تقلدت المرأة العربية الفلسطينية في إسرائيل في السنوات الأخيرة مناصب رفيعة عدة، حتى أصبحت تنافس الرجل على مهن اعتبرت حكرا على الرجل منذ فترات بعيدة، فظهرت المحامية والقاضية، وحتى القاضية الشرعية، والمعلمة والإعلامية والطبيبة، الا ان وجود المرأة العربية في الحكم المحلي العربي شبه معدوم.

الموضوع طرح من جديد خصوصا وأننا على اعتاب الانتخابات المحلية وبرزت أسباب عديدة لعدم وجود تمثيل لائق للنساء العربيات في الحكم المحلي فمن العائلية والحمائلية الى تخوف المرأة من خوض انتخابات الحكم المحلي لأسباب تتعلق أيضا في المجتمع والإطار الذي احاطها به، فهي من الممكن ان تعمل وان تنجح في إطار المهنية والموضوعية بعيدا بالطبع عن السيطرة واخذ زمام الأمور وتولي القيادة التي سيطر عليها الرجل الشرقي العربي منذ زمن.

د. خالد أبو عصبة: الرجل يعتقد ان وجود المرأة في الحكم المحلي ينتقص من رجولته

د. خالد أبو عصبة باحث في العلوم الاجتماعية والتربوية قال لـ "بكرا" حول الموضوع: أولا وبشكل نهائي لا يوجد تمثيل كافي للنساء في السلطات المحلية العربية واعتقد ان هناك شقين لهذا الموضوع، الأول انه من المفروض ان تقمن النساء بطرح أنفسهن كقائدات او معنيات بتمثيل لهن في السلطات المحلية وان لا ينتظرن حتى يتم فتح المجال لهن، يجب ان يبادرن لهذا الامر وان يتنظمن لهذا الهدف، حيث من الصعب ان يمثلن العائلة او الحمولة، بل ما يؤهلهن لذلك هي قدراتهن ومعرفتهن.

اما الشق الثاني هو انه على المجتمع الذكوري إعطاء مساحة للنساء العربيات حتى يستطعن اثبات أنفسهن قياديا على المستوى المحلي، فلا يعقل ان يكون لدينا قياديات نسائيات على مستوى قطري في البرلمان، ولا يوجد هناك تمثيل نسائي عادل او حراك سياسي نسوي فاعل على المستوى المحلي يكون له تأثير، اعتقد ان المرأة العربية تملك خبرة واسعة وتلعب دورا هاما في مجالات وظيفية كثيرة منها التربية والتعليم والمجال الصحي وهذا لا يمنع ان يكون لهن دور أيضا في المجال السياسي.

وتابع د. أبو عصبة لـ "بكرا": اعتقد ان الجمعيات النسوية لن تنجح بدمج المرأة العربية في المستوى المحلي داخل السلطات العربية بل هذا الامر يأتي من مبادرات ذاتية ومحلية لقيادات وليس جمعية نسائية، اعتقد ان ما يسمى تمكين او تدعيم لا يلعب دورا في هذا المجال، بل هو العامل الذاتي القيادي لدى المرأة التي عليها ان تطرح نفسها أكثر من ان يأتي الموضوع ضمن إطار.

وأضاف قائلا: هناك نوع من الزعامة والسيطرة على السلطات المحلية العربية حيث أصبحت حكرا على الرجل وبناء عليه فانه يعتبر وجود المرأة في هذا المجال انتقاص من رجولته وذكوريته لذلك فهو امر طبيعي ان يمنعها من التواجد في الحكم المحلي.

واختتم قائلا: التمثيل اللائق للنساء العربيات في الحكم المحلي سيقلب الموازين ويساهم في التخلص من ظواهر سلبية عديدة في مجتمعنا لأنها تأتي مع اجندة مهنية وموضوعية ولديها سمات القيادة ولا تبحث عن المصالح الضيقة او الحمائلية.

د. ثابت أبو راس: فقط ما يقارب العشرة عضوات بلديات في 72 مجلس محلي عربي

د. ثابت أبو راس مدير صندوق إبراهيم للمبادرات عقب بدوره قائلا: ينعدم تمثيل النساء في السلطات المحلية تقريبا بشكل كلي، حيث هناك فقط ما يقارب العشرة عضوات بلديات في 72 مجلسا محلي عربي ولا يوجد أي رئيسة سلطة محلية عربية ولم تكن أيضا سوى واحدة لفترة قصيرة في بلدة كفريا سيف ولم يتم انتخابها بشكل مباشر لذلك من الواضح ان التمثيل لا يكفي، وخصوصا ان النساء العربيات قد تطورن علميا ومهنيا وقادرات على القيام بتمثيل المجتمع كله وتمثيل شريحتهن في كل المؤسسات والنشاطات السياسية والاجتماعية وغيرها، ومهنيا نرى ان للمرأة العربية القدرة بالوصول الى مراكز مهنية في الحكومة والعمل في القطاع الخاص والعام، كما ان 70% من الطلاب في الجامعات الإسرائيلية هم طالبات ما يدل على ان مكانة المرأة قد تطورت مقارنة بسنوات سابقة، لذلك حان الوقت ان يكون هناك تغيير بنمط التفكير حول المرأة ومكانتها في المجتمع بشكل عام.

وتابع: اعتقد ان وجود المرأة في مراكز قيادية له تأثيرات مختلفة من حيث المبدأ حيث ان وجود نساء في مراكز قيادية وخاصة في السلطات المحلية يجعلها تطرح قضايا تمثل كل المجتمع وخاصة النساء كما انه من الممكن ان تنتبه الى قضايا الرجال لا ينتبهون لها، فمثلا قضايا الأرض والتخطيط حيث انه عندما يتم وضع خارطة لبلدة عربية معينة لا يتم دعوة النساء او اخذ رأيهن بعين الاعتبار الا ان هناك قضايا تخطيطية الرجال لا يأخذونها بعين الاعتبار.

وأردف قائلا: اعتقد ان وجود نساء عربيات في السلطات المحلية يجعل لغة الحوار والنقاش في السلطات المحلية واجتماعات البلدية اكثر مهنية واقل عنترية وصراخ ومسبات وشتائم وقد رأيت الفرق في أماكن يوجد بها نساء وأماكن لا، وجود نساء في حلقات نقاش يجعل النقاش اكثر ودي وجدي ومهني. كما ان التمثيل اللائق للنساء يؤدي الى نجاح اكبر، اليوم هناك ثلاثة اطر للعمل السياسي للنساء، وهو السلطات المحلية، الكنيست ومؤسسات المجتمع المدني، النساء لديهن تمثيل كبير في مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات ما جعل هذه الأطر اكثر مهنية وتعمل بجدية اكثر وناجحة اكثر من باقي الأطر لذلك من المهم ان نعمل على دمج المرأة اكثر في الحكم المحلي علما ان هناك تحرك كبير في هذا الجانب شمالا وجنوبا وهو نشاط مبارك يجب دعمه.

محمد دراوشة: لا تصل نسبة النساء في مجالسنا المحلية اليوم حتى 2%؜ وهذه نسبة مخجلة

القيادي محمد دراوشة مدير قسم المساواة والمجتمع المشترك في معهد جفعات حبيبة قال في هذا السياق: بما اننا على أعتاب الانتخابات المحلية لا بد من بضع ملاحظات يجب ان تقال قبل الخوض في غمار الدعايات والحملات الإعلامية التي ستحاول استقطاب تعاطف الناخبين وجعلهم هدفاً لدعم فلان على حساب فلان.

وتابع: بدأت تتأسس المجالس المحلية في بلداتنا العربية بعد انتهاء الحكم العسكري في سنوات الستين والسبعين. وكانت بدايتها انعكاسا للواقع الذي سبقها، وهو سيطرة القيادات التقليدية والمخاتير على حياتنا المحلية، ولكن سريعاً تقدمت قوى جديده، منها السياسية، ومنها الاجتماعية لتأخذ زمام الأمور ولتبدأ بأحداث ثورات في المبنى التنظيمي والاجتماعي لبلداتنا العربية. وخاصة ان القيادة تحتاج الى قدرات وكفاءات وليس فقط الى عكس الحجم العددي للعائلات في كل قرية ومدينة.

واردف قائلا: ولإكمال هذه الثورات يجب ان تأخذ الانتخابات منحى جديد مثل إعطاء فرص لاستيعاب الطاقات المهنية الجديدة التي نمت في داخل بلداتنا. فنحن بحاجة الى مهندسين، وعاملين اجتماعيين، ومحاسبين، ورجال اعمال، وإداريين، وسياسيين ومثقفين ليشغلوا منصب أعضاء في المجالس البلدية ليكون لعِلمهم وخبرتهم حضور خلال الجلسات التي تتباحث بشؤون المواطنين، ولتكون قراراتهم بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وليس فقط قرارات تعتمد على مصلحة الفئة الصغيرة التي ينتمون اليها، كذلك نحن بحاجة الى تفعيل دور المرأة في مجالسنا المحلية لتشغل النساء نسبة تتلاءم مع حجمهن المجتمعي. فللأسف لا تصل نسبة النساء في مجالسنا المحلية اليوم حتى 2% وهذه نسبة مخجلة لمجتمع يتغنى بالتقدم والديمقراطية والوعي والوطنية. والتصليح ذلك يجب برأيي الامتناع عن التصويت لأي قائمة لا تشمل مرشحات من النساء في مواقع محترمة، وذات حظوظ حقيقية للدخول الى المجالس البلدية.

وقال: اخص بالذكر الحاجة الى إعطاء فرص اكثر لجيل الشباب الصاعد، الذي يعكس الغالبية العظمى للمجتمع، وتصل نسبتهم الى اكثر من 70% دون جيل الثلاثين.

ونسمع في الأسابيع الاخيرة عن تفاقم في أعداد المرشحين للرئاسة، حيث يصل عدد المرشحين في بعض البلدات الى العشرات. ولهم أقول، اذا كان لديكم حظ حقيقي بالحصول على ثقة الغالبية في بلدتكم وتصبحوا بذلك رؤساء، فمن حقكم طرح ترشيحكم. اما أولئك الذين يعرفون مسبقاً ان لا حظ لهم، فربما كان من الأفضل عدم الدخول في هذه المناورة وعدم ذَر الرماد في عيون داعميكم او الجمهور بشكل عام. فمن الواضح ان الترشح يهدف الى الحصول على وعود من المرشحين الأقوياء ولابتزازهم لتوزيع المناصب ما قبل الانتخابات، مما يُفقِد الانتخابات ماهيتها الديمقراطية ولتسيطر المحاصَصَة البغيضة على الموقف، خدمةً لفئاتٍ معينة، وطبعاً على حساب المصلحة العامة. جمهورنا اصبح اليوم اكثرَ ذكاءً وأكثر حنكة ليعرف كيف يميز بين الصادق والمناوِر.

واختتم دراوشة لـ "بكرا": لكن سيّد الموقف يبقى دائماً المرشح الناضج صاحب الرؤيا المستقبلية، والانتماء الوطني، والقدرات المهنية، والتواصل الاجتماعي مع أهل بلده. هذا هو المرشح، وهذه هي المرشحة، الذين يستحقون الدعم. ربما سنتمكن هكذا من اللحاق بركب التقدم، وركب الديمقراطية الحقيقية، وركب الحضارة التي نصبو اليها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]