اختصر نقيب المحامين الأردني المسافة أمام التأويلات كلها عندما اعتبر أن نقابة المعلمين ملزمة بإنفاذ قرار قضائي للمحكمة الإدارية العليا له علاقة بإيقاف أطول إضراب في تاريخ المملكة.

وكان لافتاً أن نقيب المحامين مازن ارشيدات تطوع لإبلاغ الرأي العام في النقابات المهنية من معلمين وغيرهم، بأن عقوبة الحبس من يوم إلى ستة أشهر تواجه كل من يحاول إعاقة إنفاذ قرار المحكمة بخصوص الإضراب، مشيراً إلى أن نقابة المعلمين تستطيع الطعن بالقرار في أسرع وقت لدى المحكمة الإدارية العليا.

توجيه هذا الشرح التفسيري من قبل نقابة المحامين يدلل ضمنياً على أن النقابات المهنية الكبرى التي أخفقت منذ يومين في تبني موقف واضح، لا ترغب في دعم وإسناد استراتيجية الاشتباك عند نقابة المعلمين.

ذلك ليس خبراً عاجلاً بكل الأحوال، فالنقابات المسيسة والأساسية طوال الوقت وعند تعاطيها مع أزمة وطنية حادة لها علاقة بحراك المعلمين، اكتفت عملياً بموقف محايد لا يميل لأي كفة ضمن، طبعاً، حسابات التيار القومي واليساري ضد حسابات التيار الإسلامي.

دعمت النقابات الأخرى ما سمتها بالعموميات كرامة المعلمين، وفتحت المجال أمام نقابة المعلمين لاستخدام بعض المرافق.

حلفاء 

دون ذلك، بدا واضحاً للجميع بأن مسألة الإضراب الطويل، وبعد أسبوعه الثالث لا يوجد حلفاء أو شركاء كبار لها ضمن المشهد النقابي. وعند قياس ردة فعل الإعلام الرسمي يمكن القول، مع موقف الحكومة ضد مطالب المعلمين أيضاً، إن الهجمة شرسة على نقابة المعلمين، ودون شريك في مؤسسات المجتمع المدني أو السلطة في حالة توازنها الحاضنة الاجتماعية الكبيرة التي أربكت جميع دوائر صناع القرار.

وعملياً، المحكمة الإدارية الأولى تعاملت مع حيثيات دعوى تقدم بها مواطنون لحق ضرر بمصالح تعليم أولادهم جراء الإضراب.

هنا فصلت المحكمة وقررت أن الإضراب غير شرعي، وينبغي أن يتم وقفه قبل تطوع نقابة المحامين وغيرها من أصحاب الاختصاص بالتحدث عن إلزامية نفاذ القرار وخضوع النقابة والتلويح بدلاً، حتى من الحكومة، بالعقوبات المنصوص عليها في القانون ضد المعلم، الذي يواصل الإضراب على الأقل، قبل اكتساب القرار للدرجة القطعية وتحديد مصير الطعن في المحكمة الإدارية العليا.

ليس سراً في السياق هنا أن المشهد ازداد تعقيداً، وأن الحكومة قررت النزول عن الشجرة باستثمار نصوص القانون، بمعنى أن مقترحاتها رفضت ومفاوضاتها توقفت والمبادرات خرجت عن النطاق.

وبمعنى عدم وجود حدود سياسية بعد الآن، وبالتأكيد وجود سيناريو استراتيجي لخطوات محددة قد تلجأ إليها الحكومة بمظلة قضائية وقانونية تحت عنوان إنهاء الإضراب، وبالتالي إخضاع المضربين وبحكم القانون.

الإشارة هنا واضحة بأن مخالفة قرار قضائي وقانوني تنطوي على عواقب، وقد تنتج عنها سيناريوهات قانونية أخرى لاحقاً، من وزن التلويح بشرعية النقابة التي تصر على إضراب قرر القضاء أنه غير شرعي، ما يصعد بمقترح حل نقابة المعلمين.

استمرار الإضراب 


بالمقابل أعلنت النقابة من خلال قائدها ناصر النواصرة استمرار الإضراب وعدم التراجع عنه. تلك أيضاً خطوة غير مسبوقة تجعل النقابة في مواجهة القانون وليس الحكومة فقط.

مسيرة الإضراب الطويل الذي أقلق وأشغل الناس في الأردن منذ أكثر من شهر، ليس فقط لأن الحكومة مطلوب منها قضائياً اليوم استئناف العام الدراسي حتى ولو استمر الإضراب لتبدأ سلسلة عقوبات ضد المضربين، ولكن لأن المقترح الذي تقدمت به الحكومة بخصوص زيادة مقطوعة على الراتب لا تزيد عن 45 دولاراً خرج أيضاً عن السكة بصيغة توحي بأن المواجهة تصبح الآن او قد تصبح أكبر، ولها علاقة بالشارع واحتمالاته وبقاء الضجيج وسعي نقابة المعلمين للاستثمار في لحظة البقاء فوق الشجرة.

اليوم عملياً بدأت مرحلة جديدة من أزمة المعلمين، فكرتها استئناف العام الدراسي وابتداء من اليوم الإثنين وبدون المعلمين المضربين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]