كتبت صحيفة "هآرتس" أن مراسم الذكرى الإسرائيلية – الفلسطينية المشتركة، أقيمت مساء أمس (الثلاثاء)، في حديقة "هياركون" في تل أبيب، بحضور آلاف الأشخاص. وتحدث في المراسم إسرائيليون وفلسطينيون فقدوا أحبائهم. وهذه هي السنة الرابعة عشرة التي تقام فيها هذه المراسم، التي قال عنها المنظمون أنها "أصبحت، بالإضافة إلى كونها مراسم تذكارية، رمزًا وبيانًا عامًا وشجاعًا لكل من يريد اختيار طريق السلام على طريق الحرب. في هذا الوقت بالذات، في الأسبوع الذي ازدادت فيه العائلات الثكلى الإسرائيلية والفلسطينية، هناك حاجة إلى مقولة واضحة ومدوية: نعم للأمل والمصالحة، لا لليأس والثكل".

وتظاهر عشرات الأشخاص خارج الحديقة ضد هذه المراسم، وحاول بعضهم حرق العلم الفلسطيني. واعتقلت الشرطة خمسة منهم بسبب خرق النظام و"القاء أشياء على المشاركين". وقد حاول بعضهم عبور السياج الذي فصلهم عن المشاركين. وردد المتظاهرون هتافات ضد المشاركين في المراسم نعتوهم فيها بـ "الخونة" و "كافو" و "نازيين" وصرخوا: "سيصل الإرهاب إليكم أيضًا، لا تخطئوا". وصاح أحد المتظاهرين "إن العربي الذي يجلس في المراسم يشتهى ابنتك يا سيدي، هذا يوم إحياء ذكرى ضحايا الجيش الإسرائيلي، وليس الإرهابيين، فليأخذكم الله أيها اليساريون، اليساريون المتعفنون".

وألقى رئيس منتدى منظمات السلام، يوفال رحيم من تل أبيب، الذي فقد والده في حرب الأيام الستة كلمة في المراسم، قال فيها: "يا أبي العزيز، لقد سقطت في اليوم الثاني من الحرب. يطلقون عليها حرب الأيام الستة، على الرغم من أنها لا تزال مستمرة. لقد مر اثنان وخمسون عامًا، وفي كلا الطرفين يتواصل القتل بسببها، وما زال الجميع على يقين من أننا انتصرنا" وأضاف: "في صباح اليوم التالي لتوقيع اتفاقيات أوسلو، استيقظت وزرعت شجرة زيتون صغيرة عند قبرك، حتى تعرف أن الحروب قد انتهت، ومنذ ذلك الوقت يحرص حراس الحديقة في قسم إحياء الذكرى على قص فروعها كي لا تتحول إلى شجرة، وهكذا حتى بعد مرور 26 عاما لا تزال شجيرة صغيرة."
وأضاف: "أنت تعلم أنني لم أعد أصل إلى مراسم الذكرى في المقبرة، لم أعد أستطيع المشاركة فيها، لكني اصل كل عام إلى هنا، أتأثر بالتواجد هنا مع آلاف الشجعان الذين لا يخافون من الاعتقاد بأن هناك طريقة أخرى، وأن هناك من يمكن التحدث معهم، وان الألم لا يعرف قومية ولا علم. وبعد قليل، وكما في كل سنة سأذهب في نهاية هذه المراسم الرائعة إلى كريات شاؤول لأجلس معك، مع آلاف الشموع التي تومض هناك، ومع الشجيرة الصغيرة التي سترى ذات يوم، أنها ستنمو وتصبح شجرة زيتون."

وتحدث الفتى الفلسطيني محمد علي موسى درويش، البالغ من العمر 14 عامًا، من مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم. عندما كان محمد في العاشرة من عمره، أصيب صديقه عبد الرحمن شادي عبد الله برصاصة طائشة خلال اشتباكات في مخيم اللاجئين. درويش عضو في فرقة المسرح "مقاتلون من أجل السلام". وقال في بداية كلمته "أتذكر اليوم الذي دمر فيه الجيش الإسرائيلي اللعبة التي أحببناها، كرة القدم على أرض المدرسة، حيث كنا تقضي الوقت دائمًا".
"كان دوي الطلقات والقصف أقوى من أي وقت مضى وكانت المواجهات قاسية: اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم ... أتذكر أنك طلبت مني أن أذهب معك لكي نشاهد المواجهات، لكن الخوف وحده هو الذي منعني من مرافقتك. يا صديقي لم أكن اعرف ان هذا سيكون طلبك الأخير مني. عندما تركتني وسرت، التصقت في المكان وتابعتك عيناي وأنت تمشي بعيدًا، حتى لم أعد أراك جيدًا، تقدمت قليلاً وانا أصرخ بك لكي ترجع، لكن دوي الطلقات والصراخ كان أعلى من صوتي المرتعش.
"وبين الخوف والصراخ وأصوات إطلاق النار، سقطت يا صديقي، لم تكن الرؤية جيدة، واعتقدت أنك تمزح معي كالعادة، وأن هذه مزحة أخرى منك. وفقط بعد أن ركض الناس نحوك وتجمعوا من حولك وهم يصرخون: مات الولد"، عرفت ما الذي حدث. اقتربت وشققت طريقي بين الناس الذين كانوا يحتشدون لرؤيتك مستلقيا، تغوص في دمك. فقدت الشعور في جسدي وصرخت بك: "انهض، يا عبد! ماذا حدث لك؟" وخلال لحظات أخذك الحشد واختفيت إلى الأبد، واليوم أعلم أنه في هذا الصراع الملعون المليء بالكراهية والتعصب، لا أحد مستثنى، ولا توجد شفقة حتى على الأطفال الأبرياء."

وتابع الفتى: "أعدك بأنني أتحدث عن موتك من أجل إعادة الحياة إلى طريقها الإنساني، وفي السنوات الأخيرة اخترت تخليد ذكراك من خلال أنشطة السلام. صديقي الشهيد الفتى عبد الرحمن، أقول اليوم لمن قتلك – تذكر عندما تضع رأسك على الوسادة، أنك قتلت طفلاً بريئًا، سببت الألم لقلب أمه وأبيه وأخواته وإخوته، أضفت إلى الكراهية ووسعت دائرة الصراع، وأنا أقول لك، يا عبد الرحمن، ولكل من يجلس هنا ويسمع – الرواية التي تجرفنا جميعا، كما لو ان هذه الأرض تساوي دماء البشر، هي كذبة. وأطلب من الأجيال القادمة أن تتوقف عن تصديق هذه الكذبة، التي هي نتاج مصالح البشر، كي نتوقف جميعًا عن أن نكون ضحايا لهذا الصراع الرهيب المستمر، وأطلب باسمك، ساعدونا على استعادة الحب الذي ولدنا معه والتخلي عن الكراهية والتعصب الذي أورثوه لنا".

ولأول مرة تم مساء أمس، عرض بث للمراسم التذكارية الإسرائيلية الفلسطينية في قطاع غزة. فقد قرر رامي عمان، الناشط الاجتماعي الذي يبلغ من العمر 37 عامًا، عرض بث للمراسم في مكاتب المنظمة التي أسسها: "مجلس شباب غزة". وقال لصحيفة هآرتس قبل ذلك: "آمل أن يحصل الناس في غزة على فكرة مختلفة عن الإسرائيليين - وأن يتعرف الإسرائيليون على جانب آخر من غزة". وأوضح أن العرض لم يتم في مكان عام بسبب المخاوف الأمنية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]