قال رئيس كتلة "الجبهة" في بلدية حيفا رجا زعاترة إن حي "المحطة" التاريخي في مدينة حيفا (حيفا العتيقة) مُستضعف ومُستهدف على أكثر من مستوى.


المحطة بلا محطة

وكان زعاترة قد بعث برسالة إلى المديرة العامة لوزارة المواصلات، مطالبًا إياها بإيجاد حل لمشكلة المواصلات العامة في الحي الذي تقطن فيه عشرات العائلات العربية ولا يمرّ فيه أي خط باص. حيث كانت هناك محطة في الماضي تم إلغاؤها بحجة "قلة عدد المسافرين". وقبل نحو شهر توجّه زعاترة لقسم تخطيط المواصلات في بلدية حيفا الذي ردّ بأنّ هناك عدّة اقتراحات لتمرير أحد خطوط الباص في شارع يافا المحاذي للحي، وأنّ الموضوع ينتظر موافقة وزارة المواصلات.

وجاء في الرسالة أن أقرب محطة باص اليوم تقع في حي "كريات إليعازر" تبعد مسافة عشرين دقيقة مشيًا، ولا يُعقل أن يعيش مئات السكان، بينهم أطفال وطلاب مدارس وكبار في السن، بدون مواصلات عامة.

تاريخ الحي العريق


وقال زعاترة لبكرا: حي "المحطة" أو "حيفا العتيقة" من الأحياء التاريخية العريقة في حيفا، ويعود إلى آلاف السنين حيث وُجدت فيه آثار من الفترة الرومانية. وبعد أن حكم الظاهر عمر الزيداني الجليل وحيفا أمر عام 1761 بهدم الحيّ لأنه كان يتعرض لسطو القراصنة الأوروبيين، فانتقل إلى البلدة القديمة وبنى مدينة أسوار سُمّيت "حيفا الجديدة"، وتقع من ساحة الحناطير (ساحة "باريس" اليوم) حتى جامع الجرينة (في الصورة خارطة لمدينة حيفا من العام 1875).


وزاد: وبعد الاحتلال البريطاني عام 1917 تمّ مدّ خط سكة حديد من مصر حتى حيفا، وسُمّيت المحطة في حيفا "محطة الكرمل"، ورُبطت لاحقًا بسكة الحجاز شرقًا. وبعد نكبة العام 1948 وتهجير معظم أهالي حيفا بقيت في الحي بضع عشرات العائلات العربية من أصل 600 عائلة. ومن معالم الحي كنيسة الملاك جبرائيل ومقام الشيخ عيسى والمقابر القديمة.


خطر الاستطباق

وقال زعاترة: الحي مهمل ومعزول إذا تحاصره من الجنوب سكة الحديد، ومن الشمال ميناء حيفا، ومستودع الحبوب (الداغون) من الشرق وحي "بات غاليم" من الغرب. كما أنّه من الأحياء المعرّضة لخطر "الاستطباق" (Gentrification) أي قدوم أو استجلاب طبقات اجتماعية وسطى وعليا إلى أحياء ومناطق مهملة وتغيير طابعها وإقصاء سكّانها الأصليين وتدمير نسيجها الاجتماعي. ونلاحظ اليوم أن شركات الاستثمار العقاري تسارع إلى اقتناء البيوت والأراضي في الحي، لأنه من المتوقع أن تتضاعف قيمتها عند فتح واجهة البحر وترسيب سكة القطار في المستقبل. وقد بدأت شركة "عميدار" مؤخرًا بإصدار مناقصات لبيع البيوت في الحي.

وأوضح زعاترة ان: ومؤخرًا ظهر تهديد جديد بعد أن زعمت مجموعات دينية يهودية أن أحد القبور في الحي، تحت سكة الحديد، يعود إلى الحاخام اليهودي "الرمبان"، رغم عدم وجود أي دليل حقيقي على هذا سوى بعض الأساطير والشبهات. ومن أبرز الشخصيات في هذا الصدد حاخام صفد شموئيل إلياهو المعروف بمواقفه العنصرية والتحريضية ضد العرب.


دور بلدية حيفا


وحول دور بلدية حيفا، قال زعاترة: لا شكّ في أنّ البلدية شريكة في سياسة الإهمال. في الدورات الماضية نجحنا في تحسين بعض الخدمات على مستوى تعبيد الشوارع وإقامة ملعب للأطفال وغيرها من الأمور اليومية. ونعمل الآن على موضوع المواصلات وأمور أخرى. ولكنّ الأهم هو إنقاذ الحي من الجشع الرأسمالي والاستيطاني ومن التهجير البطيء للسكّان لصالح مشاريع استثمارية أو سياحية على حساب أهل الحي الأصليين.


واختتم حديثه: موقفنا هو أننا لسنا ضد تطوير الحي ولكن نريده تطويرًا لصالح السكّان وليس على حسابهم، ونريد إشراكهم فعليًا وجوهريًا في أي مخطط للحي. وفي هذا الجانب فإنّ لدى رئيسة البلدية د. عينات كاليش روتم رؤية إيجابية تسعى للحفاظ على النسيج الاجتماعي وكبح جماح المقاولين والمستثمرين. وهذا أمر هام للغاية ليس فقط لحي المحطة بل لأحياء أخرى كوادي النسناس ووادي الصليب. ونحن من جهتنا نعمل مع نشطاء الحي ومع مخططين مختصين للتأثير على مخططات البلدية بما يصبّ في مصلحة الأهالي وفي مصلحة الحفاظ على هوية الحي ومعالمه التاريخية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]