أقام نادي حيفا الثقافي مؤخرا أمسية ثقافية تناول فيها الأعمال الروائية الأخيرة للكاتبة الكويتية بثينة العيس حيث قُدمت مداخلات نقدية عميقة حول روايتيها "كل الأشياء" و "خرائط التيه" الصادرتين عن الدار العربية للعلوم- ناشرون، بيروت.
كانت البداية لمسة وفاء لطيب الذكر الفنان التشكيلي سمير سلامة الذي وافته المنية يوم الأمسية فقدم المحامي حسن عبادي كلمة تأبين لروحه وفنه ورسالته الإنسانية، كلمة لامست الجدان، جاء فيها أن فنه يروي قصّة شعب بناسِه ومدنِه، قصّة فنّان مرهف الحسّ، رغم تقلّبات الظروف السياسيّة والاجتماعيّة وتأثيرها عليه ليترك بصمته المميّزة، ليلعن العتمة ويعلن بزوغ الضوء والأمل من رحم المعاناة. وقد شارك سمير في عشرات المعارض، وله مئات الأعمال واللوحات نتاج عشرات السنين. إن لوحات وأعمال الفنّان الراحل المميّزة، أسلوبًا ومضمونًا، تؤكّد ارتباطَه بقضيّته الفلسطينيّة بعُقدِها، محافظًا على إنسانيّته وحبّه للخير والحياة والإنسان، معلنةً عن صاحبها بأنّه أحد أيقونات الفنّ الفلسطينيّ.
تلاه رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة بكلمة افتتاحية بعد أن رحب بالحضور تحدث فيها عن النشاط الثقافي والرسالة الحضارية التي تنشرها ندوة اليوم السابع في مدينة القدس منوها لنشاط أعضائها ورئاستها الدؤوب في نشر تلك الرسالة رغم المعيقات.
هنأ بعدها شعبنا المحتفل بعيد الأضحى المبارك متمنيا للجميع عيدا سعيدا مباركا أسوة بالرسالة السامية التي يحملها عيد الأضحى، رسالة تبعث في النفوس الفرح، وفي القلوب الطمأنينة، ونحو مستقبل أنقى وأرقى التفاؤل.
تولت عرافة الأمسية الشاعرة سلمى جبران، قدمت خلالها كلمة عن رواية " كبرت ونسيت أن أنسى" للكاتبة.
أما في باب المداخلات فقدمت د. لينا الشيخ حشمة مداخلة نقدية حول رواية " كل الأشياء" التي غاضت غمارها واستطاعت أن تلج مخيلة الكاتبة فيها وتخرج ما فيها من قصد ودلالات كشفت فيها أوراق الكاتبة بعمق لم يسبق له مثيل.
كان عنوان مداخلتها "إيكاروس بين الشّمس والحرّيّة"، ومما جاء فيها عن الرواية، إنها رواية قلق الإنسان المعاصر، وسؤال الموت والحرّيّة في ظلّ الهزائم والاغتراب، زمن تهشّمت فيه الشّعارات الكبيرة والإيديولوجيّات العظيمة. هي شهادة إدانة للواقع العربيّ وما ينزفه من انكسار وخيبة؛ فيكفي أن تتأمّل وجوه الأبطال في جداريّة الغلاف حتّى تدرك بشاعة الخسران والفقد!
هي رواية سياسيّة بلا شعاراتيّة، تعكس الواقع "الدّيستوبيّ" المرير القائم على القمع والرّقابة والخوف، بعكس ما يطمح إليه الإنسان من عالم "يوتوبيّ" مثاليّ، وذلك تحت سيادة السّجن والاستبداد وكمّ الأفواه وسلب الحرّيّات، فيمسي الواقع متاهة تصنعها الأنظمة الدّيكتاتوريّة من أجل تدجين الأفراد وتحويلهم إلى أصنام يتحرّكون وفق رغباتها، ثمّ دفعهم إلى الشّكّ في كلّ شيء. تذكر الرّواية ما حدث من ثورات في الوطن العربيّ عامّة، والكويت خاصّة، حيث تجرّع الجميع من كأس الأمل المغشوش، وتفاقمت حالة التّشظّي حين تحوّل الربيع إلى خريف ينزف قلقًا وألمًا.. ومن أجل كلّ هذه الأشياء تكتب العيسى، تكتب من أجل تسمية الأشياء بأسمائها، وحتّى تسمّيها يجب أن تعرّيها، وتكشف الممارسات القمعيّة وتفضحها.
هي رواية عن ألم العيش في بلادٍ لم تعد تشبه نفسها، هي رواية عن كاتب مثقّف معارض للسّلطة أراد أن يكشف الحقيقة والفساد فأكل من "الثّمرة المحرّمة".
تلتها الشاعرة فردوس حبيب الله بمداخلة نوعية فذة لها حول رواية "خرائط التيه" تناولت فيها مواضيع متشعبة مؤلمة في الرواية واصفة إياها برحلة السؤال والوجع، سؤال من منا المجرم الحقيقي ومن هي الضحية. وماذا لو كانت قيمة الانسان ميتا أغلى منها حيا. برعت بثينة العيسى باستنطاق شخصيات روايتها جميعا، الرواية مفصلية في حياة كاتبتها، كتبت عما تعرفه ولا تعرفه وهي المغامرة الحقيقية.
هي رواية تطرح أسئلة وجودية كثيرة، رواية جاءت لتغير حسابات العالم.
اختتمت بعدها الأمسية بإشراك الحضور بالنقاش وطرح الأسئلة .
نعود لنلتقي يوم الخميس 30.08.2018 في أمسية إشهار روايتي " امرأة اسمها العاصمة" و " الرقص الوثني" للروائي إياد شماسنة. بمشاركة د. سمير الجندي ، الإعلامي والباحث وديغ عواودة وعرافة الناشطة الثقافية ناهدة يونس.
يجدر بالذكر أن
خلود فوراني سرية
[email protected]
أضف تعليق