بلغ المجتمع العربي في البلاد رقم قياسي، في عدد جرائم القتل، 94 قتيلًا وقتيلًا خلال عام 2019، رقم يشابه أرقام قتلى الحروبات، ناهيك عن المئات من المصابين بجراح منها خطيرة.
الشرطة كشفت عن نحو ثلث هذه الجرائم، بين 30-35 جريمة، فيما لا تزال باقي الجرائم بلا أجوبة، والمجرمون يتجولون بيننا. هذا بالإضافة لعشرات المجرمين من جرائم في سنوات ماضية. ناشطون وقيادات يتحدثون لبكرا

2019 الاكثر دموية في تاريخ شعبنا. 

د. رنا زهر الناشطة الاجتماعية والسياسية والمحاضرة الجامعية قالت ل "بكرا": نحن لا نختتم عام في هذه اللحظات فقط، إنما نختتم عقد كامل تميز بالعديد من الإنجازات والاخفاقات معا. ولعل من أبرز عناوين 2019 هو قضايا العنف بشكل عام والذي تجلى بأشكال مختلفة فمنها عنف موجه ضد النساء بشكل خاص، ومنها عنف مجموعات الجريمة المنظمة والتي من بين ضحاياها العديدة أناس أبرياء عابري سبيل لا شبق لهم ولا عبق، ومؤخرا نشهد عنف موجه تجاه منتخبي جمهور بشكل غير مسبوق. لا شك أن هذه الظاهرة المقيتة لم تبدأ في 2019 إنما استفحلت به ووصلت إلى وضعية غير معقولة (95 قتيل وقتيلة حتى كتابة هذه السطور) لا يمكن وصف هذا الوضع بأقل من مجزرة ذاتية. نحن في حالة طوارئ لا تسعفنا فيها فقط المبادرات الطيبة جدا من المجتمع المدني والمؤسسات التربوية وغيرها. نحن بحاجة إلى تدخل شرطوي ومؤسساتي حكومي عاجل. فكمية السلاح الموجودة بين أيدي الشباب العرب غير معقولة علما أن اغلبها مصدره معروف، الجيش. ولربما من بشائر الامل، وان وجدت في هذا العام الدامي، هو الحراك الجماهيري المؤسساتي الشعبي ضد العنف، والذي اتسم بكونه طويل النفس نسبيا، والمتنوع من ناحية النشاطات ونوعيتها، ومنسق بشكل عال بين المؤسسات المختلفة الفاعلة بين جماهيرنا العربية. شهدنا حراكا بسيطا من ناحية الشرطة كرد فعل، ولكنه لا يرتقي ولا يتناسب مع خطورة وعمق الظاهرة. وفي هذه اللحظات التي نودع بها هذا العام القاتم، لا يسعنا إلا أن نتأمل أن يستمر الحراك الشعبي بشكل تصاعدي وضاغط أكثر على الشرطة ومؤسسات الدولة ذات الصلة لتقوم بعملها كما يجب، لعل العام يكون أخف وطأة علينا وأقل عنفا وأكثر أمانا، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة.
الناشط الاجتماعي ومدير مركز امان لمكافحة العنف قال: عام 2019 الاكثر دموية في تاريخ شعبنا. 93 ضحية 50 منهم في منطقة المثلث و29 من الشمال في الجنوب 8 و11 من النساء. هذه المعطيات يجب ان تهز أعمدة مجتمعنا وتهز كيان كل واحد فينا. عام 2019 كان العام الذي شهدنا فيه تحركاً شعبيا وقياديا جديا ونأمل بان عام 2020 هو عام ترجمة الغضب الشعبي والتحرك القيادي الى فعل جدي وعميق داخل مجتمعنا يقلل بصورة ملحوظة وطأة العنف والجريمة على مجتمعنا.
ونوه: عام 2019 نلحظ فيه تحركا ما من الشرطة واهتمام ما من الحكومة وهذان التحركان هما ردة فعل لتحرك مجتمعنا وليسا تحركا يشكل تغيرا جوهريا تجاه الظاهرة ولكن نأمل لعام 2020 ان يتحول هذا التوجه الى سياسة جدية وفعل مجتمعنا أمام تحدي جدي وهذا التحدي يجب ان يحول مجتمعنا الى ورشة عمل بعام 2020 لحل مشكلاته وارساء اسس مقومات مجتمع آمن وفاعل.

ارتفاع نسب الفقر والفجوات الطبقية تؤدي إلى ارتفاع بالعنف المجتمعي

مدير مركز مساواة جعفر فرح قال ل "بكرا": ارتفاع نسب الفقر والفجوات الطبقية تؤدي إلى ارتفاع بالعنف المجتمعي يؤدي الارتفاع بنسب الفقر في المجتمع العربي من -42.6% ל-44.2% والفجوات الطبقية الداخلية إلى تعميق العنف المجتمعي. فالارتفاع بنسب التعليم العالي ووصول أكثر من 51 ألف طالب للجامعات مؤشر الى تحسن الوضع الاقتصادي الاجتماعي عند طبقات معينة في المجتمع العربي ولكنه يستثني بلدات كاملة خصوصا في النقب. وتساهم الفجوات الطبقية داخل المجتمع العربي بتعميق ظواهر العنف التي وصلت الى95 ضحية خلال العام الأخير. الجذور العنف بالمجتمع العربي له علاقة بالمناطق الصناعية وفرص تشغيل النساء والشباب، وأزمة السكن وقانون المواطنة وملاحقة عرب النقب خصوص القرى غير المعترف فيها. وبغياب سلطة للقانون الإسرائيلي داخل بلداتنا لحل الخلافات المجتمعية يتحول العنف الدموي إلى وسيلة شرعية لحل صراعات يمكن لمنظومة تحكيم مجتمعية أن تتدخل فيها.
وتابع: عام 2019 وما تخلله من معارك انتخابية منع استغلال طائل لميزانيات مخصصة للمجتمع العربي بمجال السكن والتعليم والرفاه الاجتماعي. ومن الطبيعي أن يستمر هذا التراجع في النصف الأول من العام القادم بسبب الانتخابات وعدم المصادقة على ميزانية صرف لعام 2020

كارثة ومأساة وناقوس خطر يدق أبواب كل البيوت في المجتمع العربي

القيادي محمد دراوشة قال معقبا: ارتفاع حصيلة ضحايا العنف بنسبة 30% مقارنةً مع العام الماضي في حين ان زيادتنا السكانية لم تتعد ال-3%؜ هي كارثة ومأساة وناقوس خطر يدق أبواب كل البيوت في المجتمع العربي. نحن نتحدث عن عشرات البيوت التي فقدت أعزاء لهم في لحظة لم يتوقعوها ولأسباب لا يمكن تفسيرها أو قبولها. لا يوجد شيء طبيعي ومفهوم في هذه الظاهرة، ويجب ان لا نتعود ونستسلم لوجودها في حياتنا بهذا الحجم الهائل.
ونوه: من المهم تفعيل كل القوى اللازمة لردع هذا الانزلاق، بدايةً بأن تأخذ الشرطة دورها وتقوم بواجبها بردع الجريمة، وخاصةً المنظمة منها. عصابات الإجرام معروفة بالاسم. تجار السلاح، ومروجو المخدرات، وجنود الخاوة معروفين بالاسم، هم وقادتهم. ولا يوجد عذر للشرطة النجاح بذلك. ولكن نحن كمجتمع يجب ان نتحمل مسؤوليات كثيرة في احداث التغيير المطلوب للتصدي لهذا العدو الذي يجتاح بلداتنا. التغيير يجب ان يكون اولاً على مستوى تحمل الاهل والعائلات مسؤولية اولادهم وأفعال اولادهم، ليكونوا المحطة الاولى في التثقيف لمجتمع آمن. بعد ذلك يأتي دور المدارس والمجالس المحلية لخلق أُطر تثقيفية، ونشاطات تجذّر ثقافة التسامح، وحل النزاعات بالطرق السلمية لتجنب الكوارث فيما بعد. ويأتي أيضاً دور الإعلام والقيادات القطرية لخلق الجو العام الداعم لمثل هذا المطلب.
يجب تشابك الأيدي والعمل بتنسيق بين كل الجهات لضمان النجاح. وفي نهاية العام لا بد لنا من تذكر أسماء الضحايا، واحداً واحداً، والترحم على ارواحهم، وتمني الشفاء والعافية لكل الذين أصيبوا في اعمال العنف خلال العام المنصرم، جسدياً كان ام نفسياً. ونتمنى لأبنائنا وبناتنا السلامة في العام المقبل. جعله الله عاماً مليئا بالسِلم والسلامة، وبالتسامح والمحبة فيما بيننا. نحن بحاجة لأن نكون معاً في وجه المأساة التي تواجهنا.

انخفاض عدد الضحايا من النساء الذي وصل الى اقل من 10%

بدوره الشيخ كامل ريان قال ل "بكرا": عدد ضحايا العنف والجريمة لعام 2019 هو 94 ضحية اَي بزيادة ما يقارب ال 25% عن العام الماضي وما يلفت الانتباه هو زيادة عدد ضحايا العنف من القاصرين اَي دون السن 18 وهم 6 ضحايا اَي نسبة 6.5% من الضحايا وأكثر ما يقلق ان نسبة ضحايا القتل بدوافع الثأر والانتقام في حالة ازدياد مستمر حيث بلغ عددهم 26 ضحية اي ما يقرب ال 30% من الضحايا كذلك زيادة عدد الضحايا من العنف المجتمعي العام حيث بلغ تعداد الضحايا من هذه الشريحة 31 ضحية اَي ما يعادل ال 30% من الضحايا وهذا يشكل اخطر المراحل التي وصل اليها مجتمعنا من حيث تبني طرق وأليات اجراميه في حل الخصومات وفض الخلافات العامة وذلك في ظل استمرار غياب الشرطة وعدم قيامها بواجبها وعدم تطبيق سيادة القانون في القرى والمدن العربية وفي ظل غياب الدور القيادي الذي كان يؤديه رجالات الدين ورجالات المجتمع وأهل الخير في حل الخصومات والخلافات الجارية
واختتم قائلا: كذلك ما يلفت النظر بشكل إيجابي هو انخفاض عدد الضحايا من النساء الذي وصل الى اقل من 10% من الضحايا وان نسبة الضحايا مما يسمى زورًا وبهتانًا "شرف العائلة" اقل من 5% من مجموع الضحايا.

الإحصائيات لا تكذب

الناشط إيهاب جبارين قال: في شهر اب المنصرم كنا قد تجازنا عدد قتلى العنف من العام المنصرم ككل، وكان من السهل التنبؤ ان عدد قتلى العنف سيتجاوز هذه السنة ال 90. طبعا لطالما لم تتغير مسببات، بل تتغذى أكثر وأكثر. بدون ادنى شك أننا لا نعفي الدولة من مسؤوليتها، بل أن بعض الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها كالاعتداء المباشر على افراد الشرطة، تتحمل مسؤوليته الكاملة الدولة ومؤسساتها، التي فقدت من قوة الردع -بوعي او لا وعي منها- في المجتمع العربي.
وتابع: كما أن عدد القتلى هو مؤشر أخر لتفاقم هذه الأفة وتشابكها ما بين العنف والأجرام، ولنقل انها مؤشر أعمق لأنها لا تحوي بداخلها احداث الاعتداءات ان كانت اجرامية او اعتداءات عنف، وبلا شك ان الحديث يدور حول الاف الاعتداءات خلال العام المنصرم، لذلك لا يجب حصر احداث العنف فقط حينما يكون لدينا قتلى، بل يوجب علينا كمجتمع التعامل مع ابسط حادث عنف بكل جدية ومسؤولية دون هوادة ولا تهاون. مرة أخرى لا نعفي الدولة من مسؤوليتها، ويجب الاستمرار بمطالبتها بتحصيل حقوقنا وحمايتنا كأفراد ومواطنين، بل أضيف انه حينما وجب التعاون معها فليكن، وفي ذات الوقت هذا لا يعني ان قلة التعاون هي مسبب في المقام الأول للعنف وقوة الردع، فرد فعل الشرطة على الاعتداءات على افرادها هي أكبر دليل ان التعاون ليس ضروريا للقبض على المجرمين.
ونوه: من جهة اخرى نحن كمجتمع مطالبون بتفعيل الحصانة المجتمعية، كأفراد، مؤسسات وجمعيات، كل من باب مسؤوليته وإمكانيته، فكل مبادرة لتفعيل روح التعاون والتعددية هي مباركة بل مطلوبة، بدون ادنى شك ان محصلة احداث العنف هي شهادة سوء للعقلية القبلية والحمائلية ، طبعا وأحصر الحديث هنا عن دورها السياسي، العائلة كلبنة مجتمعية ضرورية، لكن دورها يختفي امام المواطنة والمجتمع المدني وهذا ما يجب ان نسعى اليه، فأغلب احداث العنف جرت اما بسبب محصلة نتائج انتخابات حمائلية، او ان لم تكن كذلك فهي كانت بمباركة العائلة الكبرى كتنظيم.

ما يحدث من عنف هو وصمة عار في جبين الشرطة المتخاذلة

المحامي والناشط شادي الصح قال بدوره: ما يحدث من عنف هو وصمة عار في جبين الشرطة المتخاذلة ولا يمكن تبرئة ساحة الشرطة ولا الحكومة من لائحة الاتهام الخطيرة والتي ستلاحقها وستلاحق الحكومات المسؤولة لما آل اليه الوضع في مجتمعنا العربي، بجب ان تقدم دعوى قضائية ضد حكومة اسرائيل بتعويض أهالي الضحايا منذ 2012 بسبب الاهمال الذي تحدث عنه مراقب الدولة والتوجه الى المجتمع الدولي وتقديم دعوى قضائية ضد حكومة اسرائيل للإهمال الصارخ في التعامل مع قضايا القتل التي تخص المجتمع العربي في البلاد وللإعلام الدور الهام والمركزي في التطرق لهذا التقرير واستثماره ووضع الامور في نصابها، بما معناه وبطريقة غير مباشرة يتوجه مراقب الدولة الينا كعرب هذه البلاد ويقول بأن اعتمدوا على انفسكم فهنا يجب تخصيص حصص في جميع المدارس وتكريس الخطب في المساجد ولا ننسى دور السلطات المحلية واعضاء الكنيست من القائمة المشتركة فهل كانوا ينتظرون هذا التقرير ليستيقظوا من السبات! أولم يحين الوقت كي نلفظ الماضي البغيض ونلقي بأسلحتنا التي فتكت بنا، أولم تأتي اللحظة التي نضرب رؤوسنا في الحيطان كي نستفيق من الغفلة!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]