انطلقت فعاليات مهرجان مقدسة 2019 تحت اسم "نتطلّع إلى واقع أفضل" من قلب القدس وتحديدا عند تقاطع شارع هلل مع شارع الملك جورج، في حديقة "هاسوس" في احتفال التتويج المهيب أمام قصر النوافذ الذي شيدته مقدّسة في شهر يوليو هذا العام بالتعاون مع الثنائي الفنّان إيتَمار فالوجا و ليلي بيليج، و بلدية القدس من خلال مشروع "عيدن – التنمية الإقتصادية في القدس"، تخليدا منهم لذكرى الفنان المرحوم يورم أمير الذي وافته المنية مطلع العام الحالي ليكون القصر بمثابة صرح يجسد الجلالة والأصالة، كهديةٍ أخيرة منه للمدينة المحبوبة.
لقد قام يورَم بجمع النوافذ والحفاظ عليها لعقود طويلة، فكان يقوم بإنقاذها من بيوتها المهجورة ومن الأبنية المهددة بالهدم ليترك لنا نافذة أمل نحو ماضي المدينة. إنه فنّانٌ، ناشطٌ، مصوّرٌ مبدع، ببساطة إنه دون كيشوت عصرهِ ونبيٌّ محبٌّ للقدس وللإنسان.
لقد تم تشييد قصر النوافذ في قلب حديقة "هاسوس" من 550 نافذة تم جمعها من جميع أرجاء القدس، بأشكال متعددة ومن حقبٍ زمنية مختلفة، تحالفت سوية، وعُلّق أحدها فوق الأخر ليروا لنا قصة القدس وتاريخها من خلال هذا البناء الرائع. فلكل نافذة فيه يوجد تاريخ وقصة خاصة بها فهناك شبابيك خشبية انجليزية بجانب أخرى أرمنية، و زخارف عثمانية تلاطف جاراتها النصرانية، أو حتى نجمة داود تلقي تحية على هلال يحدق في زواياها.
وخلال حديثنا مع ممثل دائرة التواصل والإعلام في قسم شرقي القدس في مهرجان مقدسة 2019 عن علاقة هذا الصرح بالواقع الفلسطيني للمدينة أشار لنا عن الإرتباط الوثيق لهذه النوافذ بتاريخنا وجذورنا في المدينة، فكل نافذة منها هي بمثابة عين على الماضي، إنها خمس مائة عينٍ من خلال خمس مائة نافذة. فعلى سبيل المثال يوجد في المكان نوافذ من فندق بالاس الذي تم بناؤه في عشرينيات القرن الماضي بجانب المقبرة الإسلامية المملوكية مقبرة مأمن الله، والتي كانت بحوزة الوقف الاسلامي وذلك بأمر من مفتي القدس في حينها الحاج أمين الحسيني، بحيث كان المكان ملتقى للاجتماعات والمؤتمرات إبان فترة الانتداب البريطاني و فيه تم أخذ أهم القرارات التي حددت مستقبل البلاد حاليا. بعد ترميم المبنى وتجديده يشغله الآن فندق والدورف أستوريا وهي العلامة التجارية الفاخرة للفنادق والمنتجعات التابعة لشركة هيلتون العالمية، ولكن نوافذه الأصلية موجودة هنا في قصر النوافذ.
وأضاف كما يوجد في المكان نوافذ من مبنى محطة القطار التاريخية في القدس التي تم افتتاحها في العام 1892 خلال فترة الحكم العثماني في حي البقعة، في المنطقة بين طريق الخليل وطريق بيت لحم لتكون في حينها المحطة النهائية لخط يافا – القدس والتي عملت دون انقطاع حتى العام 1998 باستثاء فترة عام 1948.
وهنالك نوافذ من البيوت الخشبية التي كانت متواجدة على طول شارع الأنبياء في القدس، وأخرى من دار ضيافة سانت سرجيوس، ومن بيت الشعب الذي كان تابعا للجالية التمبلرية واستخدم من قبل الطائفة الأرمنية لاحقا كمكان للصلاة وغيرها العديد من النوافذ.
أطلقت مقدسة على المشروع اسم "نوافذ الأمل"، فهذه النوافذ هي بمثابة نوافذ أمل نحو مستقبل وواقع أفضل، نوافذ أمل لقدس أخرى. فهي من خلال جملة أعمال مهرجانها الفني تفتح نافذة أمل لواقعنا الذي نعيشه في المدينة لكي ننظر منها إلى الحقيقة بشكل آخر.
[email protected]
أضف تعليق