أوصى المشاركون في مؤتمر مؤسسة سوا السادس عشر تحت عنوان " التربية والتعنيف “، الذي عقد في الهلال الأحمر الفلسطيني بما يلي: ضرورة إيجاد أنماط مختلفة من التربية معززة لروح الإبداع والتفكير بعيداً عن العنف ضمن التطور المعلوماتي والاجتماعي. تعزيز اشراك الطلبة بفعالية في المدرسة، بناء الثقة والاحترام المتبادل في التنشئة الاجتماعية، وإنشاء علاقة حوارية بين المربي والطفل مبنية على الأمان والاستقلالية بعيدا عن الخوف والاضطهاد.

في كلمتها الافتتاحية قالت رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة سوا أهيلة شومر “أن المؤتمر جاء بعد مضي شهر على احتفال العالم بمرور 30 عاما على اتفاقية حقوق الطفل، ومرور 40 عاما على اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة إلى أن صادقت فلسطين عليها دون تحفظات.

وأوضحت أهيلة، أن الذكور تحت عمر 11 عاما، هم الاكثر عرضة للعنف من قبل الشخص المسؤول عن رعايتهم، وتعرض نحو 68% منهم الى العنف الجسدي خلال هذا العام، والأمهات أكثر عنفا من الآباء ضد الأطفال.

وأشارت إلى أن المسح الذي خرج عن جهاز الإحصاء الفلسطيني يظهر نتائج مقلقة للعنف في المدارس وخصوصاً ضد التلاميذ الذكور إذ بين أن 17% من الأطفال بين 12-17 عاماً تعرضوا للعنف الجسدي من قبل أحد المعلمين أو المعلمات، بواقع 26% للذكور تنخفض إلى 7% للإناث.

وتابعت بقولها: هذه الأرقام تضعنا أمام تحديات كبيرة في مواجهة أشكال العنف المختلفة التي تنتشر في المجتمع، مطالبة بالانتقال من مرحلة انكار التعرض للعنف الى مرحلة التعامل مع المشكلة القائمة، وإيجاد التدابير المناسبة وبالأساس ايجاد منظمة متكاملة لتوفير الحماية للأطفال والنساء

تخلل المؤتمر عدة محاورات " جلسات " أدارها الإعلامي والمحاور في قناة مساواة مصطفى قبلاوي.

بدوره، قال الباحث الاجتماعي وليد حداد، في المحور الأول من المؤتمر إنه خلال الأعوام الأخيرة أسهمت بعض النظريات المتعلقة بالتربية والتي تلقيناها من الدول الغربية في وضع الفرد في زاوية، وهي نظريات ممكن أن تطبق على بعض الثقافات دون غيرهم، مشيرا إلى أن هذه النظريات لم تأخذ بعين الاعتبار الوضع الخاص لدول الشرق التي تعتمد غالبيتها على الجماعة.

وأشار إلى أن سلطة الوالدين على الأبناء لا تعتبر مصطلح قاسي وليس معناها التصلب والتشدد، وهذه السلطة لم تضيع صدفة فالمهنيين في مجال التربية الحديثة وعلم النفس كان لهم الدور الكبير في حالة التدهور الحالية. وأردف قائلاً" لهذا من الصعب علينا أن نأخذ دورنا التربوي كأهل في العصر الحديث خصوصاً في ظل التحديات والإغراءات من عصر الانترنت الذي أدت إلى تعرض الأبناء إلى عالم التحرش بجيل مبكر وثقافة رخصة لا يمكن السيطرة عليها.

وكما تحدث حداد عن أن غالبية الأهل في عصرنا يشعرون بالذنب تجاه أبنائهم نتيجة الغياب المتواصل عن البيت، وأن محاولة تعويض الأبناء من خلال عدم وضع الحدود وعدم تفعيل سلطة الأهل، ومحاولة كسب ودهم وتقديرهم لنا من خلال دعم مادي ومعنوي غير محدود وبدون رقابة ذاتية.

وفي نهاية كلمته ذكر حداد 10 وصايا منها: أن تكون ردود الفعل تجاه الأبناء مبنية على علم ومعرفة وليس على غريزة. العائلة مثل المؤسسة من ناحية قواعد الإدارة لذلك يجب أن تكون هناك سلوكيات وقواعد يعرفها الجميع وأكد على أن الأسرة مثل مكان العمل حيث لا يمكن الحضور للعمل بطريقة غير منتظمة فلا بديل عن التواجد أكثر ما يمكن من الوقت مع الأولاد حتى نستطيع اكسابهم قيم ومهارات حياتية جيدة.

كما أوصى بأن تكون العلاقة بين الوالدين والأبناء علاقة احترام متبادل مع وجوب الحفاظ على سلم هرمي واضح المعالم وملزم.

وفي نهاية كلمته أكد على أن وظيفتنا كأهل تحتم علينا التعلم ثم التعلم دائما وخصوصا من اخطائنا، وإن القيم الاساسية تغرس في الابناء من خلال اهلهم لأنهم القدوة الاولى لهم. لذلك علينا أن ننتبه من سلوكياتنا اليومية التي قد تغرس قيم ومهارات سلبية في نفوس أبنائنا بدون قصد.

وفي المحور الثاني تحدثت المعالجة الاجتماعية النفسية فلورا عليان على أن موضوع العقاب معروف منذ بدء الخليقة من خلال الكتب السماوية ومعاقبة الله سبحانه وتعالى لآدم وحواء وقصة نوح والطوفان وغيرها من قصص كتب الأديان السماوية كافة.

وأشارت إلى أن موضوع العقاب له أربعة أهداف وهي التعزيز، الترهيب "، والمنع، والتأهيل. وتطرقت عليًان للحديث عن آثار العنف على الأطفال والذي يسبب له صدمة على مدى الحياة ويكون له تأثير سلبي كبير على نفسيته وسلوكه

وبدوره تحدث مدير جمعية مسار إبراهيم أبو الهيجا عن التجربة الناجحة لمدرسة مسار في الناصرة وكيفية تعاملهم وتعليمهم للطلاب بطريقة ناجعة تفتح مجالاً للحرية والاستقلالية للطفل وتخلق الابداع بعيداً عن العنف، وأكد على الأسلوب المميز المتبع لديهم في أن الحدود بين المعلمين والطلاب ليست حدود رسمية وشكلية وإنما حدود احترام متبادل وأن للمدرسة دور كبير في اشراك الطفل وتغييره نحو الأفضل وتعزيز القيم الإيجابية والابداعية بعيداً عن استخدام العنف.

ومن جانبه وضح الباحث والإعلامي مهند عبد الحميد بقوله" أننا أمام تحديان التحدي الأول إزالة القيود عن العقل أما عن التحدي الثاني فيجب أن يكون التعليم بعيدا عن سيطرة السلطات الثلاث السياسية والدينية والاجتماعية من أجل الحصول على تعليم تحرري يعزز فكرة الابداع وقائم على الشراكة بين المعلم والطالب.

في المحور الثالث من المؤتمر تحدث رئيس نيابة حماية الأحداث ثائر خليل عن دور النيابة التي تضم 34 عضو نيابة مخصصين من أجل متابعة وحماية الأطفال. وأكد على أن العنف والبيئة الخطرة الواقعة على الأطفال هي من تأثير البالغين ومن السلطة الجبروتية الذكورية التي تعزز مبدأ عدم الثقة بين الأطفال والوالدين وكذلك العنف الذي يولد الجريمة والسلوكيات المنحرفة وأضاف بقوله إن التقصير سيبقى موجوداً ما دام هناك طفل محتاج والمنظومة جميعها بحاجة لمزيد من العمل من أجل تصويب وتعديل سلوك الطفل دون المساس به أو الاعتداء عليه.

وكمت عرضت المديرة المتقاعدة لمدرسة بنات بلعين عبير موسى عن تجربتها كمديرة مميزة ومربية تركت أثرا طيبا في المدرسة سارت خلالها المدرسة على منحنى متصاعد بكل الجوانب تًوج بأن وصلت نسبة النجاح في الثانوية العامة لمئة بالمئة لسنوات متتالية.

كما عرض في المؤتمر تجربة شخصية لشاب فلسطيني يروي ما عايشه من عنف خلال أيام المدرسة حولته لمجرم مع الأيام وأثرت في شخصيته ونفسيته.

كما وعرضت 8 أفلام التي تأهلت للمرحلة النهائية من مسابقة فيلم الدقيقة الواحدة " متساوون رغم الاختلاف" التي نظمتها مؤسسة سوا ومن ضمنها الثلاث أفلام الفائزة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]