لطالما اثرت عوامل كثيرة على الحالة الاقتصادية في إسرائيل الا انها كانت ازمات مؤقتة استطاعت الحكومة الإسرائيلية تجاوزها من خلال خطط واستراتيجيات متينة تمكنت من خلالها أيضا تقوية الاستثمارات الخارجية ورفعت مدخولات الخزينة، الا انه في الأشهر الأخيرة يعجز النظام الحكومي عن ترتيب الأمور اقتصاديا بسبب الازمة السياسية المستمرة وإعادة الانتخابات التي تسبب بالأساس بتخصيص موال طائلة لذلك وتحويلها الى الأحزاب ما يسبب كارثة على الهيكل الاقتصادي ويعتبر عبئا ثقيلا يتحمله المواطن العربي واليهودي دون رعاية واهتمام من أصحاب السلطة اذ بات من الواضح ان ما يدور هو صراع بين قوى سياسية ضاربين بعرض الحائط مصلحة المواطن التي يجب ان تكون في المقام الأول.
الاقتصاد الإسرائيلي على حافة الهاوية والمواطن هو الضحية
د. رمزي حلبي الخبير الاقتصادي قال ل "بكرا": بالنسبة لموضوع الانتخابات وتحويل أموال هائلة الى الأحزاب وعدم تحويل ميزانيات حساسة ومهمة جدا اجتماعيا واقتصاديا هو وضع مأساوي ونحن على عتبة الانتخابات الثالثة لهذا العام، أولا يوم الانتخابات يكلف حوالي 5 مليار شيكل وحوالي 700 مليون شيكل تحول الى الأحزاب والى لجنة الانتخابات ولكن بالإضافة الى ذلك هناك تراجع بالنمو الاقتصادي في إسرائيل وقد رأينا ان هناك توقعات بان يرتفع النمو الاقتصادي ولكن لاحظنا ان النمو الاقتصادي يتراجع وهي اخبار مقلقة خاصة وان الاستثمارات الخارجية تكون اقل بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي ينعكس سلبا على الاستقرار الاقتصادي وعلى الاستثمارات الخارجية ومدخولات الدولة من ضرائب وامور أخرى.
وتابع: الى جانب ذلك، نرى ان العجز المالي الذي توقع ان يكون 2.9% يصل الان الى 4% أي اننا نتخطى مبلغ 50 مليار شيكل في العجز الحكومي وهذا معناه ان الحكومة لن تستطيع في العام القادم ان تعمل بشكل ناجع خاصة انه عليها ان تقلص ما يقارب 30 مليار شيكل من ميزانيات عام 2020 وهذه الأمور سيدفع ثمنها المواطن وخاصة الطبقات الضعيفة لأننا نرى ان هناك عدم تحويل أموال كافية الى وزارة الرفاه الاجتماعي والى السلطات المحلية وجهاز الصحة والى أمور حساسة جدا تنعكس سلبا على صحة المواطن وعلى المعيشة.
ونوه قائلا: هذه الأمور مجتمعة تقول ان الركود السياسي وعدم اتخاذ القرارات بالنسبة لسلم الافضليات والاولويات تعود بالضرر على الاقتصاد الإسرائيلي عامة وعلى المجتمع الإسرائيلي، ولاحظنا ان تقرير التأمين الوطني عن الفقر يشير الى معطيات مقلقة وهناك انعكاسات سلبية وفي المجتمع العربي نعلم ان نسبة العائلات الفقيرة تخطت ال 45%.
كل ذلك من اجل مصير انسان واحد وهو رئيس الحكومة المتهم بقضايا فساد
كما أشار د. حلبي الى ان ميزانيات العام 2020 ستدار بهذه الطريقة: ستأخذ ميزانيات العام 2019 بدون أي تغيير او تصحيح او ان يكون هناك أي ملائمة للواقع الجديد التي تتواجد فيه الدولة، وتوزع على 12-1 كل شهر تأخذ هذه الكمية او النسبة من ميزانيات العام 2019 ونحن نتوقع انه من خلال هذه النسبة تكون عالاقل خمسة اشهر ضائعة في الاقتصاد الإسرائيلي للعام 2020 واذا اخذنا بعين الاعتبار ان العام 2019 كان عاما ضائعا من الناحية الاقتصادية لم تتخذ قرارات تساعد على النمو الاقتصادي وتغيير الافضليات هناك خطر كبير جدا على حافة الهاوية وفي نهاية الامر سندفع جميعنا ثمن هذا الموضوع.
وختاما قال: كل حزب يحصل على ميزانية حسب عدد المقاعد في الكنيست لذلك هناك أحزاب ستحصل على أموالا طائلة والمؤسف جدا انه حسب التوقعات لا نرى تغيير جذري في نتائج الانتخابات، المواطن لا يغير رأيه لذلك التوقعات ان نعود الى هذه التخبطات وكل ذلك من اجل مصير انسان واحد وهو رئيس الحكومة المتهم بقضايا فساد واختلاس أموال ورشوة هذه الأمور مقلقة في دولة متواجدة في محيط من المشاكل السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.
ثمن الذي يدفعه المواطن البسيط مقابل النزوات والمغامرات تصل الى 20713
بدوره د. ياسر عوادي المحاضر والخبير الاقتصادي رأى ان يكون تعقيبه مختلفا هذه المرة ومعمقا بصورة أكبر نظرا لأهمية الموضوع وقال موضحا: ضخ الميزانيات الهائلة لتمويل نزوات ومغامرات مبتدئين معزولون عن الواقع، طالما تحدثنا عن الانتخابات التي باتت نقمة ومنهج ضريبي كالمارد يجلس فوق صدور العائلات الفقيرة والمتوسطة. باتت هذه الشرائح تمول نزوات ومغامرات لسياسيين مبتدئين ومعزولون عن الواقع. مفاتيح العدل الاجتماعي والاقتصادي باتت لغة غريبة وغير مستعملة بالواقع الإسرائيلي ولا تبت بصلة بحال الشرائح الفقيرة والمتوسطة.
ضخ الميزانيات الهائلة لتمويل نزوات سياسية تؤلم القاصي والبعيد، وكل مواطن يؤمن بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية لكل مواطن في هذه الدولة (عربا ويهودا) دون علاقة لأصله وفصله. نتمعن مرة أخرى في هذه الميزانيات كما هو مبين بالجدول المرفق مع الصور.
وأضاف: هذه المبالغ الهائلة تدوي براس كل مواطن في هذه البلاد. المواطن البسيط سوف يضخ في السنوات القادمة حوالي 26.7 مليار شاقل. لنترك المبالغ التابعة لموعد انتخابات نيسان 2019 (الثمن الحقيقي للديمقراطية)، فنجد ان ثمن الذي يدفعه المواطن البسيط مقابل النزوات والمغامرات تصل الى 20713 (20 مليار و713 مليون شاقل)، أي 4.1% من ميزانية الدولة لسنة 2019 (ميزانية الدولة لسنة 2019 كانت 480 مليار شاقل).
الواقع يختلف عن تطلعات الساسة ومتخذي القرار
وقال: هذه النفقات الزائدة تكفي لتوسيع جعبة سل الادوية ليصل لكل مواطن بالدولة وبدون حدود او استثناءات وافتتاح 3 مستشفيات مع كل اللوازم وبسعة 1300 سرير لكل واحد وتخفيض نسبة الفقر الى المستوى الأدنى كما هو الحال بالعالم الاسكندنافي إضافة الى الارتقاء والاستثمار الحقيقي بجهاز التعليم العربي بكل المستويات واغلاق الفجوات بينه وبين جهاز التعليم اليهودي (فجوات عمرها أكثر من 70 سنة)، وحل مشكلة البناء لغرف التدريس الناقصة في جهاز التربية والتعليم بشكل عام، وفي المجتمع العربي بشكل خاص. بنية تحتية للمواصلات العامة (شوارع، قطارات، ووسائل عامة أخرى) لربط المناطق البعيدة عن المركز (في الشمال والجنوب) بشكل امن واقتصادي. حل الازمه السكنية للمجتمع العربي واليهودي بشكل جذري.
واختتم قائلا: لا يبقى لي الا ان نقول التعارض بين تطلعات شرائح المجتمع وخاصة الشرائح الفقيرة والمتوسطة لا تتلاءم ولا تبت بصلة بتطلعات الساسة ومتخذي القرار (من اعلى الهرم الحكمي الى اخر الساسة في المجالس والبلديات). الا يظن البعض ان الساعة مواتية وحتمية ليعلوا صوت هذه الشرائح ضد الاجحاف ضدهم.
سابقة مدمرة
اما الخبير الاقتصادي هاني نجم فقال: عدم الاستقرار السياسي في الدولة يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن. كما نعلم لم تتم الموافقة على ميزانية 2020 وستعمل الدولة لأول مره بنظام مميز يخصص 1/12من ميزانية 2019 لكل شهر من سنة 2020 اضافة لارتفاع جدول غلاء المعيشة المشكلة ان هناك صعوبة كبيره في ادارة ميزانيه شهريه والكثير من الميزانيات المخصصة لمشاريع اجتماعيه وتطويريه لن يتم استغلالها، اضافة لذلك هناك ميزانيات ضخمه مخصصه لمشاريع اجتماعيه يتم المصادقة عليها عادة من خارج الميزانية العادية هذه السنة لن تكون هناك امكانيه لصرفها.
هذا كله بالإضافة الى التكلفة الباهظة للانتخابات ليس فقط التكلفة المباشرة التي توزع على الاحزاب ولجنة الانتخابات بل كذلك التكلفة من يوم عطله في كل المرافق التي يمولها غالبا اصحاب المصالح وتقدر تكلفة الانتخابات الكلية ب 1.5 مليار شيكل. نتأمل ان تحسم الجولة القادمة الأمر لصالح مجتمعنا العربي ولصالح استقرار سياسي واقتصادي في الدولة والا فان الثمن سيكون كبيرا يدفعه كل مواطن خلال السنوات القادمة.
وقال المحامي والناشط رضا عنبوسي: الانتخابات المرتقبة تعد سابقه بالتاريخ السياسي الاسرائيلي وتبعياتها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية أكبر. المواطن العادي سيعي بالأشهر والسنوات القادمة اضرار الوضع الحالي على حياته. قبل ايام نشر عن ان مستوى المديونية الحكومية ارتفع وتعدى الحد الاعلى له. الى جانب ذلك نشر ان قسم الميزانيات خفض توقعات النمو للعام الحالي. هذان المعطيان وحدهما سيؤديان حتما بتقليص الخدمات للمواطنين، رفع الضرائب او تخفيض المخصصات الحكومية على جميع الفئات وبالذات تلك التي تتلقاها وتحتاجها أكثر من غيرها وهي الفئات العاملة والفقيرة. قد تتعدى عقبات الانتخابات والغموض السياسي ذلك وتؤدي الى انحسار الاقتصاد وتقليص الاستثمارات. على المواطن العادي ان يتهيأ لذلك والامتناع قدر الامكان من الالتزام بمصروفات ماليه مستقبليه.
[email protected]
أضف تعليق