تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتس" مقالاً مشتركاً للنواب الثلاثة السابقين في الكنيست: حاييم أورون وديدي تسوكر (وكلاهما عن حزب ميرتس) وابراهام بورغ (عن حزب العمل)، يطرحون فيه فكرة إقامة تكتل برلماني يضم حزب العمل وميرتس والجبهة والعربية للتغيير، كواحدة من العبر المستخلصة من الانتخابات الأخيرة للكنيست.

وانطلاقاً من مبدأ حرية النشر والفكر، وحق الجمهور بالمعرفة والعلم بالشيء، ارتأينا ترجمة هذا المقال اللافت، مع الإشارة إلى أن الفقرة الأولى منه تعكس ما يجول في خواطر الجهات التي تنظر إلى المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل نظرة استعلاء واقصاء، ولا تعكس رأي ورؤية كاتبي المقال.

فكرة تستدعي الدراسة والتأمل

"مرة أخرى لم يثبت العرب حضورهم. ها هم مرة أخرى يخيبون الآمال ولا يصوتون كما توقعنا منهم. فلقد عملنا بجهد كبير لنبني هنا تكتلاً لكنهم لم يأتوا إلى العمل في بنائه. وقاحتهم، المتمثلة في عدم الوفاء بالمهمات التي نتوقعها منهم، تثير سخط اليسار الصهيوني ورجالات "كاحول لافان". أنصار الحزب الذي لم يلفظ لسان رئيسه "المتمركز" كلمة "عرب"-ملأوا الشبكة بالشكوى والامتعاض. المقصود حزب "يميني-وسطي" ليس معروفاً لديه مصطلح المواطنة. من السهل العودة بضع سنوات إلى الخلف-إلى عبارة "الزعبيز" التي تلفظ بها يئير لبيد، ودمغه بالعنصرية. لكن ليس من الانصاف ابقاؤه وحيداً. "كاحول لافان" لم تتصرف بشكل يختلف عن "اتحاد أحزاب اليمين": في الانتخابات يشارك يهود فحسب. أما "غير اليهود"، كما يسميهم بيني غانتس، فهم من يخلط طين القصارة للعمارات.

في الكنيست السابقة-(107) نواب وفي الكنيست الراهنة-(110) نواب

"حتى بدون خمس وحدات في الرياضيات، لكن بادراك معقول للواقع، من السهل أن نفهم: لا يوجد لدى يسار الوسط أي أمل أو احتمال بالعودة إلى السلطة بدون المواطنين العرب. يجب فقط معرفة العدّ حتى المليونين. وحتى (120). الكنيست السابقة كانت تضم عملياً (107) نواب. والكنيست الراهنة ستضم، عملياً، (110) نواب. مع عشرة نواب من غير اليهود واللاصهيونيين لا تبرم الصفقات ولا تتشكل ائتلافات. انهم جيدون فقط في بناء كتلة مانعة-دون استشارتهم ودون الالتفات إليهم. ومن لم يلتفت إلى العرب يأتي الان مشتكياً الهروب العربي. وحزب العمل أيضاً ليس في حل من عمى البصيرة. انه شريك لليمين الإسرائيلي في التغاضي عن 20% من مواطني الدولة. في توليفة تبدأ بموشيه يعلون وتنتهي بآفي غباي، فان هؤلاء لا يلتفتون إلى مليونين من المواطنين، لكن يحدوهم الامل بالفوز على اليمين. هم لم يتعلموا دروساً تمهيدية في موضوع المدنيات، لكن ألا يجيدون التعداد أيضاً؟

حلف بين المواطنين

"على مدى شهور، التقينا مع سلسلة من الشخصيات السياسية من الوسطين-اليهودي والعربي. اقترحنا تشكيل إطار وحدوي بين أطر سياسية قائمة-أحزاب-بحيث تنضم إليه تنظيمات من المجتمع المدني. لم نقترح تخيلات رومانسية منقطعة عن الواقع الإسرائيلي المرّ. كانت الوجهة إيجاد حلف سياسي يتوافق على برنامج عمل أساسي، دون حاجة إلى التعهد المتبادل بالالتزام بأي أيديولوجيا أو فكر. فقط توافقات بين الشركاء على برنامج عمل: مساواة مدنية تامة، انهاء الاحتلال عن طريق حل الدولتين، وإقامة إطار برلماني مشترك. خلف "الإطار الوحدوي" تكمن فكرة ابعد من التنظيم السياسي. الفكرة هي المبادرة إلى مشروع سياسي وفكري: حلف بين المواطنين. سد من الأحزاب يحاول التصدي لانسلاخ العرب عن دولة إسرائيل، ولانسلاخ دولة إسرائيل عن مواطنيها العرب. اقترحنا تبني صيغة تجعل ممثلي المواطنين العرب شركاء شرعيين في العملية السياسية، والالتفات إلى العرب لأنهم، ببساطة، مواطنون.

الالتزام بالمساواة على قاعدة الانتماء المدني

"لكن، خلال الأيام التي سبقت الانتخابات، لم نكتشف شعوراً بالطوارئ في هذه اللقاءات. التهديد الحقيقي تجاه مكانة المواطنين العرب، والاقصاء المعيب-لم يكونا كافيين. الواقع لم يكن صادماً بما فيه الكفاية لدفع الشخصيات نحو الفعل. لم نجد شجاعة لدى الطرفين، ولم نجد جرأة للخروج عن أنماط التفكير القومي. لم نجد استعداداً للانطلاق نحو الهدف النهائي المتمثل بالالتزام بالمساواة على قاعدة الانتماء المدني.
"نتائج الانتخابات هي فرصة عظيمة. لا داعي لوجود حزب العمل وحزب ميرتس، اللذين لا يستطيعان اسماع صوتهما، في الظروف التي خلقتها الانتخابات-سوى من المقاعد الخلفية. الأحزاب العربية أصلاً متواجدة هناك. لكن ميرتس-وحزب العمل أيضاً-سوية مع الجبهة ("حداش") والحركة العربية للتغيير برئاسة احمد الطيبي-قادرون على فرض أجندة مبتكرة، حماسية ومثيرة بالنسبة لإسرائيل. بإمكان هذه الأحزاب أن تنزل عن المدرج وأن تلعب في ملعب مغاير تماماً. (بإمكانها) أن تهجر الملعب القديم والمحبط، وأن تبني سوياً ملعباً جديداً. اللعبة الجديدة ستشكل تحدياً لإسرائيل، وستجتذب اهتماماً من الرأي العام المحلي والعالمي، لأن اللعبة ستجري بواسطة أوراق جديدة، وستشكل تحدياً للاعبين القدماء من يسار الوسط، الذين يبعثون على الملل منذ سنوات طوال. أن التشكيل الفوري للتكتل البرلماني، هو خطوة منشودة، منوطة ومرهونة بقلة قليلة من الشخصيات الممتازة.

يسار ديمقراطي

"فهمنا من سلسلة لقاءاتناـ أنه من أجل هذه المهمة ينبغي الحفر في الصخر وبصق الدم. بيد أن البديل الاخر-أسوأ. ستكون هذه اخر معركة انتخابية لحزب ميرتس ما لم يستغل هذه الفرصة التاريخية ويعلن عن استعداده الفوري لإقامة تكتل برلماني مع الأحزاب العربية التي تبدي استعداداً لذلك. وليت حزب العمل يستوعب الواقع وينضم إلى عملية بناء يسار ديمقراطي، بحيث لا يكون العرب في اطاره عنصراً ثانوياً. فبدون ترميم منظومة القيم الراهنة سنكون شهوداً سلبيين على استمرار الانحدار والتدهور".

ترجمة: غسان بصول
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]