جريمة قتل الشابة اسراء غريب من رام الله سببت استياء عارما واثار غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي حيث أعلن عن وفاة الشابة الخميس الماضي (22 آب/أغسطس)، وقالت عائلتها إنها ماتت "جراء تعرضها لنوبة قلبية إثر حادث سقوط بفناء المنزل، نتيجة معانتها من اضطرابات عقلية" وفق مصادر إعلام فلسطينية. لكن الأمر لم يمر هكذا، فبعد أيام، نشرت تسجيلات في مواقع التواصل تشير إلى تعرضها لحالة عنف شديد من أسرتها، وهي الرواية الأكثر تداولاً في موقعي فيسبوك وتويتر، وجددت المطالبات النسوية بتفعيل قوانين حماية الأسرة، والاحتجاج على ما يراه الكثيرون "تهاوناً" أمام جرائم قتل وتعنيف النساء.

وفي تفاصيل الرواية، أن الفقيدة نشرت فيديو على "إنستغرام" مع خطيبها قبل عقد القران، لكن أحد أفراد عائلتها قام بتحريض باقي العائلة ضدها بدعوى أن ما قامت به يجلب العار لهم، ما جعلهم ينهالون عليها بالضرب وعلى أثره نقلت للمستشفى بكسور حرجة في العمود الفقري، ولكن أحد إخوتها أصرّ رغم ذلك على ضربها مجدداً على رأسها فكانت القاضية.

استمرار ربط الجريمة بالشرف تشرعن الجريمة

الناشطة الاجتماعية والنسوية نبيلة اسبنيولي قالت لـ "بكرا" في هذا السياق: لا شرف في الجريمة القتل هو جريمة والسكوت عن التعامل المميز ضد المرأة تحضير للجريمة، المناهج التعليمية التي تكرس الدونية تشرعن الجريمة، المنظومة المجتمعية التي تكرس التقسيم الوظيفي النمطي تتواطأ مع مرتكبي الجريمة واستمرار ربط الجريمة بالشرف تشرعن الجريمة، لا شرف بالجريمة، القتل جريمة.

هذا شعب لن يتحرر من الاحتلال، ما لم يتحرر من الاختلال والنفاق والذكورية الابوية

الناشطة الاجتماعية ومديرة جمعية "نعم" سماح سلايمة قالت بدورها: اعتقد انه جريمة مقتل اسراء غريب كشفت عورتنا جميعاً من القاصي للداني. وضعت تحت المجهر الأفكار الرجعية والذكورية في المجتمع التي تقتل النساء والفتيات كل يوم. موت اسراء كشف كيف تتواطأ وتشارك امرأة بمقتل اختها المرأة بمجرد لعب الدور التحريضي دور الحسيب والرقيب الذي علمونا إياه كي نكون نحن النسوة " شريكات " في عملية قمع بنات جنسنا. فكم امراه ضُربت وحبست وتعذبت بسبب "إفشاء اسرارها" ونميميه وغيبه لتنهش الأخت لحم اختها.

وتابعت: عملية التحريض هذه ما هي الا دور تلعبه النسوة حتى تفوز هي بلقب "الشريفة العفيفةً المحافظة". وترمي بلحم اسراء لكلاب الشرف المسعورة. وفِي هذه الحالة هم الأخوة عديمي الرحمة والإنسانية. إصبع الاتهام ليس موجها فقط للقتلة وللمرأة التي تعاونت، بل ايضا للسلطات التي رجعت اسراء للمذبحة بعد ان استغاثت صارخة في المستشفى تطلب النجدة. اما العائلة والجيران والقصص التي بثوها عن الشعوذة والجن والمرض النفسي التي تعاني منه كما يقولون هذه الفتاة البريئة ما هو الا ذر الملح على جروح اسراء التي قتلت وعذبت حتى ماتت. وكل هذا فقط بسبب صورة مع خطيبها الذي خرجت معه علنا بعلم أهلها.

ونوهت: هكذا نعلم الفتيات ان الحب ممنوع، ان اشهار انسانيتهن ممنوع، ان العلاقات الشرعية من التعارف الخطبة والزواج ايضاً ممنوع. هكذا نربي نساء مرعوبات من الحياة خائفات من الأنوثة ينخر رهاب الشرف في عظامهن ويفعلون كل شيء في الخفاء لكي يبقين على قيد الحياة. شعب يرسل ابنه ليتعلم في كندا ويفعل بها وببناتها ما شاء ويهدد من هناك انه سيقتل اخته في بيت ساحور، هذا شعب لن يتحرر من الاحتلال، عليه ان يتحرر من الاختلال والنفاق والذكورية الابوية والمعايير المزدوجة أولاً ثم يطالب بالاستقلال.

بحاجة لتغيير الثقافة والتشريعات وفرض عقوبات بحق كل من يروج لهذه الثقافة

الناشطة النسوية سما عويضة قالت بدورها لـ "بكرا": للأسف ما زالت تحكمنا ثقافة مجتمعية تبيح العنف شد المرأة وتحلل قتلها ولم يتم بذل أي مجهود حقيقي لتغيير هذه الثقافة من قبل الجهات الرسمية مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف في الوقت الذي ما زالت فيه التشريعات ضعيفة وغير حازمة الأمر الذي يستدعي وقفة جادة لتغيير الثقافة والتشريعات وفرض عقوبات بحق كل من يروج لهذه الثقافة.

الشرطة الفلسطينية التي لا توفر الحماية وتتعامل بطرق تقليدية من المشيخة والعشائر

نائلة عواد مديرة جمعية "نساء ضد العنف" قالت بدورها: جرائم ترتكب بحق النساء لكونهن نساء، اسراء قتلت أكثر من مرة وعلى كل الجهات تقع المسؤولية من وزارة القضاء لعدم وجود قوانين تحمي النساء المعنفات والشرطة الفلسطينية التي لا توفر الحماية وتتعامل بطرق تقليدية من المشيخة والعشائر، والمجتمع الصامت الذي يساهم في تعزيز مفاهيم الذكورية اتجاه النساء وتهميشهن.

وتابعت: كل فرد منا لم يمنع الجريمة صمته وسكوته يشرع للجريمة القادمة كنسويات فلسطينيات نرى ان الاحتلال وتقاعس الأجهزة لحماية النساء المعنفات وجهتان لنفس العملة فالنساء الفلسطينيات تقعن تحت نير الاحتلال بأبشع صوره وكذلك لا تسلم من إجرام المجتمع الذكوري ومن تقاعس القضاء والشرطة الفلسطينية في منع الجرائم ضدهن وحمايتهن والعمل من اجل العدالة الاجتماعية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]