إلى ضمّ منطقة غور الأردن إلى إسرائيل بعد اعتراف الولايات المتحدة بضمّ الجولان السوري المحتلّ إليها، تسببت مواقف للرئيسين الروسي والفرنسي اللذين يزوران تل أبيب في حرج بالغ لحكومة نتنياهو، مما أدى بالإعلام إلى منحهما حيّزاً كبيراً، في ظل إحياء إسرائيل ذكرى ضحايا "المحرقة النازية".

وسعت حكومة نتنياهو، في ظل مشهد سياسي قاتم مع اقتراب الانتخابات التي يسعى نتنياهو للفوز بها بأي ثمن، إلى حشد عدد كبير من زعماء العالم في القدس المحتلة، كي يبدو تأييدهم لإسرائيل وتضامنهم معها في الذكرى 75 لضحايا المحرقة النازية، وهي محاولة من نتنياهو إلى كسب مزيد من الشرعية أمام الإسرائيليين قُبيل الانتخابات كما يرى محللون.

وقُبيل بدء فاعليات إحياء الذكرى، سيطرت تحضيرات استقبال الزعماء وقصص ضحايا المحرقة على عناوين وسائل الإعلام في إسرائيل، بيد أن مشهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يوبّخ عناصر الأمن الإسرائيلي ويطردهم من كنيسة قديمة في القدس المحتلة، حلّ محلّ تلك الأخبار، وتَصدَّر العناوين في إسرائيل والعالم.

ونشبت الأربعاء مشادة كلامية بين الرئيس الفرنسي ماكرون وعناصر من جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، في أثناء زيارته كنيسة "القديسة آن" في القدس المحتلة.

وأظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية كالنّار في الهشيم، ماكرون وهو يصرخ بوجه عناصر الأمن الإسرائيليين قائلاً: "ما فعلتموه أمامي لا يعجبني، عليكم المغادرة الآن".

ويضيف ماكرون موجهاً كلامه إلى أحد عناصر الأمن: "اخرج من فضلك، القواعد المتبعة هنا منذ عدة قرون لن تتغير معي، حسنٌ؟".

الكنيسة 

ونشبت هذه المشادة بسبب محاولة عناصر الأمن الإسرائيلي دخول الكنيسة التي تتبع ملكيتها الدولة الفرنسية، وقد بُنيت في القدس خلال القرن الثاني عشر، وهو ما رفضه الرئيس الفرنسي.

يُشار إلى أن شجار ماكرون مع الأمن أعاد إلى الإسرائيليين مشاهد من شجار شبيه، بين الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وعناصر في الشرطة الإسرائيلي خلال تسعينييات القرن الماضي، إذ هدّدهم حينها قائلاً: "هل تريدون أن أصعد إلى الطائرة وأعود إلى فرنسا؟".

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تحظى زيارته على وجه الخصوص بتغطية واسعة من الإعلام الإسرائيلي، فقد تسبب في المزيد من الحرج لحكومة نتنياهو، بخاصة في ظل إصراره على عدم الإفراج عن سجينة إسرائيلية اعتُقلت في روسيا بسبب حيازتها المخدرات، قبل خوض مفاوضات واسعة، والحصول على مكاسب كبيرة، رأت أوساط إسرائيلية أنها ضخمة وأكثر مما يستحقّ الأمر.

وقبل نحو عام اعتقلت السلطات الروسية في مطار موسكو مواطنة أمريكية-إسرائيلية تُدعى نعمة يسسخار بعد العثور بحوزتها على 7.5 غرام من المخدرات، وحُكم عليها بالسجن 7 سنوات ونصفاً، ومنذ ذلك الحين تمارس على حكومة نتنياهو ضغوطات كبيرة من أجل إطلاق سراحها، بيد أن جميع المساعي باءت بالفشل نتيجة الإصرار الروسي على عدم الإفراج عنها بلا مقابل.

وتشير صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو إلى أن حكومة هذا الأخير سعت إلى إعداد رزمة من الإجراءات التي من شأنها أن تُليّن موقف الرئيس بوتين في ما يتعلق بالسجينة الإسرائيلية.

وشكلت حكومة نتنياهو فريقاً سرياً للمفاوضات مع الروس يتزعمه الوزير زئيف إلكين وممثلون عن مكتب رئيس الحكومة، وأهم مهامّه العمل على تلبية المطالب الروسية مقابل الإفراج عن المواطنة الإسرائيلية المعتلقة.

وسلطت القناة 12 الإسرائيلية من جانبها الضوء على دور كبير يلعبه بطريرك المدينة المقدسة في الأردن وفلسطين للروم الأرثودكس ثيوفيلوس الثالث في هذه القضية، إذ يُعَدّ حلقة وصل رئيسية بين الحكومة الإسرائيلية ومكتب الرئيس الروسي.

وتقول القناة إن إسرائيل دفعت ثمناً باهظاً في هذا الملفّ، يتمثل في رزمة تسهيلات واسعة وتنازلات تستعد حكومة إسرائيل لتقديمها للروس مقابل الإفراج عن المعتقلة المتهمة بحيازة المخدرات، ولعل هذه التنازلات هي ما دفع بوتين إلى التعهُّد للبطريرك بالجلوس مع والدة المعتقلة، وهو ما حدث بالفعل.

والتقى بوتين يوم الخميس يافا يسسخار والدة المعتقلة في مدينة تل أبيب، وبعد اللقاء مباشرة قالت يسسخار إن الرئيس بوتين قال لها إن "كل شيء سيكون على ما يرام".

واستبق بنيامين نتنياهو زيارة بوتين بنشر مقطع فيديو على صفحة رئاسة الوزراء، قال فيه إنه سيلتقي الرئيس بوتين الخميس لمناقشة قضية المعتقلة الإسرائيلية، مضيفاً: "وآمل مثلكم أن نسمع أخباراً جيدة".

وترى أوساط إسرائيلية أن حكومة نتنياهو لم تنجح في إدارة ملفّ المعتقلة في روسيا، إذ سعت لتقديم كثير من التنازلات قبل الحصول على أي موقف من الرئيس بوتين.

تسوية الأوضاع 

وتشير القناة 13 الإسرائيلية إلى أن روسيا طلبت من إسرائيل تسوية الأوضاع القانونية لممتلكات في مدينة القدس المحتلة، ونقل ملكيتها للكنيسة الروسية، وهو ما وافقت عليه حكومة نتنياهو، حسب تسريبات غير رسمية.

وما زالت الأنباء حول الصفقة المذكورة متضاربة في الإعلام الإسرائيلي، ففي الوقت الذي تشير فيه صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى أن الحديث يدور عن تسوية قانونية لما يعرف بميدان "أليكساندر" في القدس ونقله إلى الملكية الروسية، تشير صحيفة معاريف إلى أن الصفقة تتمحور حول موقع المسكوبية في البلدة القديمة، وهو موقع محاذٍ لكنيسة القيامة، وهو موقع روسي يضمّ كاتدرائية الثالوث الأقدس ومباني أخرى، أُنشئت خلال القرن التاسع عشر.

المصدر: TRT عربي - وكالات

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]