قبل نحو عقد من الزمن، واجهت إسرائيل ضائقة حادّة لشحّ المياه، والتي أطلقت سلطة المياه جراءها حملة "إسرائيل تجفّ".
إلى جانب الحملة الفعّالة، بدأ تطوير مكثّف وسريع لمحطّات تحلية المياه ومحطّات تكرير المياه المتدفّقة، وتمّت تسوية المياه البلديّة من خلال إنشاء شركات مياه وصرف صحيّ، قلّلت إلى حد كبير من خسائر المياه، وحسّنت من طرق معالجة مياه الصّرف الصّحي، وحلّت بشكل عينيّ مشكلة إمدادات المياه إلى المنازل.
وفي المؤتمر الذي عقدته سلطة المياه اليوم الاربعاء في عكا، جاء أن : جاهزيّة إسرائيل تشكّل نموذجًا يحتذى به في جميع أنحاء العالم. ويشيد تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة (OECD) بدولة إسرائيل، بكل معايير التوفير في قطاع المياه: إعادة تكرير المياه، تحلية المياه، توافق الإدارة الصحيحة، سياسة التسعير، وإنشاء شركات مهنيّة، وغيرها الكثير..
ورغم ذلك، فإنّ التغييرات الإقليميّة في توازن المياه تخلق وضعًا متطرّفًا، لا يمكن فيه الحفاظ على الوضع القائم.
إنّ السّنوات الأربع الأخيرة كانت قاحلة، وكما يبدو فإنّ هذه السنة أيضًا ستكون قاحلة (رغم الأمطار التي هطلت هذا الأسبوع) – سنة قحل خامسة على التوالي.
هطلت في إسرائيل، حتى نهاية شهر كانون الأوّل (ديسمبر)، أمطار وصل معدّلها إلى 40% لهذه الفترة.
إمكانية تزامن 5 سنوات قاحلة على التوالي تعتبر نادرة جدًا، وتصل نسبتها إلى نحو 2% فقط!
وعلى ضوء تدنّي إمدادات المياه الطبيعية إلى مصادر المياه، انخفضت مستويات المياه الجوفية كما انخفض مستوى مياه بحيرة طبريا جدًا، على الرّغم من أنّه خلال السّنتين ونصف السنة الأخيرة لم يتم شفط مياه من البحيرة إلى نظام المياه القطريّة.
إنّ وضع جداول ومصادر المياه وصل إلى مستوى غير مسبوق، حيث تفتقر مصادر المياه إلى أكثر من 2.5 مليار متر مكعّب من المياه!
وقد وصل مستوى الينابيع الرئيسيّة التي تصبّ في نهر الأردن – دان وبانياس إلى درجات متدنّية جدًا، كما انخفض مستوى أحواض المياه الجوفيّة في الجليل إلى الحد الأدنى تاريخيًّا وفق القياسات الأخيرة.
وقد اقتضت هذه الحالة وقف ضخّ المياه من الآبار الجوفيّة في منطقة الجليل المركزي والغربي، لأوّل مرّة في التاريخ، وزيادة إمدادات المياه في المنطقة من نظام المياه القطريّة.
إنّ تغيير مزيج المياه المزوّدة ينتج، أحيانًا، ظاهرة تدعى بـ "المياه الحمراء".
ويدور الحديث عن ظاهرة معروفة في البلاد والخارج، منذ سنوات عديدة.
ويعود سبب تعكّر المياه إلى تحرير مواد هيكليّة/أساسيّة من المواسير، وخاصّة من مواسير حديديّة (صدأ المواسير)، كما يمكن أن يحدث هذا نتيجة لمس المياه لمواسير قديمة، غالبًا غير مطليّة، بخطوط الإمدادات الرئيسيّة و/أو بمواسير منزليّة قديمة ـ المتواجدة بعد عدّاد المياه.
والمشكلة هي أساسا جماليّة، تتعلّق بلون المياه، وتعليمات وزارة الصحّة توصي بغسل نظام إمدادات المياه حتّى يتم الحصول على مياه نقيّة، ومرافقتها برصد نوعيّة المياه، من أجل ضمان عدم وجود عناصر إضافيّة في المياه.
- 2 -
خلال العام الأخير، رُصدت ظواهر "المياه الحمراء"، بشكل رئيسي في منطقة الجليل المركزي والغربي (منطقة عكا – كرمئيل).
في بعض البلدات (في كرمئيل، على سبيل المثال)، رُصدت هذه الظاهرة لفترة قصيرة ومن ثمّ اختفت. إلّا أنّه في بعض الأماكن استمرت هذه المشكلة لعدّة أشهر:
• دير الأسد والبعنة (شركة "مياه الجليل")، وجديدة – المكر (شركة "العين") – لقد استمرّت هذه الظاهرة في هذه البلدات لعدّة أشهر، وقد اضطر السكان وشركتا المياه إلى غسل المواسير بشكل مستمر.
وأصدرت سلطة المياه تعليمات إلى شركة المياه "مكوروت" لاستئناف ضخّ المياه من الآبار الجوفيّة، وفي الوقت ذاته الذي استبدلت فيه ويتم استبدال خطوط المياه (المواسير) القديمة، ولسبب استمرار هذه الظاهرة، حصل السكان على تعويض بحسابات فواتير المياه.
• عكا (شركة "مياه عكا") – لقد استمرّت هذه الظاهرة في أجزاء من المدينة لعدّة أسابيع. وقد اضطر السكان وشركة المياه من غسل المواسير بشكل مستمر. هذا وقد استبدلت، ويتم استبدال خطوط المياه القديمة.
• كيبوتس "عين همفراتس" وكيبوتس "كفار مسريك" – لقد استمرّت هذه الظاهرة في هذين الكيبوتسين لعدّة أشهر. وقد اضطر خلالها السكان من غسل المواسير بشكل مستمر.
ولهدف التقليل من هذه الظاهرة إلى أدنى حد، توقّفت إمدادات المياه البديلة بشكل مؤقّت، واستمرّ ضخ المياه الجوفيّة، رغم الوضع السيّء للتوازن المائي (الهيدرولوجي)، وتمّت معاينة بعض الطرق للحدّ من هذه الظاهرة.
درس الخبراء في سلطة المياه، وشركة "مكوروت" ووزارة الصحّة هذه الظاهرة بعمق، ووضعوا خططًا عريضة لاستبدال المياه التي من المتوقع أن تقلّل وتحدّ من هذه الظاهرة.
وسيتم استبدال مصدر المياه مرّة أخرى، يوم الأحد الموافق 21.01.2018، وسيتمّ تزويد المياه المحلّاة إلى السكان، من أجل إعادة تأهيل مستويات المياه في آبار المياه الجوفيّة في الجليل، والتي انخفضت إلى الحد الأدنى تاريخيًّا وفق القياسات الأخيرة.
[email protected]
أضف تعليق