صدرت مؤخرا ترجمة من العربيّة إلى الانجليزيّة للجزء الأوّل من كتاب "درء تعارض العقل والنقل" لابن تيميّة في جامعة نوتنجهام البريطانية، من قبل الدكتور مروان أبو غزالة، ابن مدينة أم الفحم، وذلك في إطار دراسة البوست دكتوراة في جامعة نوتنجهام البريطانيّة في قسم "اللاهوت والدراسات الدينيّة"، بالمشاركة مع البروفيسور جون هوفر، والذي يُعدّ أحد الباحثين الكبار عالميًا في الدراسات الإسلامية عامّة، وفي دراسات ابن تيميّة خاصّة.
تجدر الاشارة الى ان د.ابو غزالة حاصل على الشهادات العلمية الثلاث: البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في اللغة العربية من جامعة حيفا. كما حصل على لقب ثانٍ آخر في التربية اللغوية وتدريس اللغات من جامعة تل أبيب. وأكمل دراسته الأكاديمية في جامعة نوتنجهام في المملكة المتحدة البريطانية في مجال الإلهيات والفلسفة الإسلامية.
عن الإصدار
وفي تعقيب له، قال د.مروان ابو غزالة لـبكرا:"يُطنب الحديث ابن تيمية رحمه الله فيها عن تجنّب الخوض في علم الغيب وعلوم الآخرة، وذلك لأن العقل لا يستطيع فهمها ومعاينتها وتمحيصها، وقد ناقش ابن تيميّة آراءه بصورة عقلانيّة وحذقة بارزة بالاعتماد على خبرته في المنطق عامة وعلى كتابه المميّز "الرّد على المنطقيين" خاصّة، وجاء هدف الكتاب في الرد على القانون الكلّي للفلاسفة الذي قدّموا العقل على النقل في الآيات المتشابهات لأن العقل على حد تعبيرهم في حال تعارض الأدلة العقليّة مع الأدلّة النقليّة، فقام ابن تيميّة بنقد القانون وتبيان ضعفه وعدم نجاعته لأن العقل والنقل دائما في موافقة وموازنة، وقد اثبت ذلك ابن تيمية من خلال الوجوه الأربعة والأربعين عن بطلان القانون الكلّي، إضافة إلى رفض آراء الفلاسفة مثل ابن سينا في استخدام التأويل في الآيات المتشابهات".
حول الأمور التي يتحدّث عنها الكتاب، يقول:" عندما قام الفلاسفة مثل ابن سينا والفارابي وأبو فخر الرازي الذين تبنّوا القانون الكلّي في تأويل الآيات القرآنيّة من المتشابهات من أجل ملاءمتها إلى العقل، وتبدّى ذلك في كتاب "تأسيس التقديس" لأبي فخر الرازي، وقد اعتمد القانون الكلّي على تقديم العقل، مما أدى إلى نشوء فرق كثيرة من أهل الكلام، فردّ ابن تيميّة على القانون الكلي بكتاب كامل من عشرة أجزاء يحوي في حناياه الفكر المعمّق والعقلانية والوسطيّة والدراية عند ابن تيميّة في المنطق، ومفاد الكتاب أن القرآن والأحاديث النبويّة والنصوص الدينيّة تُلائم العقل ملاءمة دقيقة، وذلك لأن النقل هو أساس العقل، حيث أن تبنّي الفلاسفة للقانون الكلي يُعزى إلى محدوديّة العقل في فهم الآيات القرآنيّة، لذا الحديث عن تعارض بين الأدلة العقليّة والنصوص الدينيّة هو باطل وفق كتاب ابن تيميّة، وقد أورد أربعة وأربعين وجهًا للرد على القانون الكلّي".
ردود الفعل
عن ردود الفعل، يقول:" تمّ اتهام ابن تيميّة بالتطرف والتكفير ورفض الفلسفة، بيد ان الكتاب مع الترجمة أثبتت أن ابن تيمية لم يرفض الفلسفة والمنطق في العلوم الأخرى، ولكنه تحدّث عن محدوديتها في فهم علم الغيب، لذا أوجد بدائل أخرى في المنطق، كما أن الكتاب يُثبت أن ابن تيميّة كان وسطيا وليس متطرفا بتاتا، فهو ضد التطرف، حيث يشجع على الوسطية وعدم التكقير، كما أن ابن تيمية حاول الرد على الفلاسفة برزانة وعلم ودراية وإحاطة دون السب والشتم، فقد منعه وحذّر منه. باختصار الكتاب يرد على كل من هاجم ابن تيمية".
وأنهى كلامه قائلا:" ترجمة الكتاب هو عمل مهم جدًا بفعل نجاح ابن تيميّة في الرد على هذا القانون الكلّي وتفنيده وابطال الحاجة إلى التأويل بواسطة تصنيف الكتاب من أجل اثبات أن العقل موافق النقل، مما اقتضى عنونة الكتاب ب: "درء تعارض العقل والنقل"، و"صريح المعقول وصحيح المنقول"، و"موازنة العقل والنقل". كما أن الترجمة تسعى لنشر موروث ابن تيميّة عالميا. كما تُثبت ترجمة الكتاب أن ابن تيميّة ليس ضد الفلسفة، بل هو يهتمّ بها، ولكن الفلسفة بناء على الكتاب غير قادرة على الخوض في علم الغيب وخاصة في علم الأخرويات، ولم يكتف ابن تيميّة في الرد على الفلاسفة والنقد، بل أيضًا إيجاد بدائل منطقيّة مثل "قياس الأولى"، كما أن الترجمة بيّنت أن ابن تيمية كان وسطيًا ومعتدلا، ولم يستخدم التكفير بتاتًا كما تمّ الادعاء عليه فقد كان ابن تيمية كما وصفه الدكتور مروان " كان ابن تيميّة في هذا الكتاب أديبًا وأريبًا وألمعيًا ولوذعيًا وحذقًا وذلقًا وفطنًا ولبيبًا وحسيبًا ونسيبًا. وأهميّة الترجمة أنّها تُدرّس حاليا في جامعة نوتنجهام في اللقبين الأول والثاني في إطار المساقات المختلفة في قسم اللاهوت والأديان، كما يُدرّس الكتاب في جامعات بريطانية مختلفة، وذلك بسبب أهميّة الكتاب وحاجة دراسته في الدراسات الدينيّة عامّة، وفي الدّراسات الإسلاميّة خاصّة، حيث بدأ يساهم الكتاب بانكشاف العالم على موروث فقهي وعلمي جدير بالبحث والاطّلاع".
[email protected]
أضف تعليق