يخوض آلاف المدرسين في المغرب إضرابا عن العمل للأسبوع الرابع على التوالي، بسبب ما يقولون إنها عقود عمل مجحفة، فيما تدعو الحكومة إلى استئناف العمل وإعلاء "مصلحة التلاميذ".

ويحتج المعلمون في إطار هيئة أطلقوا عليها اسم "تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد"، ويطالب المدرسون الذين يعملون بعقود مؤقتة بالتعيين في وظائف حكومية دائمة على غرار زملائهم القدامى.

وتم توظيف 55 ألف مدرس في المغرب في إطار ما يسمى بـ"التعاقد" منذ سنة 2016، ويتقاضون نفس الراتب الممنوح لباقي الأساتذة (قرابة 500 دولار)، لكنهم يقولون إن الصيغة التي يعملون بها لا تضمن حقوقهم.

وتقول وزارة التعليم في المغرب، إنه لم يعد هناك شيء اسمه "التعاقد"، وتوضح أن الفرق الوحيد بين مدرسي البلاد في الوقت الحالي، هو أن بعضهم موظفون حكوميون تابعون للإدارة المركزية في الرباط، أما الباقون فيعملون بالشروط نفسها، لكنهم تابعون لما يسمى بـ"الأكاديميات" في المغرب، وهي إدارات تمثل الوزارة في مختلف محافظات البلاد.

"إضراب غير قانوني"

وقالت مسؤولة التواصل في وزارة التعليم المغربية فاطمة وهمي، إن الأمر لا يتعلق بإضراب وإنما بانقطاع عن العمل، معتبرة أن "الاحتجاج تم الإعلان عنه من طرف تنسيقية دون إطار قانوني يتيح لها أن تعلن عن الإضراب".

وأضافت في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن النقابات هي الجهات التي يخولها القانون أن تعلن عن الإضراب، فـ"هذا الملف كان فيه تخوف من عدة جوانب تهم الوضعية المهنية والإدارية للأستاذ، لكن الحكومة تجاوبت".

وأشارت المسؤولة إلى 14 تعديلا جرى إدخالها على النظام الأساسي للعقود، وهذا التغيير صادقت عليه الإدارات الجهوية للوزارة (الأكاديميات)، وبالتالي، فإن الفرق الوحيد بحسب المتحدثة، هو أن هناك وظيفة عمومية (حكومية) وأخرى جهوية (أي في إطار المحافظة).

جدل التعاقد

ويقول منتقدو الحكومة إنها تسعى إلى خفض عبء الأجور على حساب التعليم، لأن المؤسسات الدولية التي تقدم قروضا تفرض على الرباط أن تراجع سياسة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، وتحثها على الاستثمار في قطاعات كفيلة بأن تدر العائدات وتسد الديون.

ويتساءل الأساتذة حول السبب الذي يجعل الوزارة ترفض اعتبارهم موظفين حكوميين، ما دامت تمنحهم الرواتب نفسها التي يتقاضاها باقي الأساتذة، ويقول آخرون إنهم "أساتذة التعاقد" سيتقاضون معاشات هزيلة عند التقاعد وهذا الأمر لا يسري عمن التحقوا بالوزارة كموظفين حكوميين.

وأثارت هذه القضية جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب، ففي الوقت الذي أعرب به البعض عن تضامنهم مع الأساتذة، قال آخرون إن العقود المؤقتة تصب في مصلحة التلاميذ لأن تجعل المدرس أكثر انضباطا، أما الموظف الحكومي فيميل إلى التهاون، بحسب قولهم، لأنه مستقر في عمله وفي مأمن من المحاسبة.

اتهامات للوزارة بـ"التخبط"

ويقول إلياس المساوي، وهو أستاذ متعاقد، إن الوزارة قدمت ذريعة مختلفة حين بدأت صيغة التعاقد سنة 2016، إذ قالت حينها إنها تسعى إلى التقليل من اكتظاظ الفصول من خلال التعاقد مع آلاف المدرسين حتى يسدوا نقص الموارد البشرية.

ويضيف مساوي، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "أما اليوم فتقول وزارة التعليم إنها لجأت إلى التعاقد حتى تتيح لإداراتها في المحافظات أن تتولى سلطات أكبر فيكون المدرسون تابعون لها بدلا من أن يعملوا بمثابة موظفين حكوميين".

ويرى المساوي أن الوزارة تتعامل مع أساتذة التعاقد بطريقة "ملتبسة"، فهي تشغلهم بموجب نظام التعاقد (المؤقت)، أما حين تلجأ إلى اتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم، فهي تستعين بقانون الوظيفة الحكومية، فكيف يمكن أن يخضع الأستاذ لقانون الوظيفة ما دامت الوزارة تدرجه ضمن المتعاقدين؟".

وكانت الوزارة قد لوحت مؤخرا بطرد المدرسين من الوظيفة إذا لم يعودوا إلى استئناف عملهم، لكن المعلمين اعتبروا التهديد متناقضا، لأن السلطات لا تنظر إليهم بمثابة موظفين.

ويطالب عدد من الآباء بحل سريع للأزمة ويقولون إن التلاميذ هم الضحية في نهاية المطاف بالنظر إلى قضائهم لعدة أسابيع دون دراسة، في الوقت الذي يجري فيه تبادل الاتهامات بين أطراف القضية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]