قدم في الأيام الأخيرة طاقم مهني، برئاسة مدير عام وزارة الداخلية ومختصين آخرين، برنامجا لوزير الداخلية أرييه درعي، يحث على إقامة سلطة جديدة، ستحمل اسم "مديرية إقليمية"، ستنضم للسلطتين: المحلية والمركزية. واعتبر اقتصاديون هذه الفكرة جريئة وشجاعة، وإصلاح جوهري في مبنى السلطات، منذ الانتداب البريطاني، خصوصا وان معظم دول ال- OECD، قد تبنتها فثبتت نجاعتها في هذه الدول. هذا ما أشار به المحاضر الاقتصادي في جامعة حيفا عصمت وتد حيث حدثنا عن التفاصيل قائلا: تتمحور تفاصيل هذا البرنامج في النقاط التالية: إقامة سلطة ثالثة، إضافة للسلطتين المركزية (المتمثلة بالوزارات الحكومية) والمحلية (المتمثلة بالبلديات والمجالس المحلية والمجالس الإقليمية). توزيع جميع السلطات المحلية (وعددها 257) على 20 مديرية إقليمية جديدة. برئاسة كل مديرية يقف مدير عام، يتم انتخابه إما على يد سكان السلطات المحلية التابعين للمديرية، وإما على يد رؤساء السلطات المحلية المنتمين لها. منح كل مديرية صلاحيات واسعة مستقلة، تنتزعها من السلطة المركزية التي من فوقها، ومن السلطة المحلية التي من تحتها. لذا سيتنازل كل من الوزراء ورؤساء السلطات المحلية على قسم من صلاحياتهم. وأهم هذه الصلاحيات – توزيع واردات المديرية الإقليمية بين السلطات المحلية من جديد، وفقا لمعايير منصفة، هدفها سد الفوارق بين السلطات الضعيفة والقوية ماليا.

الداخلية تسيطر على السلطات المحلية العربية!

وتابع: من هنا، فإن الهدف الرئيسي لهذه الخطة هو تقليص الفجوات الاجتماعية – الاقتصادية الكبيرة بين السلطات المحلية الغنية والفقيرة، كنسبة البطالة المتفاوتة، ومعدل الراتب الشهري وغيرها. وقد أنتجت وهذه الفجوات أربعة "أسباط" (كقول الرئيس ريفلين): العلمانيين، المتدينين، الحرديم والعرب. وتبدو هذه الفوارق جلية من خلال مؤشر العنقود الاجتماعي – الاقتصادي، الذي يدرج مددنا وقرانا العربية في أدنى درجات السلم (1-4).

ونوه قائلا: نستطيع القول أن السلطات المحلية اليوم غير مستقلة إطلاقا في عملها عن السلطة المركزية، وتسيطر عليها وزارة الداخلية، ولهذه الهيمنة والسيطرة سبب تاريخي يعود للانتداب البريطاني قبل أكثر من مئة سنة، لذا آن الأوان لتغيير هذه المنظومة غير الناجعة، التي لا تلائم واقع القرن الحادي والعشرين، خاصة إثر عدم نجاعتها وعجز السطات المحلية ماليا وإداريا، وعدم ثقة السكان بها. وهذه الغربلة للسلطات المحلية بعضها ببعض من جديد، وإعادة توزيع الموارد بينها، يمكن أن تؤدي إلى حل مشاكل سلطاتنا المحلية المزمنة والمستأصلة، وهذا سيرفع من مستوى الخدمات المحلية التي تقدم لأبناء مجتمعنا العربي. لكن هذا مشروط بدمج وغمس سلطاتنا المحلية العربية بالسلطات اليهودية الغنية ضمن مديرية إقليمية واحدة. أما إذا أقيمت مديريات إقليمية عربية محضة، وأخرى يهودية محضة، فلا جدوى لمثل هذه الخطط، بل قد توقع سلطاتنا المحلية إلى أسفل سافلين، وهذه المسؤولية تقع على أكتاف وزير الداخلية تجاه 20% من سكان الدولة.

التعاون الإقليمي يشكل الاستراتيجية الأهم في تطوير العمل البلدي والحكم المحلي!

د. وائل كريم الخبير الاقتصادي قال لـ "بكرا": ان موضوع التعاون الإقليمي يشكل اهم الروافع الاقتصادية للحكم المحلي خاصة في دوله فيها عدد السلطات المحلية من اعلى المستويات نسبة لعدد السكان. في بحث الذي أجريته قبل ثلاث سنوات تبين ان هذه الاستراتيجية هي الأضعف في مجمل الاستراتيجيات التي تستعملها السلطات المحلية لرفع مستوى الخدمات ونجاعة عملها البلدي.

ونوه: لقد قدمنا توصيات كثيره منها إقامة وتشجيع العناقيد الاقليمية كرافعه تطوعيه تستطيع السلطات الانضمام اليها طوعا ولكن مقابل امتيازات وتشجيعات، كذلك إقامة مديريات اقليميه تقوم بتنظيم الأمور المشتركة للبلدان مثل البيئة والبنية التحتية والمواصلات المنطقية والمشاريع الضخمة التي تحتاج الى قطاع كبير يستطيع تحملها وتفعيلها بنجاعة. ان التعاون الإقليمي يشكل الاستراتيجية الأهم في تطوير العمل البلدي والحكم المحلي على مستوى الدول المتطورة كما هو الحال في منظمة ال OECD. انطلاقا من هذه الاعتبارات بدأت وزارة الداخلية بالتفكير جديا في إقامة هذه المجالس او المديريات الإقليمية لزيادة نجاعة الحكم المحلي ورفع مستوى الخدمة عند المواطن

المدخولات الكبيرة لجهاز الحكومة تأتي لصالح نتسيرت عيليت على حساب مدينة الناصرة

د. رمزي حلبي الخبير الاقتصادي عقب بدوره قائلا: اعتقد انه انجاز تاريخي للحكم المحلي في إسرائيل وخاصة للسلطات المحلية العربية، والسبب في ذلك ان اليوم احدى المشاكل الأساسية التي يعاني منها الحكم المحلي في إسرائيل هي الفجوات والفروق الواضحة والكبيرة بين السلطات المحلية الغنية والفقيرة، والسلطات المحلية العربية اقتصاديا واجتماعيا هي من العناقيد المتدنية من3-1 مقارنة بالسلطات اليهودية التي تقترب من العنقود التاسع والعاشر لذلك فان كل إعادة توزيع دخل وموارد ستعود بالفائدة على السلطات الضعيفة عامة وعلى السلطات العربية بشكل خاص.

وأضاف: خلال زياراتي الى خارج البلاد لاحظت ان هذه الفكرة موجودة في أمريكا وأوروبا والحكم المحلي في بريطانيا وتسمى "كاونتي" وهي فكرة ممتازة ممكن ان تأتي بتوزيع عادل أكثر للموارد الحكومية والمدخولات على اكثر من سلطة محلية وتقسيم الغنى في إسرائيل بشكل عادل اكثر، هناك الكثير من الظلم والتمييز ضد السلطات الكبيرة والسلطات العربية.

معارضة كبيرة!

وقدم حلبي مثالا حيث قال: المدخولات الكبيرة لجهاز الحكومة تأتي لصالح نتسيرت عيليت على حساب مدينة الناصرة وكذلك الامر في كثير من الأماكن في البلاد، أتوقع ان يواجه الوزير درعي معارضة شديدة خاصة من اكبر 15 سلطة محلية من تل ابيب وحيفا والقدس وغيرها، هذه المدن الغنية ستعارض المخطط في هذه الحالة ولكن الاختبار اذا حظي درعي بدعم رئيس الحكومة والحكومة المستقبلية التي ستقام في سبتمبر- أيلول القادم فمعنى ذلك ان هذا الامر سينجح، علما انني لا اعول كثيرا على هذا حيث ان المعارضة ستكون شديدة وجدا ودرعي ممكن ان يتراجع عن هذا الامر في اللحظات الأخيرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]