حذر الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل من تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية إلى مستوى غير مسبوق لدرجة أن بعض الأنظمة باتت لا تمانع في التضحية بالقضية في سبيل ضمان استمراريتها بالحكم.
وقال مشعل في جلسة نقاش نظمها مركز الجزيرة للدراسات في العاصمة القطرية الدوحة إن "العرب يعيشون الآن أسوأ مراحلهم من الضعف والتشرذم والخلاف واستباحة القوى الخارجية لهم"، مشيرًا إلى أنه في ظل كل هذه المعطيات تراجع الاهتمام بفلسطين بعد أن كانوا في السابق يتبارون في دعم القضية ومساندتها.
وتطرق مشعل إلى "صفقة القرن" (مشروع للسلام بين العرب وإسرائيل)، وقال إن "هناك مؤشرات على أنها صفقة بالأساس من إنتاج أنظمة عربية هدفها إرضاء أميركا وإسرائيل لضمان هذه الأنظمة مواصلة الحكم ولغض النظر عما تقترفه في بلدانها من تجاوزات في مجال حقوق الإنسان، وإن الولايات المتحدة تلقفت الصفقة وتعيد إنتاجها وتغليفها وعرضها كمشروع أميركي للسلام".
ورغم استبعاده نجاح الصفقة فإنه بين أنها تهدف إلى إبقاء القدس ببلدتها القديمة مع الاحتلال، واستبعاد عودة اللاجئين وبالتالي توطينهم في البلدان التي يعيشون فيها، كما أنها لن تطالب بإزالة المستوطنات أو إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وأن أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الفلسطينيون في الضفة الغربية هو حكم ذاتي موسع.
أربعة عوامل
وإزاء الوضع الذي تمر به القضية الفلسطينية حدد رئيس المكتب السياسي السابق لحماس أربعة عوامل أساسية مؤثرة، هي الإقليمي والدولي والإسرائيلي والمحلي، فإقليميا أوضح أن القضية الفلسطينية التي كانت تعتبر قضية العرب المركزية تراجعت في ظل تفجر الأزمات بالمنطقة حتى أن البعض لا يمانع في التضحية بها.
وقال إنه في السابق عندما كان العالم العربي مقسمًا إلى محور مقاومة وآخر معتدل فإن الكل كان يبرر موقفه لدعم القضية الفلسطينية وإيجاد حل لأزمتها، وكانت حماس تتعامل حينها مع الطرفين بما يخدم القضية.
وأشار إلى أن بعض الأنظمة العربية الحالية تبرر محاربتها لبعض الأحزاب ولبعض الجماعات بأنها تحارب الإرهاب أو تلصق بها تهمة العلاقة بتنظيم الدولة الإسلامية، لتخرج أمام العالم والغرب بشكل خاص من حرج انتهاك حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن "أعداء الأمة -وعلى رأسهم إسرائيل- يعمدون إلى تفجير التناقضات في عالمنا العربي سواء كانت طائفية أو عرقية لتفتيت المقسم وإضعاف العرب".
أما بالنسبة للتأثير الدولي على القضية فبين مشعل أن النظام العالمي حاليًا ليست له سمات تحدد شكله، فهو في طور التشكل وهناك قوى متصارعة، على رأسها أميركا وروسيا والصين والهند، وكل دولة لها مصالحها التي تختلف عن الأخرى وتتعامل مع القضية وفقا لذلك.
وعن الكيان الإسرائيلي، قال مشعل إنه يشعر بأنه في أفضل حالاته في ظل ضعف القيادة الفلسطينية الحالية والانقسام الحاصل، وانشغال العرب عن القضية، وتمكنه من اختراق الصف العربي وإقامة علاقات مع عدد من دولها، وفي ظل وجود الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يقدم دعما كبيرا للمشروع الصهيوني.
ولفت إلى أنه لم يتبق ما يقلق "إسرائيل" في المنطقة سوى تطوير إيران إمكاناتها النووية وقوتها الصاروخية، إلى جانب تطوير المقاومة في فلسطين وفي لبنان قواها العسكرية.
أما بالنسبة للتأثير الداخلي فقال إن القضية تأثرت بالانقسام الحادث في فلسطين، معتبرًا أنه تعبير عن فشل القوى الفاعلة في إدارة أمورها وقبولها بالمشاركة، ففي البداية وبعد انتخابات 2006 لم تتقبل فتح أن يشاركها أحد قيادة الفلسطينيين معتبرة أنها أكبر وأقدر، كما أن حماس في البداية كانت تعتبر أنها بالفوز في الانتخابات ستخلف فتح بقيادة الفلسطينيين إلا أنها تراجعت بعد فترة عن هذا الموقف الخاطئ وقبلت بالمشاركة إلا أن فتح ما زالت مصرة على عدم المشاركة، وهذا ما يعكسه تعثر المصالحة في كل مرة تنطلق فيه.
وأعرب مشعل عن أمله في أن تتمكن فتح وحماس من تحقيق المصالحة تحت إشراف مصر، مؤكدًا حرص حماس على تحقيق المصالحة، وأنها ستقدم في سبيل ذلك كل ما تستطيع.
[email protected]
أضف تعليق