يعتقد المرء انه مه بداية عام جديد وانتهاء اخر سيطرأ تحسن على الاقتصاد الإسرائيلي عموما واقتصاد المجتمع العربي بشكل خاص خصوصا مع تطور الإنتاج الإسرائيلي وتوسعه عالميا وفي ظل الحديث عن شركات ناشئة كبيرة وتقدم في مجالات مختلفة منها الصناعات المتقدمة والتقنيات المتقدمة، الا ان تقارير التأمين الوطني وتقارير نهاية العام تثبت وتكشف ان إسرائيل من سيء الى سواء في حال مواطنيها وما زالت تعتبر من اكثر الدولة فقرا في العالم وتفاقما في الفجوات الطبقية والاقتصادية بين العرب واليهود وبين اليهود واليهود وبالرغم من ذلك تستمر الحكومة بدعمها للرأسماليين في ظل انعدام الميزانيات بسبب الازمة السياسية التي تمر بها البلاد.
القيادات العربية تنظر الى القاعدة المجتمعية كمخزن للأصوات
المحلل والخبير الاقتصادي د. وائل كريم قال ل "بكرا" حول الموضوع: ان الفقر المتزايد في أوساط المجتمع العربي يشكل الخطر الأكبر الذي يهدد كينونتنا على هذه الأرض، وهو المسبب الأساسي للفساد والعنف المستشري في جنبات هذه الامه. عندما يكون غالبية أطفال هذا المجتمع فقراء، فمن الطبيعي ان ينزلقوا الى مستنقع العنف والجريمة، خاصة عندما ينتمون لعائلات فقيره لا تستطيع تأمين تعليمهم وانخراطهم السليم في مجتمع هو أصلا يعاني من ظواهر اجتماعيه متدنية، تنعدم فيه القيم الإنسانية التي تجبره على سلوك الفردية وتنزع شعور الانتماء عند الفرد لشعبه.
وتابع: للأسف فان القيادات العربية التي نشأت احيانا من الطبقية والفردية، تنظر الى القاعدة المجتمعية كمخزن للأصوات لا تعبره الا في وقت الانتخابات، لهذا فهي تسلك مسار التنظير والعنجهية احيانا دون الخوض الجدي في مخاطر المرحلة والحلول لانتشال هذا المجتمع من مستنقع الفقر والجريمة.
مجالس استشارية مهنيه
وأضاف ل "بكرا": على اي قياده لأقلية عرقيه في اي مكان في العالم ان تطرح اجندات عمل واضحة وتخضعها لحكم الجمهور حتى تحصل على ثقة الناخبين، لا ان تنصب نفسها وصيه على الناس وان التصويت لها هو امر مفروغ منه وغير قابل للنقاش او المطالبة والمسائلة. تخبط القيادات في طرحها للعمل السياسي، وعدم التواصل الدائم مع المجتمع من خلال بناء اطر وطواقم عمل ومجالس استشاره مهنيه هو المرض العضال الذي يواجه عملها السياسي.
وأشار: من هنا فلا بد من اللجوء الى إقامة مجالس استشارية مهنيه تقوم بإعداد خطط وحلول مقترحه لتنظيم النضال المجتمعي وفتح المجال لطاقات مهنيه جبارة موجودة في هذا المجتمع بمقدورها ان تنهض بهذا المجتمع نحو الخلاص. كما ان التكاتف المجتمعي يبدأ من تلاحم القيادة واستثمار ميزانياتها الانتخابية التي وصلت الى عشرات الملايين في الجولات الانتخابية الأخيرة لبناء طواقم استشاره دائمة تدعم عملها البرلماني وترشده نحو الأفضل. كما ان اشراك الحكم المحلي ورجال الأعمال العرب في هذه الطواقم من شأنه ان يقوي النضال ويشكل مجموعات ضغط امام الحكومة وكذلك امام القوى الفاسدة التي تعبث بنا
واقع مؤلم ومرير لمجتمعنا!
مدير مركز جفعات حبيبة محمد دراوشة قال بدوره: تقرير الفقر يشمل هذه المعطيات التي تظهر بالأساس انه لم يطرأ اي تغيير يذكر على واقعنا الاقتصادي. ما زال نصف مجتمعنا يقبع تحت وطأة الفقر الذي يثقل على كاهل قطاعات كبيره، وخاصة الأطفال وكبار السن. الوزن السياسي الضئيل لمندوبينا لا يعطيهم الثقل المطلوب للتأثير الحقيقي على متخذي القرار وعلى الميزانيات في اسرائيل، ولذلك تستمر هذه الآفة على ما هي لمدة سنوات بدون حلول كالتي التي تعطيها الدولة لقطاعات لها ثقل سياسي، مثل المستوطنين والمهاجرين الروس وكبار السن الأشكناز في الدولة.
وتابع: نحن لا نحسن اللعبة السياسية المؤثرة، ونكتفي بالفتات لمجتمعنا. وها هو قد مرَّ علينا تقرير الفقر مرور الكِرام، بدون ان يثير نقاش او جدل واسع، وبدون ان تعير له قياداتنا اهتماماً حقيقياً، بالرغم من ان معطياته عن المجتمع العربي كارثية.
كما ذكر دراوشة بعض المعطيات قائلا: 45.3 من العائلات و47.4 من الافراد و57.8 من الأطفال و55.9 من كبار السن كل هؤلاء فقراء. لا يملكون كفايتهم من الغذاء واللباس والتعليم والصحة وأدنى مستويات الرفاهية. ولكن على ما يبدو هذا الموضوع ليس بهذه الأهمية لمن يجلس على كرسيه، ومشغول بالأساس لضمان بقائه هناك. كم هو مؤلم هذا الواقع المرير لنصف مجتمعنا.
مجتمع يعيش في فقر هو مجتمع مريض ويموت
المحامية والاقتصادية لنا ورور قالت حول الموضوع ل "بكرا": تقرير الفقر السنوي هو مؤشر هام جدا لتقييم الوضع الاقتصادي للسكان. التقرير الجديد يؤكد ان ظاهرة الفقر في المجتمع العربي لم تعد مجرد ظاهرة عابرة الا ان المجتمع العربي يعيش في فقر مستمر. النسب المئوية تزداد وتزداد معها خطورة الوضع. عدم تسجيل اي تغيير ايجابي يلحظ في المعطيات يؤكد على انه لا توجد خطة مدروسة لعلاج الوضع. ليس فقط على نطاق المجتمع العربي وانما على نطاق الدولة اجمع. على قيادة المجتمع وممثليه ادراج الموضوع على سلم اولوياتهم عند تشكيل حكومة والمطالبة بحل جذري لوضع مجتمعنا يشمل ميزانيات تخصص لمعالجة الفقر، بناء خطة مشتركة لكل الدوائر تشمل التربية والتوعية، الصحة والعمل. مجتمع يعيش في فقر هو مجتمع مريض وعدم علاج المرض يؤدي الى موت مجتمعنا موتا بطيئا. حتى لا نصل الى هذه المرحلة علينا ان نعلن بكل طريقة تسمح لنا، من خلال مظاهرات، توجهات رسمية وغيرها اننا لن نقبل الا بحل واضح وخطة للمدى البعيد تعيد للمجتمع العربي مكانته الاقتصادية وتعيد للسكان العرب ما اخذ منهم على مدار سنوات عديدة.
عقدان (20 سنة) من الضياع للمجتمع العربي بين ماسست الفقر والقمع وتقهقر الريادة في ضل تهافت القيادة
المحاضر الاقتصادي د. ياسر عواد قال: عشرون سنة من الضياع تحت وطئت الفقر وتقهقر الريادة. عشرون سنة يعاني المجتمع العربي في البلاد من فقر مدقع. في سنة 1998 نسبة الفقر في المجتمع العربي كانت %35 وفي سنة 2018 كانت النسبة %45.3 (تقرير مؤسسة التامين الوطني، 28/12/2019). في المقابل وفي ذات الوقت، نسبة الفقر في المجتمع اليهودي كانت %14 في سنة 1998، و %13.4 في سنة 2018. زد على ذلك عمق الفقر في هذه الفترة ازداد في المجتمع العربي ب 12.3 نقاط مقابل 7.1 نقاط عند اليهود (اندبلد ودهان، 2019).في ظل هذه الحقيقة المظلمة لا يسعنا الا ان نقر بشكل علمي على منهجية وسياسة مبرمجة من قبل حكومات اسرائيل المتتالية (عقدان من الزمن) لماسست القمع الاقتصادي وهيكلة الفقر في المجتمع العربي.
وتابع: هناك من يدعي ان حكومات اسرائيل اتخذت عدة خطوات لكسر الهوه وتقليص التمييز بالميزانيات خلال العقدين الاخيريين:
1. المساواة في مخصصات الاولاد بين العرب واليهود ابتداء من سنة 1997 (قبل ذلك كانت مخصصات الاولاد للعائلات التي تخدم في قوات الامن ثلاثة اضعاف من العائلات التي لا تخدم في قوات الامن. في هذا المضمار نذكر ان عائلات اليهود المتدينين - حريديم- تمتعوا بمخصصات اولاد كما هو الحال للعائلات التي تخدم في قوات الامن. كيف كان يتم ذلك وباي مسار؟، الائتلافات السياسية المشفرة لشروط ميزانيات الدولة فعلوا ما فعلوه).
2. ارتفاع نسبة العمال العرب في الوزارات الحكومية، لتصل الى %10 في سنة 2018. في هذا السياق نذكر ان نسبة العرب في الدولة %20، ونذكر ايضا ان المناصب التي يعمل بها العرب منخفضة جدا ولا تبت بصلة بمراكز التأثير او اتخاذ القرارات المهمة (ولا باي مجال من مجالات الحياة). نذكر هنا ان نسبة العمال العرب في الشركات الحكومية (الكهرباء، المياه، القطارات وغيرها) وعددها 98 شركة حوالي %1.
3. يقال ان هناك انخفاض بالتمييز بين العرب واليهود بالميزانيات التربية والتعليم على الاقل بالمرحلة الابتدائية نتيجة تدخل من محكمة العدل العليا، لكن في المقابل كل المعطيات تشير الى فجوة عالية تصل على الاقل الى %40 بين الاستثمار في الطالب العربي مقابل الطالب اليهودي في المرحلة الاعدادية والثانوية. يبقى ان نذكر القارئ بنتائج امتحان بيزا التي نشرت قبل شهر، حيث تروي بشكل صارخ حال جهاز التعليم العربي.
4. التسهيلات الضريبية التي تشمل اليوم الكثير من القرى والمدن العربية. هذه التسهيلات ليست نتيجة سياسة حكومية لمساعدة المجتمع العربي، انما نتيجة لتدخل محكمة العدل العليا، وبالأصل هي نتيجة سياسة حكومية حتمية وريادية لقمع اقتصادي.
5. الخطة الخماسية رقم 922 في اواخر 2015، والتي من خلالها ارادت الحكومة استثمار 15 مليار شاقل في المجتمع العربي لم يستثمر من هذا المبلغ الا مئات الملايين بمواضع ليس لها افق استثماري او رافعات اقتصاديه تذكر.
وقال: بحث علمي اخير تابع للباحثين اندبلد ودهان (2019) يعرض وبشكل فاضح منهجية التمييز ضد المجتمع العربي. النتائج البارزة لهذا البحث هم:
1. متغير القومية يلعب دور قوي بسيرورة التمييز وهو في تفاقم وارتفاع مستمر.
2. بدون علاقة للخلفية والمخزون الثقافي والعلمي للعائلة العربية فحتميتها ان تكون فقيرة نتيجة لسياسة التمييز.
3. الاحتمال لوجود العائلة العربية في دائرة الفقر هي خمسة اضعاف العائلة اليهودية.
وختم قائلا: بشكل عام وكما هو الحال في دول ال OECD, النظام الضريبي ومخصصات التامين الوطني وظيفتهم تتمحور بجدولة تقسيم الميزانيات لمساعدة العائلات الفقيرة. اما في اسرائيل يتضح ان هاذين النظامان وجدوا للتمييز بشكل منهجي ضد العائلات العربية او على الاقل لعدم مساعدة العائلات العربية، مع ان العرب يدفعون بشكل منظم الضرائب لمؤسسة الضرائب والتامين الوطني. في ضوء ما قيل، ولكي اريح القارئ او المفكر او المتعلم او القيادة من المجتمع العربي، يتضح ان التمييز المبرمج قائم وله دلالة علمية.
والسؤال هو: ما العمل؟
السبب في هذه الحالة ان الحكومة تدعم أصحاب رؤوس الأموال على حساب الشعب
د. رمزي حلبي الخبير الاقتصادي اعرب عن استياءه من التقرير وقال: عندما نتحدث عن تقرير الفقر في الحالتين نرى ارقام مذهلة جدا خاصة ان إسرائيل هي الدولة الغنية التي تنتج 350 مليار دولار سنويا ومعدل الإنتاج للفرد الواحد يتخطى ال 40 الف دولار حاليا ومعنى ذلك ان دولة إسرائيل هي غنية ولكن المشكلة تكمن في توزيع هذه الكعكة بين شرائح المجتمع المختلفة وعندما انضمت إسرائيل في العام 2010 الى منظمة دول التعاون والتنمية كان هناك التزام من قبلها بمعالجة هذه الفجوات الاجتماعية والفروق ما بين الأغنياء والفقراء خاصة ان إسرائيل موجودة في اعلى اللائحة في الفروق ما بين الأغنياء والفقراء ولا نرى ان ذلك يتغير بشكل ملموس وقد طرح برنامج ال15 مليار لسد الفجوات مع المجتمع العربي وبرنامج مشابه لسد الفجوات في المجتمع اليهودي ولكن المعطيات ما زالت مقلقة حتى الان خاصة انه على خلفية الفراغ السياسي والذهاب الى انتخابات ثالثة نرى ان هذا الامر لا يعالج بالشكل الصحيح ولا يوجد تغيير لسلم الأولويات وظاهرة الفقر تتفاقم وهو امر مؤسف.
وتابع: لنبدأ بتقرير الفقر على المستوى القطري حيث نتحدث عن نوع من الاستقرار في هذه المعطيات ولا نرى تغيير وإصلاح في هذا الوضع حيث في عام 2018 لدينا من ناحية عدد السكان حوالي مليون واكثر من نصف المليون من المواطنين فقراء و841 الف طفل أيضا تحت خط الفقر، واكثر من 20% من سكان إسرائيل هم فقراء و30% من الأطفال فقراء، هذه معطيات مقلقة في دولة تعتبر نفسها دولة التطور التكنولوجي ودولة غنية نسبيا خصوصا مع المقارنة بين العامين 2018 و 2019 لا نرى ان هناك أي تحسن بهذا الموضوع، الوضع أسوأ في المجتمع العربي حيث نرى في المعطيات بان نصف العائلات العربية فقيرة وكبار السن والأولاد أيضا فقراء معني ذلك ان المجتمع العربي يعاني مرتين مرة من ظاهرة الفقر على المستوى القطري ولكن بشكل اعمق وعلى منتخبي الشعب والجمعيات الخيرية ان تهتم بهذا الشأن خاصة مع غياب الحكومة في هذه الفترة ومع الفراغ السياسي الذي نراه.
ونوه قائلا: الحل لهذا الوضع ومواجهة هذه الظاهرة، السبب في هذه الحالة ان الحكومة تدعم أصحاب رؤوس الأموال على حساب الشعب، هناك اكثر اهتمام في هذه الطبقات ويجب على الحكومة ان تهتم بالمصالح الصغيرة والمواطن البسيط، كما ان تقليص مخصصات الأولاد والشيخوخة والبطالة هي سبب اخر في هذا الوضع وعلى الحكومة ان تتخذ قرارات برفع هذه المخصصات وربطها بجدول غلاء المعيشة، ورصد ميزانيات من الدولة لترصد وتوجه للرفاه الاجتماعي ودعم الطبقات الضعيفة لسد هذه الفجوات، عندما تكون السلطات المحلية العربية فقيرة فهي لا تعطي الخدمات للمجتمع وبالتالي نحتاج الى خطة جديدة لدعم السلطات المحلية، ويجب على النواب العرب ان يحرصوا على المطالبة بذلك مع الحكومة الجديدة، لا يمكن ان تفاخر إسرائيل بصناعات الهايتك والتقدم التكنولوجي وتسمع ان المجتمع فقير والعائلات العربية فقيرة لا يمكن القبول بذلك خصوصا ان هناك إمكانية لحل هذا الامر وان تتغير هذه السياسة وان نتوقف عن السكوت على هذه الامور
[email protected]
أضف تعليق