لا زالت قضية صفقة القرن ومؤتمر البحرين الذي عقد مؤخرا بمشاركة ضئيلة واعتبرته الكثير من الدول خاصة الجانب الفلسطيني انه الجانب الاقتصادي التمهيدي لصفقة القرن التي سيتم خلالها تصفية القضية الفلسطينية وبيع الأراضي مقابل حفنة دولارات تشغل الرأي العام، على الرغم من الآراء الكثيرة التي تحدثت عن فشل المؤتمر في تحقيق أهدافه لا سيما وان مخرجاته ليست واضحة بما يتعلق بتوزيع الأموال التي طرحت مقابل القضية الا ان فئة أخرى رأت بان موضوع الصفقة مستمر بالرغم من تغيب الجانب الفلسطيني عن ورشة المنامة ورفضه المشاركة مشيرين الى ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينتظر فقط الفرصة الملائمة عقب انتهاء الانتخابات الإسرائيلية وفوز نتنياهو ليدفع الصفقة المشبوهة قدما.

الدول المشاركة في صفقة القرن تلغي قرارات الأمم المتحدة الداعمة للفلسطينيين!

الكاتب والمحلل السياسي والصحفي حسام عرار قال ل "بكرا": ورشة البحرين ولدت ميتة ومن شارك بها عليه ان يستحي من المشاركة وقد شاهدنا تمثيل هذه الدول ما دون المستوى حيث حضر عن الأردن وكيل وزارة المالية وهذه الورشة التمهيدية للانطلاق بصفقة القرن ما هي الا خطوة فاشلة لم ولن ترى النور وهناك مواقف عربية داعمة للقضية الفلسطينية ولشرعية القرارات الدولية، لذلك فان ورشة البحرين هي عبارة عن ملتقي المطبعين والمهرولين لأحضان الصهيو- أمريكية العالمية، هي ليست ورشة سياسية انما اقتصادية ولن ينالوا من شاركوا بها ما يتوقعون من المال، فعندما وقع السادات اتفاقية كامب ديفيد وعد الشعب بالانفتاح الاقتصادي ونرى للأسف وضع الشعب المصري الان، وعندما وقعت صفقة غزة واريحا أولا قالوا بان الضفة الغربية ستصبح افضل ونحن نشاهد وضعها اليوم لذلك انها وعود مزيفة مقابل المال.

لا يستطيع أي احد من شعبنا الفلسطيني العظيم ان يوافق على هذه الصفقة

وتابع: نحن نشد على ايدي القادة الفلسطينيين والفصائل لتمسكهم برفض هذه الصفقة وعندما نشاهد ان ترامب استمر في ورشته على الرغم من الغياب الفلسطيني الرسمي والشعبي ليقول للعالم بان المال يستطيع ان يفعل كل شيء لكنه سيفشل لان الأرض والعرض والكرامة لا تقدر بثمن، ورشة البحرين هي عار على كل من يشارك فيها والمشكلة بهذه الورشة بان العرب هم الذين سيدفعون ويغطون هذه الاعمال والمشاريع، لن تكون هناك سيادة او دولة او سلطة على المياه او عودة اللاجئين ولا كنيسة المهد والمسجد الأقصى، لا يستطيع أي احد من شعبنا الفلسطيني العظيم ان يوافق على هذه الصفقة.

واعتبر عرار ان من يشارك من الدول في هذه الصفقة فانه يقر ويعترف بإلغاء قرارات الأمم المتحدة، حيث ان ترامب وكوشنير ونتنياهو يريدون ان يلغوا قرارات مجلس الامن الدولي 1422 حق عودة اللاجئين وحدود ال67 وتكون بذلك هذه الدول وافقت على شطب القرارات الدولية التي تدعم الشعب الفلسطيني.

الإدارة الامريكية تؤجل صفقة القرن الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية كي لا تعطل مسيرة الانتخابات

الإعلامي والخبير السياسي محمد السيد كان له رأيا مخالفا حيث يعتقد ان صفقة القرن بدأت بالفعل عندما نقلت السفارة الامريكية الى القدس والاعتراف بان القدس هي عاصمة دولة إسرائيل وبقيت ربما أجزاء أخرى من صفقة القرن سيتم تنفيذها لاحقا تتعلق بالسيادة والأرض وكل ما يتعلق بغزة والضفة، ولكن الإدارة الامريكية تؤجل هذا الموضوع الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية كي لا تعطل مسيرة الانتخابات وتريد ان يفوز نتنياهو في هذه الانتخابات من اجل إتمام الصفقة بشكل نهائي، على ما يبدو ان هناك شبه اجماع عربي حول هذه الصفقة خاصة الجانب الاقتصادي منها الذي يتمثل بورشة البحرين والتي شهدت مشاركة عربية واسعة حتى من دول الجوار التي عول عليهم الفلسطينيون مثل الأردن ومصر، المردود المادي الكبير الذي تتوقع بعض الدول الحصول عليه هو ما دفعها الى المشاركة والجانب الفلسطيني ربما في مرحلة متقدمة سيكون هناك تدخل لرجال اعمال فلسطينيين في هذه الصفقة، واذا كانت هناك نية أمريكية بتمريرها ستمر الصفقة بشكل كامل ونهائي ليس فقط بما يتعلق بالفلسطينيين وانما بالعرب بشكل عام، الهدايا التي تقدم لإسرائيل تدفعها لهذا التوجه والدفع باتجاه صفقة القرن علما انه رسميا لم يعلن عن ذلك في إسرائيل حيث انه من ضمن الهدايا التي تلقتها إسرائيل الاعتراف الأمريكي بمرتفعات الجولان كجزء منها.

العرب لم يتعلموا من دروس الماضية، هذه الأموال لن تمنح للفلسطينيين بشكل مباشر

ونوه السيد الى انه كان هناك مشاركة عربية كبيرة في مؤتمر المنامة الى جانب مشاركة أمريكية وأوروبية وإسرائيلية كما قيل وتناولت هذه الورشة الجانب الاقتصادي حيث كان هناك اغراءات كبيرة جدا، العرب لم يتعلموا من دروس الماضية، هذه الأموال لن تمنح للفلسطينيين بشكل مباشر، 50% من هذه الأموال هي باعتبار قرض للفلسطينيين بمثابة منح تجزأ الى أجزاء، قسم منها للمشاريع الخاصة وليست تابعة للفلسطينيين رسميا، واعتقد ان من هذه الأموال سيتبقى فقط من 10-15% للفلسطينيين بهدف التغطية على عجز مالي معين علما انهم يستطيعون الان الاكتفاء رغم الحصار المشدد على قطاع غزة وأيضا الوضع الصعب الذي يمر به الفلسطينيون في الضفة الغربية وعدم السماح لهم بتصدير منتجاتهم، لكن الجوانب الاقتصادية هي طعم لرجال اعمال فلسطينيين يجلسون على الجدار لم نسمع الكثير منهم حول هذه المسألة ربما هم الفاتحة لهذه الصفقة وهرولة الفلسطينيون نحو هذه الورشة والسلام الاقتصادي ونحو صفقة القرن بالمحصلة النهائية يحركهم الدافع الاقتصادي وبناء ورش كبيرة للعمل على الحدود بين أراضي السلطة وإسرائيل، بهذه الحالة نرى ان التساقط الفلسطيني ربما يكون سيد الموقف في مرحلة متقدمة من هذه الصفقة.

للأسف نحن نتخبط في تحركاتنا نبحث عن فتات ونترك الجوهر

اما بخصوص مواجهة هذه الصفقة فيعتقد السيد انه لا قوة للفلسطينيين بمواجهتها خاصة ان وضع العرب في إسرائيل معقد ومشغول بالانتخابات القادمة، وتابع: نحن كغيرنا من العرب ننظر الى مصالح ضيقة وشخصية وهذا التحرك من الداخل سيكون محدود جدا علما ان العرب في إسرائيل هم جزء كبير من هذه الصفقة حيث ان إسرائيل اقنعت الولايات المتحدة رسميا بان المشكلة لا تكمن فقط في الضفة وغزة وانما العرب في إسرائيل الذين يشكلون اكثر من 20% وما زالوا يعتبرون انفسهم فلسطينيين ولا يخضعون بشكل رسمي الى المؤسسة الإسرائيلية انما بالشكليات واذا كان هناك حل شامل في المنطقة لا بد ان يشمل العرب في إسرائيل، مثل ترسيم حدود في بعض المناطق اذ ان إسرائيل توافق ان يكون بداخلها ما بين 5-10% من العرب لكن ان توافق الى ان يصل عدد العرب الى اكثر من 20% فذلك مستحيل وستستغل هذا الوضع الان من اجل حل جزء من هذه القضية والدفع بهذا الاتجاه من اجل تعديل جدار اخر، ربما الجنون الأمريكي أيضا سيقبل بها وسنكون نحن في صلب الموضوع، التحرك يجب ان يكون مدروس وعملي بمشاركة الجميع وعدم التفرد، للأسف نحن نتخبط في تحركاتنا نبحث عن فتات ونترك الجوهر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]