توفي اليوم د. محمد الحاج يحيى عن عمر يناهز 83 عام بعد سنوات من الصراع مع المرض. ويعد د. محمد الحاج سليم من المثقفين البارزين في الداخل الفلسطيني كما تخرّج مع أول فوج فلسطيني مؤلف من 8 شخصيات فلسطينية معروفة منهم الشاعر حنا أبو حنا، النائب وليد صادق، والمناضل الشيوعي حسن بشارة وغيرهم من الذين 'اقتحموا' الجامعات الاسرائيلية وتعلموا فيها عام 1953 بعد النكبة، وشق الطريق لاحقا وكان مفصليا للنضال الأكاديمي لفلسطينيي 48.
أكمل د. الحاج يحيى الماجستير والدكتوراة في علم الإجرام وكان أول من بيّن بشكل علمي من خلال أطروحة الدكتوراة التمييز العنصري في المحاكم الاسرائيلية وخاصة بالأحكام بين الأحداث العرب واليهود. ويذكر أن أحد قضاة المحاكم الإسرائيلية رفض الأطروحة وطالب بمحاكمة طالب الدكتوراة الحاج يحيى على 'وقاحة' طرحه، والذي أصر بدوره على دقة النتائج وتمسك بها حتى أقرت لجنة التحكيم الثانية بكفاءته للحصول على الشهادة بعد صراع أكاديمي استمر لسنوات مع جامعة تل أبيب.
وعمل الدكتور محمد كمحاضر جامعي وكمراقب سلوك أحداث وخبير طلائعي بعلم الإجرام لإنقاذ الأطفال والاحداث من الجريمة، وأثناء عمله كَفَلَ أمام المحكمة العديد من الأطفال والأحداث وكان مسؤولا عن إعادة تأهيلهم، معتبرا إياهم ضحية ظلم الدولة وتوجهاتها العنصرية ونقص الميزانيات، وتعمُّد الشرطة الإسرائيلية إهمال الجريمة في بلدات الداخل الفلسطيني كجزء من استراتيجية سياسية غير اخلاقية وعنصرية. وقال يوما أثناء حضوره جلسة كنيست كخبير في علم الإجرام: "أنتم تتبعون سياسة 'فخار يكسّر بعضه' في المجتمع العربي الفلسطيني، ولكن أعدكم أنه في هذه السياسة سينقلب السحر على الساحر وستكسركم أنتم الإسرائيليين يوماً ما".
عرف د. محمد الحاج يحيى بتواضعه الخاص واحترامه للإنسان، وحبه للناس وحب الناس له، وحفاظه على الأرض ورعايتها، وربّى أولاده بشغف كبير على التشبث بالأرض والإخلاص لها وللوطن من خلال عملهم فيها من جيل مبكّر. واهتم بتثقيفهم وتعليمهم اعلى درجات العلم لإيمانه أن التعليم والثقافة هما صمام الأمان لصمود الشعب الفلسطيني وتحرره.
ترك المرحوم رفيقة دربه المعلمة فاتنة، وثلاثة أبناء هم سليم، سامر، راني والمرحوم المهندس ساجي و 9 أحفاد.
[email protected]
أضف تعليق