بينما تحتفل إسرائيل اليوم "بعيد استقلالها" .. يحيي أبناء شعبنا الفلسطيني اليوم الذكرى الـ71 للنكبة، نكبة عام 1948 حين أعلن عن قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين وبالمقابل تهجير القسم الأكبر من أبناء الشعب الفلسطيني وطرده من مدنه وقراه في الجليل والمثلث والنقب ليتشتت في كل بقاع الأرض، في دول الجوار، وفي مناطق أخرى من الوطن، تهجير تم بقوة السلاح الذي حملته العصابات الصهيونية مدعومة بالجيش البريطاني وقتها.

(إليكم فيديو يشرح رواية النكبة، من اعداد الزميلة نرمين موعد)

وتحت شعار "استقلالهم نكبتنا" تحيي الجماهير العربية مسيرة العودة السنوية هذا العام على أراضي قرية خبيزة المهجرة في سهل الروحة.


خلال الأعوام الـ71، تعرض الشعب الفلسطيني وما زال للعديد من النكسات والاعتداءات، فمن حرب تخسر بها كل الجيوش العربية أمام إسرائيل ويتم احتلال الضفة الغربية والجولان وسيناء، إلى عدوان تلو عدوان ثم معاهدات سلام لا تقدم سوى المزيد من الذل ومن استمرار الاحتلال، خلال الـ71 عامًا، تستمر نكبة الشعب الفلسطيني وتتجدد.

نكبات متواصلة في الداخل
وفي وقت يعاني منه شعبنا الفلسطيني من كافة صور الاحتلال والذل، تعيش الشعوب العربية المجاورة وخصوصًا الشعب السوري الذي لطالما كان الشعب المحتضن للفلسطينيين وللمقاومة، حالة من الحرب والدمار تعيشها سورية منذ 8 أعوام، وذكرنا واهتمامنا لقضية سورية لكونها قريبة جغرافيًا منا ولكوننا أصلًا جزء من هذا الشعب وبلدنا جزء من سورية الكبرى وبلاد الشام هذا لا ينفي تعاطفنا مع الشعوب العربية الأخرى التي تعاني نكبات الارهاب والمؤامرات الخسيسة في العراق وليبيا ومصر، وفي اليمن الذي يعاني من عدوان اجرامي.
ولو تطرقنا قليلًا لحالنا في الداخل، ونحن أهل فلسطين الذين بقوا على أرضها، لرأينا أننا في عام 2019 وبعد 71 سنة من النكبة، نعاني من نكبات ربما لا تقل خطورة عن النكبة نفسها، وأولها وأبرزها نكبة العنف المستشري في مجتمعنا، ففي كل عام هنالك عشرات القتلى من أبناء شعبنا في الداخل، يقتلون برصاص وسلاح أبناء شعبهم أيضًا، الخلفيات كثيرة ولكن النتيجة واحدة، الفقدان .. ولانتشار العنف أسباب كثيرة منها ما تتحمله الحكومات الإسرائيلية بسياساتها العنصرية التي جعلت من المجتمع العربي مجتمعًا فقيرًا محدود التطور والتقدم مما شكل أرضية خصبة لأعمال العنف، إضافة لتقصير الشرطة في مناهضة العنف ومحاسبة مصادره، ومن الأسباب أيضًا بعض أخلاقنا وعاداتنا وأفكارنا التي يجب أن نخرج منها وتخرج منها، كاستغلال العائلية لأهداف سيئة وكقضية الثأر وعصابات الاجرام وغيرها، وللعنف أيضًا صورُ أخرى كعنف الشوارع الذي يعتبر نكبة أيضا، حيث يفقد مجتمعنا سنويًا عشرات الأشخاص جراء حوادث الطرق، ونسبة الضحايا العرب في حوادث الطرق اكبر بكثير من نسبة العرب في البلاد ومعطى كهذا يجب ان يضيء مصباحًا أحمرًا فوق رؤوسنا لنعرف أننا في الطريق الخاطئ الذي يجب أن نتصرف بالشغل الصحيح لنعود عنه، وأيضًا قضية حوادث العمل الخطيرة التي تحصل بكثرة، كل هذه وقضايًا أخرى هي نكبات خطيرة، تسببت بها النكبة والاحتلال .. وأمور اخرى.


صفقة القرن 
كما وتتزامن ذكرى النكبة في هذا العام، مع مرحلة مفصلية في تاريخ شعبنا، حيث تستعد الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة حليف إسرائيل الأكبر، دونالد ترامب، للإعلان عن "خطة القرن" والتي على ما يبدو ستجهض الحلم الفلسطيني في حال نجحت، وفي حال لم تنجح سيخضع الشعب الفلسطيني للمزيد من الابتزاز والضغوطات من قبل الغرب وأتباعه في الخليج العربي. وتتزامن أيضًا مع الانقسام الذي ما زال مستمرًا في قيادة الشعب الفلسطيني، ومع حالة غزة التي تعاني ويلات الحصار ودماء شهداء العدوان الأخير لم تجف بعد أصلًا ولا آثار الدمار.


الكبار ماتوا .. لكن الصغار لم ينسوا
أخيرًا في ذكرى النكبة، واجبنا أن نفنّد دائما مقولة زعيم اسرائيل الأول في زمن النكبة، دافيد بن غوريون الذي قال أن الكبار سيموتون والصغار سينسون، وهذا ما لم ينجح بتوقعه بن غوريون، ففعلا الكبار ماتوا لأن هذه هي سنة الحياة، أما الصغار فيثبتون من جيل إلى جيل أن الوعي للقضية والروح الوطنية أمور تتجدد من جيل لآخر وأن حق العودة حق لا مجال للتنازل عنه.
لنتمنى أن تتوقف النكبات التي نعيشها .. وليكن احياء ذكرى النكبة في العام القادم في وضع يكون به حال الشعوب العربية وشعبنا خاصة، أفضل ..
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]