توقع المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" الاسرائيلية عاموس هرئيل أن قيادة حماس في قطاع غزة تواصل العمل وفق إستراتيجيات معقدة ضدّ إسرائيل
وقال هرئيل ": في غزة يصعِّدون العنف من وقت لآخر بشكل محكم، بهدف إنقاذ التقدم في تخفيف الحصار ومشاريع تحسين البنية التحتية; في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية يواصلون التخطيط لعمليات إرهابية هدفها مزدوج-زعزعة حكم السلطة في المدن الفلسطينية وضرب الشعور الأمني الشخصي للإسرائيليين".
واضاف "ان العمليات بتوجيه من بُعد قد تنجح وتجر إلى مواجهة أوسع، لكن يبدو أنه هذه مخاطرة حماس مستعدة لتحملها مع أخذ بعين الإعتبار المكسب المحتمل، مثلما حاولت المبادرة إلى عمليات خطف، حتى ولو كان الثمن تصعيد".
أريك بربينغ، الذي كان رئيس منطقة القدس والضفة الغربية وأيضًا رئيس شعبة السايبر في الشاباك، قال للصحيفة أن الأغلبية الحاسمة من العمليات التي تواجهها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة تتطابق مع "إرهاب المنفردين"، والتي فيها عدة أفراد، أو خلايا محلية صغيرة، تنفذ عملية طعن، دهس وأحياناً إطلاق نار عن بعد، من دون قيادة عليا ومن دون تبعية تنظيمية.
وأضاف أنه "أمام هذا التهديد تعلمنا بشكل تدريجي العمل بشكل أفضل. لكن بقي أيضاً التهديد القديم، التقليدي، للإرهاب المنظم. جزء كبير من هذه العمليات مخططة وممولة من غزة. مع الإرهاب من النوع الثاني إسرائيل تتعامل بشكل ممنهج ومهني. وهي تستعين بذلك بالسلطة الفلسطينية، لأن السلطة أيضاً تنظر إليه على أنه تهديد يطال حكمها- وجزء من نشاطات حماس موجهة ضدها. يوجد هنا إلتقاء مصالح مخفي، يدار منذ سنوات طويلة بيننا وبين السلطة وهو يعمل بشكل ممتاز".
تغيير إتجاه في الخليج
وبدأت تظهر تصدعات فعلية في الحلف الإقليمي الذي أمَلت الولايات المتحدة في أن يساهم بدعم الصراع ضد إيران. ترامب إنسحب في شهر أيار من العام الماضي من الاتفاق النووي، بعد أن كان يهاجمه بشكل متواصل منذ التوقيع عليه. فيما بعد، شدد بشكل تدريجي العقوبات الاقتصادية على طهران، من خلال تهديد الشركات الدولية التي كانت تجري صفقات تجارية معها.
من وجهة نظر الرئيس، هذه الخطوة هدفها إرجاع الإيرانيين إلى المفاوضات بشروط محسنة وفرض عليهم إتفاق جديد. لكن إيران لم تنثنِ، بل ردت بضغط محكم، يتجلى بمهاجمة مصالح النفط- وأحياناً الثروات الأميركية في الخليج.
لكن الكبح الأميركي بخصوص إيران، إلى جانب التورط وكثرة الضحايا وقلة الإنجازات للسعودية والإمارات العربية في الحرب الأهلية، على مايبدو جعلا دول الخليج تعيد التفكير بسياساتها تجاه إيران. هناك إشارات كثيرة لذلك، ومن بينها إتفاق إستثنائي وقع عليه قائد خفر السواحل في الإمارات العربية المتحدة مع نظيره الإيراني، خلال زيارته إلى طهران. لكن التطورات الأهم حتى الساعة هي قرار الإمارات بتقليص (ربما بإيقاف كلياً) مشاركتها في القتال في اليمن.
من دون الدعم العسكري للإمارات، يبدو أن الطموح السعودي للقضاء على الحوثيين سيفشل بشكل نهائي. السيطرة العسكرية للحوثيين في شمال الدولة ستتواصل. أيضاً من زاوية الرؤية المحددة لإسرائيل، هذه ليست أخبار جيدة. التواجد الحوثي في المنطقة يسهِّل على تشكيل تهريب السلاح الذي يديره الإيرانيين في البحر الأحمر، الذي أحد محطاته النهائية هي حماس في قطاع غزة. الإيرانيون قادرون أيضاً على الإستعانة بالحوثيين لتهديد حرية إبحار سفن مدنية إسرائيلية وحركة القطع البحرية التابعة لسلاح البحر عبر مضيق باب المندب.
والدعم الإيراني للحوثيين حقق نتائج. بواسطة المحلقات والطائرات بدون طيار تمت مهاجمة منشآت نفط في السعودية والإمارات. إطلاق صواريخ سكود يزعج بشكل مستمر المرافئ السعودية ورموز سلطة أخرى.
بالمحصلة، النتيجة الواضحة هي ترك الصراع في اليمن بيد الإمارات. المسعى السعودي فشل، واليمن بقي مقسماً وغارق في البؤس، والإيرانيين يمكنهم تسجيل لأنفسهم إنجاز ليس بقليل. هذه بشارة سيئة للحلف المعارض لإيران، وعندما تنضم لذلك الشكوك في المنطقة بخصوص خطوات ترامب، يحتمل أن يبدأ بالتبلور هنا منحى سلبي من ناحية الرئيس الأميركي وصديقه، رئيس الحكومة نتنياهو. الخطوات ضد إيران لم تكن من البداية مسألة بسيطة. الآن يبدو أنها أصبحت معقدة أكثر-ونجاحها مشكوك فيه. هذا تشاؤم بدأ ينفذ إلى القدس أيضاً، حتى ولو لم نسمع بذلك بشكل علني.
المصدر: "قناة الميادين"
[email protected]
أضف تعليق