في التقرير الأخير حول حوادث القتل في فرع البناء والصناعة في إسرائيل لوزارة العمل، برزت معطيات خطيرة تكشف عن اهمال دقيق ومباشر في الحد من عدد الضحايا من العمال وخصوصا العرب من خلال وسائل الحماية المباشرة والغير المباشرة، اذ ظهر ارتفاع كبير في عدد الوفيات في العام الأخير إضافة الى انعدام الشفافية والتضليل في وسائل الرقابة والسلامة من قبل الوزارة بحسب المؤسسات التي تعمل على مكافحة حوادث العمل.
الدكتورة هداس تاجري، مديرة "مجموعة مكافحة حوادث البناء والصناعة" قالت بدورها ل "بكرا": تؤكد البيانات الجديدة التي كشف عنها تقرير المدير التنفيذي ما عرفناه في "مجموعة حوادث البناء والصناعة" لفترة طويلة اننا نحن في خضم أزمة غير مسبوقة بشأن سلامة العمال في إسرائيل. على الرغم من أن التقرير يتضمن العديد من الرسوم البيانية الملونة، إلا أن المعلومات الأكثر أهمية ليست مثيرة للإعجاب - فقد ارتفعت معدلات الوفيات في الحوادث المميتة في جميع قطاعات التوظيف بنسبة 56 ٪ على مدار العامين الماضيين من 1.26 حالة وفاة لكل 100،000 شخص في عام 2017 إلى 1.97 موظفًا في 2019، أعلى رقم في العقد الماضي والذي كان حتى عام 2017 يتسم بانخفاض ثابت تقريبًا في معدل الحوادث المميتة.
وتابعت: يشير التقرير إلى زيادة عدد الوفيات خلال هذه الفترة في البناء (من 10 إلى 13.1 لكل 100،000 عامل)، ولكن للأسف على عكس التقارير السابقة، لا يشير إلى الوفيات في قطاعات التصنيع والتجارة والخدمات. ومع ذلك، فإننا ندرك جيدًا أنه حدث ارتفاع كبير في عدد الحوادث المرتبطة بالعمل في هذه المهن على مدار العامين الماضيين، من 20 حالة وفاة في عام 2017 إلى 47 حالة وفاة في عام 2019. كما هو الحال في مجموعة المباني والحوادث الصناعية بعد تنبيهنا لأكثر من عام، أدى الاهتمام العام الذي استطعنا أن نثيره في السنوات الأخيرة الى التركيز على وسائل السلامة في مواقع البناء وتهميشها في الصناعة والخدمات والتجارة، مما أدى إلى عواقب وخيمة.
انعدام الشفافية!
ونوهت قائلة: لسوء الحظ، حتى في هذا التقرير، من المستحيل تأكيد وضع مفتشي السلامة في إدارة السلامة المهنية، يزعم التقرير أنه تم تعيين 50 مشرفًا جديدًا في العام الماضي، ويمكن الاستنتاج من ذلك أن العدد الإجمالي للمشرفين يبلغ الآن حوالي 70 مشرفًا. ونحن نعلم انه كان عدد مفتشي السلامة في السنوات الأخيرة وحتى عام تقريبًا حوالي 60 مفتشًا، بحيث يشير وضع 70 مفتشًا إلى زيادة طفيفة فقط، وينبغي أن تكون لدى وزارة العمل والرفاه الاجتماعي شفافة حول عدد مفتشي السلامة المسؤولين عن سلامة العمال في إسرائيل وبعضهم المسؤول عن قطاعات البناء والصناعة والتجارة والخدمات.
ووجهت أصابع الاتهام الى الحكومة وقالت: تنجم أزمة سلامة العمال عن الأولويات الحكومية الضعيفة، نظرًا للضعف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لسكان الطبقة العاملة - تكشف مجموعة بيانات حوادث العمال الخطرين أن معظم القتلى في حوادث العمل هم من المواطنين العرب والمقيمين في السلطة الفلسطينية - وهم يشكلون 85 ٪ من جميع الوفيات. كل هذه النتائج تؤدي إلى نقص الردع وعدم تخصيص الموارد الرقابية والتنظيمية المناسبة. تتطلب حل هذه الأزمة سلسلة من الإجراءات القصيرة والطويلة الأمد التي تزيد بشكل رئيسي من الرقابة وتسبب رادعا مؤلما عن انتهاكات السلامة: فتح خط ساخن للشكاوى المتعلقة بانتهاكات السلامة في إدارة السلامة المهنية (المنصوص عليها في اتفاقية السلامة ولا تنفذ كما هو مطلوب) ، وفرض عقوبات مالية على انتهاكات السلامة (تم إيقافها لأكثر من عام) ، وإجراء تحقيقات جنائية فعالة في الحوادث المميتة وتوجيه الاتهامات ضد المسؤولين ، والتشريعات الواعدة التي من شأنها أن تمتد مسؤولية بناء أمن الموقع لتشمل رواد الأعمال والشركات الكبرى وأصحاب المشاريع والمقاولين ، وتنفيذ حساب المحاسب العام لتعليق شركات المقاولات. نطالب بالتشجيع الفوري لإنشاء هيئة وطنية لسلامة الموظفين، والتي ستوحد إدارة السلامة المهنية مع معهد السلامة والصحة، والتي سيتم منحها صلاحيات موسعة ومتزايدة على النحو الموصى به من قبل لجنة. يستحق العمال المسؤولون عن تشييد المباني والبنية التحتية في البلاد، والعمل في مصانعها، أن تضمن الدولة بعد يوم عملهم الصعب العودة إلى ديارهم بأمان.
2019 حصد حياة 86 عاملا نتيجة حوادث العمل، ارتفاع بمعدل 23% بعدد القتلى
رامي شومر من جمعية حقوق العامل قال بدوره: تقرير وزارة العمل يؤكد ما أشرنا اليه بان عدد حوادث العمل القاتلة عام 2019 كان الأعلى بالعقدين السابقين. تجدر الإشارة ان وزارة العمل لم تقم بنشر أي تقرير حول حوادث العمل على مر سنتين وبعد غياب متواصل قامت بنشر تقريرها الذي يؤكد ما قلناه في جمعية "عنوان العامل" على مر العام الاخير، وهو الارتفاع الملحوظ والخطير في حوادث العمل في كافة القطاعات وليس فقط في فرع البناء.
ونوه قائلا: عام 2019 حصد حياة 86 عاملا نتيجة حوادث العمل، ارتفاع بمعدل 23% بعدد القتلى، مقارنة بعام 2018. هذا الواقع الأليم هو نتيجة شحة موارد المراقبة وانعدام آليات المحاسبة والردع. عدد مراقبي وزارة العمل منخفض جدا، ودولة مثل إسرائيل تحتاج الى 400 مراقبا وفقا لمفتاح منظمة ال OECD. أضف لهذا أن الوزارة لم تستعن هذا العام بآليات الردع التي بحوزتها ولم تحرر أي غرامة مادية ضد أي مشغل/مقاول منذ ابريل 2018. هذا الاهمال ينعكس ايضا في فشل التحقيقات الجنائية وعدم محاسبة المشغلين. كان من المفترض ان اقامة وحدة الشرطة القطرية للتحقيق في حوادث العمل "بيليس"، مع بداية 2019، أن تساهم في زيادة التحقيقات الجنائية وتنجعيها، الا أن الوحدة اختارت التحقيق هذا العام في 4 حوادث عمل فقط أدّت لمقتل عمال بناء.
[email protected]
أضف تعليق