من المقرر ان تجتمع غدا الأربعاء التاسعة والنصف صباحا اللجنة المسؤولة عن اطلاق سراح الاسرى في محكمة السلام في الرملة من اجل فحص طلب اطلاق سراح دلال داوود من الرملة. والتي قضت مدة 18 عاما في السجن بتهمة قتل زوجها.

حكاية دلال ليست كما تظهر للعيان فهي معقدة اكثر، فدلال شأنها شأن كثيرات من النساء في المجتمع العربي في إسرائيل تم تعنيفها وارتكاب افظع الجرائم بحقها تعذيبها وحتى اغتصابها مباشرة بعد ان عادت من المستشفى عقب ولادة ابنها حيث حاول زوجها القتيل تجريدها من ملابسها بالقوة واقام معها علاقة جنسية امام أولادها، تعنيف انتهاك واغتصاب لإنسانية امرأة لمدة خمسة سنوات قادتها الى الدفاع عن نفسها بعد ان توجهت للشرطة ومؤسسات كثيرة وطلبت الحماية، ولكن في كل مرة كانت تعود خالية الوفاض حتى فاض بها، وقررت وضع حد لمعاناتها من خلال انهاء حياة من يتجبر عليها ويستضعف انسانيتها وانوثتها دون رحمة او مخافة او شفقة.

قاتل استمر بأفعاله الدنيئة بحق دلال، قتلها ببطىء حتى انتفضت وثارت فقتلته مرة واحد وزجت بالسجن، عذبت مرتين خمس سنوات تعذيب وانتهاك من زوجها وثمانية عشر عاما في السجن تدفع ثمن جرم ارتكبته لوضع حد لمعاناتها واحتلال روحها وجسدها.

قصة دلال استعطفت عددا من الناشطات النسويات ليطلقن حملة لتجنيد الرأي العام بهدف إطلاق سراحها غدا، علما ان عدد من الجمعيات النسوية العربية رفضت التضامن معها تحت مبدأ ان ما قامت به هو عنف وأننا لا نعيش وفق مبدأ الغاب الذي ينص على ان السن بالسن ونسوا ان دلال لم تجد من يحميها ويساندها مثل كثيرات من النساء اللواتي لم يحذوا حذو دلال واليوم هن تحت التراب، فقامت ما قامت به لتحمي نفسها وتحافظ على حياتها وكرامتها.

إدارة السجون تتعامل مع دلال بشكل سيء وتحاسبها على أمور تقنية

هالة عبد الهادي من حملة "إطلاق سراح دلال": كان هناك محاولات في السنوات السابقة كوسيلة ضغط لإخراج دلال من السجن ولكن مؤخرا تواصلنا معها بشكل شخصي وحاولنا ان نلتقي بها في أيام العطل، وحاولنا ان نقوم بخطوات معينة حتى توافق لجنة إطلاق سراح السجناء غدا الأربعاء على خروج دلال من السجن.

وتابعت: بشكل عام لا اعترض على عمل الجمعيات النسوية في الداخل لأنه عمل مهم، هم يعملون ويعطون دعم واضح، ولكنني اعتقد ان دعم دلال ليس دعم للعنف، لأنها خسرت من حياتها ثمانية عشر عاما في السجن وقبل ذلك تعرضت للانتهاك والاغتصاب والتعنيف ونحن نحاول ان ندعمها ونؤكد اننا معها، لذلك انا لا انظر الى الامر وكأنني إذا دعمت دلال فإنني ادعم العنف بل انظر الى القصة بخلفيتها وبشكل كامل واحاول ان اعطي مساعدة قدر المستطاع حتى تستطيع اكمال حياتها بشكل اخر وأفضل.

وأضافت قائلة: هناك توصيات ان تخرج دلال من السجن علما ان النيابة العامة ترى انها بحاجة الى البقاء في السجن لفترة أطول ولكننا رأينا أن إدارة السجون تتعامل مع دلال بشكل سيء وتحاسبها على أمور تقنية، تتهمها بخرق القوانين بسبب أمور بسيطة وبالتالي تمنعها حتى من العطل التي تحق لها، المنع يحصل لأمور تقنية مثل تغيير لون ملابسها بعد عودتها من العطل، النتيجة لا نعرفها حتى اللحظة وسنعرفها غدا بعد قرار محكمة السلام في الرملة حيث اذا اقرت المحكمة اطلاق سراحها فسيتم نقلها الى مستشفى خاص لاستكمال التأهيل، الأمور التي مرت بها دلال كانت صعبة جدا وكان من الأفضل ان لا يتم سجنها بل وضعها منذ البداية في مكان تأهيل.

هناك نساء عربيات اخريات موجودات في السجن لنفس الأسباب

المحامية سابير عمران قالت بدورها: بالتأكيد هناك دعم وانا أستطيع ان أرى ذلك أيضا من خلال صفحة الحملة في الفيسبوك، في كل الأحوال سيصل على الاقل 100 شخص الى مظاهرة الغد ونحن متأكدون من ان النضال سينتهي غدا بعد ان يتم إطلاق سراح دلال، وبكل الأحوال سنستمر في هذا النضال، الاحتمالات ان يتم إطلاق سراحها غدا كبيرة جدا لذلك نقوم حاليا على حشد الجماهير والراي العام لدعم قضيتها ما سيساهم بإخراجها من السجن.

وكشفت ل "بكرا" عن حالات أخرى موجودة في السجن لنساء عربيات اضطررن القيام بما قامت به دلال بعد ان فشلت كل المحاولات بالحفاظ على انفسهن وحياتهن خصوصا وانهن قد توجهن للجهات المسؤولة ولكن دون رادع حيث قالت: هناك أيضا ثلاثة نساء في السجن منذ سنوات لنفس الأسباب التي دخلت دلال السجن لأجلها، منهم واحدة او اثنتين عربيتين، ما يؤكد انه عندما تتوجه النساء الى مساعدة فان السلطات لا تهتم بهذا الامر، من خلال لربما حماية هؤلاء النساء او جمع السلاح من المجتمع العربي، ومؤخرا كانت هناك محاولات لإغلاق ملجأ النساء الوحيد في الشمال للنساء العربيات، حيث ادعوا بانه لا يوجد ميزانيات لتمويل المركز، وهذا يؤكد ان المرأة العربية بالرغم من معاناتها فهي تتوجه للسلطات والشرطة ولا يتم حمايتها وأيضا يريدون اغلاق الملاجئ التي تؤمن لهم الحماية ولا يريدون تحويل ميزانيات لحمايتهن وبالتالي لا يوجد أي مكان تلجأ اليه المرأة العربية لحماية نفسها ما يضطرها القيام بما قامت به دلال.

وعن رفض جمعيات نسائية عربية دعم دلال بذريعة ان الامر يشرع العنف قالت: توجهت كثيرا لجمعيات نسائية عربية ولم أجد أي دعم، خصوصا انه قام بتعذيبها واغتصابها بعد ان عادت من المستشفى دون رحمة. ولكن هناك جمعيات ترفض الوقوف بجانبها لأنهم يعتقدون انهم بهذه الطريقة يدعمون ويشرعون العنف.

في إسرائيل عشرات الرجال الذين قتلوا النساء ولم يحاكموا

الناشطة النسائية ومديرة جمعية "نعم" النسائية سماح سلايمة قالت: انا اعتقد انه يجب دعم دلال، لأنها نالت ما تستحقه من عقاب حيث ان ثمانية عشر عاما تكفي في السجن خصوصا ان هناك قتلة نساء لم تتم معاقبتهم او محاكتهم وهناك اخرين تم سجنهم لمدة اقصر من المدة التي سجنتها دلال، امرأة ارتكبت جريمة بهذه الظروف التراجيدية انا استغرب من ان يتم معاقبتها بهذه الطريقة وقد شهد المجتمع الإسرائيلي حالات مشابهة وقد تضامن القضاء والمجتمع معهم مثل الشخص الذي قتل مغتصبه او الشاب الذي قتل ابوه لأنه يستمر بتعنيف امه في حين لا يتم التعاطف مع دلال واخذ ظروف معاناتها بعين الاعتبار، موضوع دلال يجعل الانسان يتعاطف معها وفقا للعدل الطبيعي.

وتابعت: بطبيعة الأحوال انا كنسوية ضد استعمال العنف لحل أي مشكلة، ولكن من ناحية أخرى نحن اليوم في عام 2019 وهناك في إسرائيل عشرات الرجال الذين قتلوا النساء ولم يحاكموا ولم ينصف القضاء هؤلاء النسوة، هناك جرائم قتل نساء واعتداء عليهن والقتل حر وطليق، ونحن نتحدث عن انسانة كان يتم الاعتداء عليها وتعنف لمدة طويلة وحاولت مساعدة نفسها بطرق طبيعية من خلال اللجوء الى الشرطة ومؤسسات كثيرة لم تساعدها حتى قررت في يوم من الأيام ان تنهي حياة الشخص الذي يسبب لها هذا الألم، وبالرغم من ان هذا القرار هو خاطئ ولكن في حينها وفقا لظروفها الصعبة كان هذا هو القرار الصحيح، وانا قبل ان أكون نسوية فأنا امرأة اتعاطف مع دلال خصوصا انها حاولت حماية نفسها قانونيا وليست مجرمة بطبيعتها، وانا اعتقد انها دفعت ثمن جريمة قامت بها على الرغم من كل الانتهاك الذي حصل لها وكانت هي ضحيته وهي أيضا دفعت الثمن وقد قضت عقوبتها في السجن وقتا كافيا خصوصا ان هناك احكام معينة بقضايا قتل نساء والاعتداء على نساء اقل لكثير من قضية امرأة معنفة قررت ان تأخذ حقها بيدها، لذلك فان دلال يجب ان تخرج من السجن بعد 18 عاما وان يتم ادخال عشرات القتلى من الرجال مكانها الذين يمارسون حياتهم بشكل عادي دون حسيب او رقيب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]