القى النائب عوفر كسيف، عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، مساء امس الاثنين، من على منبر الكنيست، خطابا في جلسة مخصصة للمهجرين اليهود من الدول العربية. والقى كسيف باللوم على قيام أنظمة بطرد اليهود، وفي ذات الوقت، أكد أن الحركة الصهيونية ارتكبت جرائم في دول عربية، لتحفيز اليهود على الهجرة، فليس كلهم كانوا صهاينة، فهم تركوا منازلهم ولغتهم وأوطانهم. وشدد في سياق خطابه الجريء على أن حق العودة الى الوطن، هو أيضا للفلسطينيين وليهود الدول العربية، "فحق العودة ليس تهديدا بل حلا".

وقال كسيف في بدء خطابه، لم يندمل بعد جرح ترحيل يهود الدول العربية، بينما هاجر الكثيرون الى هنا من خلفية أيديولوجية، تعرض كثيرون آخرون للاضطهاد بسبب أعمال عنف وكراهية. في عمليات تهجير ممنهج، بقرار من قبل سلطات الدول العربية، الذين قاموا بالتهجير برروا تصرفاتهم، مدعيين أن اليهود مجموعة صهيونية معادية، وهذه مسألة تتعلق بالأمن القومي. الكثير من العائلات اليهودية، وليس بالضرورة الصهاينة، اناس كان كل ذنبهم هو هويتهم ودينهم وتقاليدهم.
وقال كسيف، إن نسبة كبيرة من يهود الدول العربية، وصلوا الى هنا حرفيا كلاجئين، والشخص الذي جاء كلاجئ هو الشخص الذي فقد منزله، حيّه ووطنه. فقد قسما من أصدقائه ومن أفراد أسرته. وعندما وصلوا إلى هنا، اضطر للتخلي عن لغته أيضا، وإلى حد كبير عن ثقافته، في ما يسمى بوتقة الانصهار العنصري، وهذا الجرح حمله المهجرون لسنوات، والكثير منهم سوف يأخذونه إلى القبر.
وتابع كسيف قائلا، لا بد من الاعتراف بأنه في حين أن بعض يهود الدول العربية، كانوا مقربين من الصهيونية وأرادوا الهجرة إلى إسرائيل؛ إلا أن كان هناك الكثير حالهم ليس كذلك. وكان يُنظر إلى اليهود كعملاء، وقد تعرضوا للملاحقة والطرد بالقوة أو بالضغط، ومصادرة جميع ممتلكاتهم.
وقال النائب كسيف، بشكل مقلق، تم الكشف في السنوات الأخيرة، عن شهادات حية حول تورط الحركة الصهيونية، في ملاحقة اليهود كي يخرجوا من الدول العربية. ومن الممكن القول، إن مبعوثي الحركة الصهيونية كانوا متورطين بسلسلة من الهجمات الإرهابية في العراق وبلدان أخرى، من بينها الهجوم المعروف على الكنيس "مسعودا شمطوف"، الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وأصابة العشرات.
وقد كشف البروفيسور يهودا شنهاف عن شهادات حية، في مقاله "عنف في بغداد"، كما يبين شنهاف كيف أنه في كل مرة بعد هجوم كهذا ارتفع عدد المهاجرين. وهذا دليل على أن الهجمات أدت حفزت بالفعل اليهود على ترك منازلهم، والهجرة إلى إسرائيل.
وتابع كسيف قائلا، إنه من دون حذف ولو ذرة من ذنب الدول العربية في التهجير، يجب أن نطرح السؤال: إلى أي مدى بعيد ذهبت الحركة الصهيونية والمؤسسة الإسرائيلية، حتى تشجع على الهجرة إلى إسرائيل؟ هل سفكوا الدم؟، هل ولدوا الكراهية؟ للاسف، الجواب نعم، لقد فعلوا.
وزاد كسيف قائلا، لقد ارتكبت جريمة أخرى ضد يهود الدول العربية، لم تُعاد إليهم ممتلكاتهم المنهوبة. فبينما كافحت للحصول على تعويض للناجين من المحرقة النازية، فإنها لجمت عملية المطالبة بتعويضات للمهجرين من الدول العربية، فمناحيم بيغن نفسه ادخل بندا في معاهدة السلام مع مصر، يمنع فيه مطالبات التعويض الفردية، لليهود الذين تم ترحيلهم أو فروا من مصر. ومنعت وزارة الخارجية الإسرائيلية مطالبة أسرة عراقية، الحكومة العراقية بالممتلكات التي أخذت منها.
وقال كسيف، إن سبب تصرف إسرائيل هذا، كي يكون الأمر كورقة مساومة ضد اللاجئين الفلسطينيين. الادعاء بأن تعويض اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يخضع لتعويض اليهود المهجرين، هو جريمة ضد الطرفين. فاللاجئين الفلسطينيين ليسوا مذنبين باضطهاد اليهود العرب، وليس يهود الدول العربية يجب عليهم انتظار تعويض الفلسطينيين للحصول على ما يستحقونه، فللطرفين الحق بالعودة لبيوتهم اذا رغبوا بذلك، فحق العودة ليس تهديدًا، بل حل.
وأكد كسيف قائلا، إنه بالاعتراف بألم مهجري الدول العربية، يجب علينا أن نستوعب ونحتوي ألم المطرودين في النكبة. فجرائم الترحيل وجرائم النهب، العنف الذي كلف حياة الناس، طالت أيضا اليهود في قرون مضت، ولهذا علينا أن نكون أول من يعترف بالإثم الذي سببناه لشعب آخر عند تأسيس الدولة.
وختم كسيف قائلا، إننا نحيي اليوم آلام ومعاناة يهود الدول العربية. جزء منهم وجد بيت هنا، لكن هذا البيت غير كامل، يقف مهزوزا على أساسات العنف العنصري، في الماضي والحاضر، هذا البيت سيكون ثابتًا فقط عندما يتقبل الآخر في داخله. إن على اليهود من الدول العربية أن يكونوا متساوي الحقوق، وأيضا العرب الفلسطينيين هنا، يجب أن يعيشوا متساوي الحقوق. وهذا البيت (الكنيست) سيكون ثابتا، فقط حينما يتقبل الآخر، ويستوعب أنه قائم على أنقاض القرى ومئات آلاف المهجرين. وسيكون هذا البيت ثابتا، فقط حينما يقام البيت الفلسطيني (الدولة) بجانبه ثابتا، وبينهما حسن الجوار.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]