وما غزيت البشرية بشيء أخطر من المرأة، هكذا افتتح خطيب جمعة في مدينة اللد خطبته قبل أسابيع ليست بالقليلة محرضا ضد مجموعة من النساء العربيات اللواتي قمن بعرض دبكة فلسطينية وتراث فلسطيني كخطوة لإحيائها والمحافظة عليها في بلدة تحاول بلديتها ان تمحو كل ما هو فلسطيني، ولم تقتصر مهاجمة الخطيب على النساء بل أيضا هاجم المركز الجماهيري في اللد "شيكاجو" الذي تجري فيه هذه العروض النسائية واصفا إياه مركزا للدعارة بل واسوأ من ذلك علما ان هذا المركز نفسه كان في الإدارة السابقة للبلدية مهمشا ومحرضا على العرب بينما دأب العرب في اللد من ناشطين واعضاء بلدية على فرض اجندتهم الفلسطينية وعروبتهم على المركز حتى يكون لهم اليوم جزء كبيرا من نشاطاته وفعالياته الثقافية والتراثية وغيرها. أسئلة كثيرة تطرح حول السبب في شرعنة وحل قتل المرأة العربية في البلاد لعل الأجوبة تبدأ من على منابر الخطباء في المساجد ورجال الدين.

كأن دورة دبكة للنساء تجرح كرامة وشرف الرجل

الناشطة النسوية والاجتماعية سماح سلايمة عقبت بدورها على الموضوع: لقد رأيت الفيديوهات والصور من مهرجان الدبكة في المركز الجماهيري "شيكاجو" في اللد، رأيت نساء فرحات ومسرورات بالدبكة الفلسطينية، الثوب المطرز والجمعة الحلوة والجمهور المشجع والداعم وفرحت جدا وتذكرت دبكات النساء في الاعراس والافراح وتراثنا من أيام المجوز واليرغول والدبكة الشمالية، هذا هو الفرح، وفي ديننا فرح كبير وهناك من يحاسبنا عليه، هذه هي المرأة الفلسطينية الأصيلة، تعرف ان تقاوم وتصمد، تتعب وتعمل بجد وتفرح وتدخل البهجة بيتها. لأنه كلنا رجال ونساء نحب الحياة وواجبنا ان نتمتع فيها وسمعت خطبة شيخ ما في جامع باللد خطب بعبارات قاسية ومحرضة ضد دبكة النساء ويا ليته استخدم أي مصدر ديني او آية قرآنية تمنع النساء من الفرح او الرقص بل خطب ليدغدغ حمية الرجل العربي ليستفز مشاعره ودمه الحار "فكيف ترضى ان تتمايل وترقص زوجتك واختك وأمك" كأن دورة دبكة للنساء تجرح كرامة وشرف الرجل

وتابعت: التحريض واثارة الفتن ضد اي عمل اجتماعي او نشاط ثقافي لا يروق لبعض الرجال، من على منصات الجوامع امام مصلين كثر يسمعون ويتأثرون بذاك الخطيب الغاضب هو أخطر وأصعب على المجتمع من اي دورة للنساء في اي مكان، سيعود مئات الرجال الى بيوتهم بعد الصلاة وبعد الخطبة كارهين وغاضبين وخائفين مما قد تفعله الإناث.

اين الإباحية؟!

حورية السعدي احدى سيدات فرقة الدبكة قالت بدورها معقبة: ترددت قبل كتابة هذا النص مع انه يتغلغل داخلي أكثر من شهرين. اود ان اوضح انا لا افتي بالدين وما اكتبه هو رأيي الشخصي فقط والموضوع دورة الدبكة للنساء. والتي بدأت الانتقادات والقصص والنميمة حولها حتى قبل العرض. واطرح سؤالي الاولي قبل الاستمرار: اين الجرم؟ اين العيب؟ اين الاباحية؟ هل الفرح الذي يدخل قلب النساء، ممنوع؟ هل تحقيق رغبة وامنية امرأة بات جرم مشهود يستدعي الاستهتار والقذف والتحريض؟ اي مجتمع نحن؟ ندعي محاربة العنف والاضطهاد والكره علنا لكن في الباطن نحن غير ذلك. لا اريد ان اعمم لكن ما قيل في حق عرض نساء الدبكة يعتبر تحريضا ودعوة للعنف واريد ان اكون متطرفة الى ابعد الحدود نفرض ان أحد "الغيورين" كما وصفهم شيخ ما من سمع الخطبة كان اخ او زوج او ابن احدى المشتركات ورجع حانقا غاضبا واعتدى عليها ضربا او شتما او قتلا فهل هذا يشبع رغباتكم؟ وتشعرون بالبطولة وتغيير واقع والقضاء على الفسق؟ ويكون عنوان القتل " قتل على خلفية شرف العائلة" طبعا انا ابالغ جدا جدا لكن الامر وارد. لان كل من شارك بالعرض رجالا ونساء اثنوا علية وفرحوا به جدا خاصة وان فنون الدبكة شبه منعدمه في منطقتنا وشكروا القيميين على هذا وليس ذلك فحسب حضر ازواج واولاد وأخوة المشتركات وكانوا فخورين بهن جدا جدا. وهنالك من قدم باقات ورود هل سمعتم بكلمة التراث الفلسطيني؟ التاريخ؟

رضا الناس غاية لا تدرك

وأضافت: بودي ان اعود قليلا بالسنوات كوني بالغة في السن وإحدى المشتركات بفرقة الدبكة وافتخر بذلك اذكر ايام الافراح وزفات العريس كانت النساء تتقدم الزفة بالرقص والزغاريد وتأدية الاغاني التراثية، لا عنف. لا قتل لا هدم بيوت.... لا نعاني من العنصرية.. اخلاقنا راقية. تسامح بين الناس. وضع التعليم فوق العادة. لا يوجد فقر. لا سبب للتصدق وفعل الخير لأنه وضعنا جيد. لا يوجد جوع. اولادنا في اطر راقية آمنة لا خوف عليهم. مدارسنا تضاهي القصور لا يوجد مقاهي لدينا الكثير من المكتبات ودور الثقافة. ما يشوب مجتمعنا وبلدنا اللد واتقصد بمدينة اللد هو دبكة النساء. يعصرني الحزن والالم وانا أقول هذا. لأنه فقط هنا وفقط باللد هذا عيب وحرام. لم اسمع في اي بلد في فلسطين عامة كانت خطبة او فتوى قاسية حول دبكة تشارك بها نساء مع انها كثيرة في العالم العربي خاصة وفي مدن فلسطين عامة وهي أرقى انواع الفن والتي بحركاتها تظهر التشبث في الارض وحب الوطن وقوة اليدين التي تعبر عن عدم التنازل والجبروت ومعظم حركات الدبكة هي الخبط في الارجل على الارض وبقوة. الدبكة كلام خفي ورسالة مبطنه احيانا من خلال حركات فنية كل مدرب له طريقته الخاصة بتعبيرها.

ونوهت: الامر الذي يدعو للاستغراب بأن الغرب يحبون ويقدرون تراثنا بالذات لوجود النساء به وأحيانا تصدره ويسارعون بحضور العروض المختلفة لأنهن الاصل عروض الدبكة تملأ القاعات والساحات في الغرب اما نحن فحدث ولا حرج. لماذا بدل الاساءة وانتقاد فعاليات الدبكة نطري لأحياء التراث اريد ان اختم كلامي وملامي يا نسائي يا صديقاتي يا شريكاتي في فرقة الدبكة ارفعن رأسكن عاليا وسنستمر برسم احلامنا ورغباتنا وتحقيقها كما نريدها نحن وليس كما يريدها غيرنا لأننا مسؤولات عن سعادتنا وراحتنا واختياراتنا لأنه من الواضح ان ما نرغب به ويسعدنا يزعج الغير فليكن، رضا الناس غاية لا تدرك انا لا استهتر بالدين معاذ الله انا وجميع بنات الدبكة نقيم صلاتنا وقريبات الى الله بطريقتنا لا احد يحق له التدخل بعلاقة الانسان بربه وايضا بعائلته دعوا الخلق للخالق.

اليمين المتطرف في اللد سيستغل الفرصة وسيمنعنا من دخول المركز الجماهيري من جديد

مها النقيب ناشطة نسوية وعضو بلدية اللد قالت بدورها: انا شخصيا لا اعلم من هو الشخص الذي تفوه بهذه العبارات التحريضية، ولكن قبل أكثر من عشرة سنوات كان مغلق ومنع العرب من دخوله وخضنا نضال طويل حتى يسمح للعرب دخوله، نتحدث عن مظاهرات وجلسات في الكنيست وعمل كثير حتى يحق للعرب التواجد في المركز الجماهيري وان يكون لهم حق في الفعاليات والنشاطات، وانا استغرب من محاولة أحد الشخصيات التحريض على المركز الجماهيري وهو امر مشكوك فيه. نحن نريد ان يستمر المركز الجماهيري بفعاليات لنسائنا وابنائنا العرب خصوصا وان اليمين في بلدية اللد سيستغلون الفرصة ويقولون ان العرب لا يريدون نشاطات وفعاليات في المركز الجماهيري.

ونوهت: نحن نتحدث عن الدبكة والمحافظة على تراثنا، نحن نتحدث عن نساء بالخمسينات وجزء منهم أمهات وجدات، نحن لا نتحدث عن شابات صغيرات، كما ان الجمهور الذي يزور المركز الجماهيري عبارة عن نساء، التحريض ليس بمكانه والنوايا من وراء التحريض غير مقبولة، وانا شخصيا سأنضم الى فرقة الدبكة واشاركهم عروضاتهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]