من ضمن أمسياته الثقافية الخميسية، أقام نادي حيفا الثقافي يوم الخميس الفائت 15.03.18 أمسية لمناقشة إبداعات صاحب دار فضاءات للنشر والتوزيع، الكاتب جهاد أبو حشيش ابن أريحا- فلسطين المقيم في عمّان- الأردن.

وقد شارك في الأمسية بمداخلات قيمة عن إبداعات الكاتب كل من د. راوية جرجورة بربارة، د. منير توما، د. صالح عبود المحامي حسن عبادي وتولت عرافة الأمسية الناشطة الثقافية خلود فوراني -سرية.

بعرض شريط مصور قصير عن حياته، كانت لمسة وفاء لروح الشهيد الفلسطيني طيب الذكر عز الدين القلق.
افتتح بعدها الأمسية رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة شاكرا الحضور على مواكبتهم أمسيات النادي، ثم نوّه إلى ظاهرة تغيب الشعراء والكتّاب عن حضور أمسيات ثقافية إلا إذا كانت لهم منصّة، دعا بعدها لأمسيات النادي القادمة مستعرضا تفاصيلها، ثم عبر عن شكره للمجلس الملي الأرثوذكسي لدعمه نشاطات النادي.

أما الناشطة الثقافية خلود فوراني سرية فقد أدارت الأمسية مستهلة تقديمها بدور النادي في إعلاء شأن الثقافة والمطالعة قائلة:
"نحن في نادي حيفا الثقافي بأمسياته الخميسية ولقاءات صالونه الأدبي الشهرية، ورسالته الانسانية الحضارية لا نرى فائدة من أن نلعن الظلام، بل نؤمن بأن إضاءة شمعة فيه هو واجبنا الأخلاقي لننير درب السالكين فيه. وأمسيتنا هذا المساء مع إبداعات الأديب الشاعر جهاد أبو حشيش المقيم في عمان، وبهذا الحضور الراقي لهي النور وهي الطريق . فشكرا لحضوركن وحضوركم الكريم. وشكرا للثقة التي منحتمونا إياها رغم أن الطريق ليست مفروشة بالرياحين واعلموا- وأنتم تعلمون- أنه لا نجاة لنا إلا في الحرف وبالحرف.

وأضافت، إن دراسة أي عمل أدبي من وجهات نظر متعددة تثري هذا العمل وتظهر مكنوناته وخفاياه فتجعل الهدف منه واضحا لا لبس فيه، لهذا نحن ندأب في أمسياتنا الثقافية هذه حين نتناول عملا إبداعيا لأحد مبدعينا أن نعطي منصة لأهل فكر وقلم كل من جانبه ليكمل أحدهم الآخر في إظهار مكنونات هذا العمل الأدبي وإثرائنا به".

ثم حثت على المطالعة وعبرت عن أهميتها بمقولة للكاتب أيمن العتوم :" إقرأ كتابك إن أردت مكانة، فالمجد يحني الرأس للقراء ".
بدأت المداخلات مع د. منير توما بمداخلة مثرية حول رواية "بَيمان، درب الليمون" عنونها "امتزاج الألم بنهاية درامية سعيدة لمناضلين وسط شعبين يتوقان للحرية والتعبير" ووصف حكاية العشق الفلسطينية-الكردية عبر عهد/بيمان بقراءة تأمليّة دقيقة مرتكزة على التحليق في الزوايا المعتمة في الرواية، متناولًا التحليل الرمزي للصراع بين خيبات الأمل ليصل إلى النتيجة الحتمية لضرورة الإخلاص في الحب.
تلاه د. صالح عبود بمداخلة قيّمة عن ديوان "ما غاب من جسد السيدة "عنوانها "الغياب والمرأة تحت وسائد النبض"، استهلها بقصيدة كتبها من وحي المجموعة الشعرية، وصوّر لغته وأسلوب التلميح والتورية، إحضاره للغائب رغم غياب الحاضر ، ورآها رثائية وطن وتغريب شعب وأوضح للحضور كيف يًقرأ ديوان شعر عميق وثاقب.

تلته د. راوية جرجورة-بربارة بمداخلة خاصة حول رواية ذئب الله بعنوان: "عن الأنوات التي ولدتها ذئاب مجتمعية" ونجحت في تفكيك نسيج الشخصيات، العلاقات والأصوات في الرواية ورسمت عالم الخيبات ومعاناة المسحوقين والمقهورين في عالم مليء بالذئاب، واستغلال الأخ لأخيه، واستغلال الثورة عبر منتفعين، روايةٌ بقدرِ فضائحها تتستّرُ، وبقدر تستّرها تفضح ، تفضح ما سبق أوسلو ودور شركات الأسلحة الحقيقي لتحكم العالم لتكون النهاية مفجعة – فقد الوطن.

هذا ونوّهت العريفة خلود بدورها لما يجدر بالذكر أن جهاد أبو حشيش كتب في روايته هذه "في السجن تفقد كل شيء إلا الذل، إنه الشيء الوحيد الذي يذكرك بأنفاسك، فلست أكثر من " عهدة" مجرد " عهدة" تتحرك بأمر و تصحو بأمر ، حتى أنهم لا يسمحون لك بالموت ، هنا المال وحده يتكلم و يفسح لك الطريق" (ص122،ذئب الله).

وكانت المداخلة الأخيرة للمحامي حسن عبادي الذي تناول بدوره كتاب "ارتجاف الذاكرة عند أبواب أحمد مطر" وعنونها : "النقد المُتَمَوقِع والمُسائِل"، تطرق إلى وجهة إدوارد سعيد النقدية وميله إلى النّقد العمليّ الّذي نجده في مراجعات الكتب والمجلات الأدبيّة، والمقالة هي وجهة نظر موضوعيّة مختلطة بذاتيّة النّاقد، وإن حاول النّاقد أن يكون حياديّا، منهجيّا، مدرسيّا، أكاديميّا، لن تغني بأيّ حال من الأحوال عن العمل الأدبيّ، تمثّل وجهة نظر كاتبها، ويجب ألّا تصادر وجهات نظر الآخرين حيال ذلك العمل، مهما كانت درجة كاتبها وتعمّقه في البحث والتّحليل. وأضاف : "يُقال إن النقد عبارة عن إعادة كتابة النص"، هذا ما كتبه جهاد في كتابه، فالقارئ الناقد يتحول إلى كاتبٍ يتفاعل مع النص ويملأ فجواته ليُحييه من جديد وفق تجربته، وطالما تقيّد بمعطيات نصّه الأساسية، يحق له أن يقترح دلالاته ويراها كما يشاء، ويكتب النص من جديد! أنا كقارئ أتوخى من الناقد ألّا يكتب تلخيصًا للكتاب المتناوَل بل يغوص في عمق ما وراء النص وخباياه، ما بين السطور وما ورائها، وليس من دوره أن يكتب تلخيصًا للكتاب الذي بين يديه، فليترك ذلك للقارئ!

نهاية، كانت كلمة مسجلة للمحتفى به، لتعذر حضوره نتيجة للمنع الأمني، تحدث عن إصداراته، مشروعه الثقافي ورؤياه وعبّر عن جزيل شكره وامتنانه للقيمين على النادي لعملهم الدؤوب على نشر الثقافة والاهتمام بها في زمننا.

لقاؤنا يوم الخميس 22.03.2018 في أمسية إشهار المجموعة الشعرية "حبر على قلق" للشاعرة فردوس حبيب الله. بمشاركة د. رياض كامل، د. لينا الشيخ حشمة، عرافة الإعلامية سماح حسنين بكرية، وفقرة فنية مع الفنان الياس عطا الله.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]