أعلن وزير المالية، موشيه كحلون، مؤخرًا، أنه ستجرى في شهر تموز، وللمرة الخامسة، قرعة ضخمة، لتسويق 8،000 وحدة سكنية في إطار خطة "السعر للساكن". القرعة السابقة عُقدت في شهر آذار المنصرم وجرى السحب فيها على 6،647 وحدة سكنية مُعدّة للتسويق، وكان قد تقدم لها أكثر من 21 ألف عائلة – لم تكن أيٌ منها من البلدات العربية. حتى اللحظة، لا يبدو أن الوضع سيتغير في القُرَع القادمة أيضًا.
في إطار الخطة التي نحن بصددها، والتابعة لوزارة الإسكان، تم حتى اليوم تسويق أكثر من 48 ألف وحدة سكنية في أرجاء البلاد – لكن 142 وحدة سكنية منها فقط في بلدات عربية – كلها في مدينة الناصرة. إن الحكومة تدعي أن "السعر للساكن" هي الرّد على الحاجة لتخفيض أسعار العقارات والرّد على الطلب المتزايد للشقق السكنية في أنحاء البلاد، لكن إقصاء المجتمع العربي والفشل الذريع الذي لحق بهذه الخطة في البلدات العربية كانا عملياً معروفين مسبقاً لمن كان على إلمام بتفاصيلها.
إن أزمة السكن المتفاقمة تزيد الحاجة الماسة لإيجاد حلول للأزواج الشابة في المجتمع العربي. في الناصرة على سبيل المثال، يتطلب اقتناء شقة مبلغا يعادل 172 معاشًا شهريًا، مقارنة بالمعدّل القطري الذي يعادل 150 معاشًا. بينما تزيد الدولة من "تطبيق القانون" وفرض العقوبات ضد البناء غير المرخص في المجتمع العربي، فإنها لا تقوم بخلق حلول جديدة للشباب العرب المعنيين ببناء أو اقتناء بيت قانوني يملكونه. إن الحكومة لا تطبق الأهداف التي وضعتها لنفسها عام 2017 بخصوص تسويق قسائم الأرض والمصادقة على وحدات سكنية ضمن خرائط تفصيلية في البلدات العربية، وتترك الجماهير العربية دون حلول لائقة.
تعرّف خطة "السعر للساكن" على أنها الخطة الحكومية الأساسية ضمن مساعيها لتسهيل اقتناء الشقة الأولى، بظروف تفضيلية. لكن بحثاً أجريناه في جمعية سيكوي كشف أن المواطنين العرب لا يستفيدون من هذه الخطة على الإطلاق. فقط %2 من مجمل الشقق السكنية التي سُوّقت ضمن "السعر للساكن" كانت في بلدات عربية، كما أن ما لا يتعدّى الـ%1 من أصحاب استحقاق التسجيل للقرعة هم من المواطنين العرب (قرابة ألف مستحق عربي من مجموع 122 ألف مستحق).
من خلال تحليل أجراه طاقم المخططين في سيكوي، وجدنا أنه لم تتم ملاءمة خطة "السعر للساكن" لخصائص وحاجات المجتمع العربي. أولاً، الخطة لم توجّه للجمهور العربي ولم تُنشر تفاصيلها باللغة العربية على نحو لائق، حيث لم يعرف المواطنون العرب كيفية القيام بعملية التسجيل للقرعة وتفاصيل حولها. كذلك، لم تجر ملاءمتها للخصائص الاجتماعية والثقافية للمجتمع العربي. فمثلاً، إن التسجيل للقرعة متاح أمام من هم فوق الـ35 عاماً، أو للمتزوجين المعنيين باقتناء الشقة الأولى. إن هذا الشرط يلائم اليهود لكنه يحوّل البرنامج لغير ملائم للشباب العرب. إن السبب يكمن في أن جمهور الهدف لاقتناء شقق، بين الشباب العرب، غالبًا ما يتكوّن من شباب عازبين في العشرينات من عمرهم قبيل الزواج، فنظرًا لانعدام وجود شقق للإيجار في المجتمع العربي، غالبًا ما يُقدِم الأزواج على الزواج فقط بعد اقتناء أو بناء منزل. زد على ذلك، أن النموذج المطروح هو جديد على الكثيرين من أبناء المجتمع العربي، غير المعتادين على السكن في بنايات مشتركة مع سكّان لا تجمعهم بهم صلة قربى – مما قد يشكّل رادعاً.
على أرض الواقع، لا تُقدّم الدولة اليوم حلولاً سكنية للمواطنين العرب فيما تتعمّق ضائقة السكن. من جهة، فلن يتمكّن الشباب العرب من اقتناء شقّة سكنية بسعر مُخفّض في المستقبل القريب ومن جهة أخرى، تجري المماطلة بالمصادقة على توسيع مسطّحات النفوذ في البلدات العربية وتنظيم البناء القائم مما يضطر السكان للبناء على أراضيهم دون ترخيص.
قبل إرسال الجرافات لهدم بيوت في البلدات العربية، على الدولة توفير حلول تتم ملائَمتها لخصائص المجتمع العربي واحتياجاته. يجب توفير أراض للتسويق في السلطات المحلية العربية، تنويع وتوسيع الأراضي المعروضة وتوزيعها في أرجاء البلاد، كما يجدر توفير الإمكانيات لبناء أرضي إلى جانب البناء متعدد الطوابق، تخفيض الحدّ الأدنى لجيل استحقاق التقدّم لـ"السعر للساكن"، والعمل على النشر والتعريف عنها بالعربية ومنح إمكانية أجراء قرع جماعية للمستحقين المعنيين بالسكن في مبنى مشتركة سوية.
[email protected]
أضف تعليق