جابر وأُحمد اتهُّما باستخدام أرض هي حسب القانون " أرض زراعية" ، حيث قاما بانشاء مبنى غير مرخّص على قسم من هذه الأرض ، بالشكل التالي : (300) متر مربع لبناء مكاتب وقاعة عرض ، ومساحة أخرى قدرها (2000) متر مربع استعملت كمخزن مفتوح للكراميكا والمعدات . ويُتّهم الرجلان أيضاً بخرق أمر صدر ضدهما ، يلزمهما بهدم المباني غير المرخصة خلال مدة محدّدة ، لكنهما لم ينفذا الأمر واستمرا باستخدام المباني .

وليس هذا فحسْب ، إذ ان هناك ملفاً ثانياً بحق الاثنين ، ويستدل منْهُ انهما استخدما أرضا ً زراعية لانشاء مبان غير مرخصة على النحو التالي :

(250) متراً مربعاً للاستعمال كمخزن ، و (120) متراً مربعاً لنفس الغرض ، حيث قاما بنصب اربع حاويات لاستعمالها كمخازن ، وقد أصدرت المحكمة أمراً بالتوقف عن استعمال المباني في المساحتين المذكورتين – لكنهما لم ينفذا الأمر واستمرا في استعمالها.

في الملف الثاني المتعلق بخرق امر قضائي ، قُدمت لائحة اتهام ضد جابر ، وتوصل الأطراف الى صفقة ادعاء تنص على فرض عقوبة تتمثل بفرض غرامة وتعهد بالتنفيذ – لكن الخلاف ظل قائماً بشأن الغرامة المناسبة.

لأغراض شخصية خاصة ، وليس لأغراض تجارية
ممثلة الادعاء قدمت التماساً ينص على فرض غرامة تتراوح ما بين 80-250 الف شيكل ، وشدّدت على انه فيما يتعلق بجابر ، حاد الادعاء عن موقفه المعتاد والمتبع ، وامتنع عن تقديم التماس ينص على فرض عقوبة السجن مع وقف التنفيذ على خلفية خرق الأمر القضائي ( أمر المحكمة ) ، وذلك نظراً لحالته الصحية السيئة . ولهذا السبب ، ادعت انه يجب خلق توازن بواسطة فرض غرامة باهظة مشددة. وادعى ممثل جابر ان استعمال المخزن كان لأغراض شخصية خاصة وليس لأغراض تجارية ، وان استعمال المنطقة ( المساحة) المفتوحة او المكشوفة كمخزن تم عملياً في منطقة تابعة للمرفق المجاور وتغلغل الى هناك ولم يجْن أي ربح من ذلك . وادُّعي ان جابر امتنع في الماضي عن السعي الى عمليات ومسارات التأهيل بخصوص قسم من الاستعمالات ، نظراً لحقيقة ان المرفق لم يُسجَّل بعد على اسمه وعلى اسم زوجته ، لكن بعد فتح الملف تسلمت اللجنة الخرائط والمخططات التي قدمتها ، وبدأت عملية الترخيص . وأشير الى ان قسماً من الاستعمالات قد تم الفروغ منها (إخلاء ) وخاصة من جهة استعمال المنطقة المكشوفة التي كانت مستعملة على مقربة من المرفق المجاور.

إعاقة كاملة

ممثل ( محامي) جابر وجّه الانتباه الى حالة موكله الصحية المتردية ، وقدم مستندات طبية تظهر انه يعاني من مرض وراثي خطير ومرض بالقلب ، حيث أجريت له عمليات جراحية ، بالإضافة إلى اصابته بأربع جلطات دماغية وانزلاق غضروفي (" ديسك") وضمور شرايين الرقبة وانسداد بعضلات القلب ، وتعقيدات ومضاعفات مرضية وصحية أخرى . وقبيل موعد النظر في القضية أجريت للرجل عملية لتوسيع الشريان الرئيس للعنق، ولكنه لم يتماثل بعد الى الشفاء ، وتبيّن ان جابر مصاب بعاهة (إعاقة) كاملة (100%) وبالعجز ، ولذا فهو غير قادر على العمل.
ورأت المحكمة انه من خلال معاينة الملف يبدو لها ان الموقع الذي استُعمل بشكل واسع ، وبصفته منطقة زراعية ، للأغراض التجارية ، فان المحكمة لا ترى بُداً من فرض عقوبات شديدة ، تشمل أيضاً غرامات باهظة . مبالغ الغرامات مستمدة ومستوحاة بطبيعة الحال من الأرباح التي جُمعت من خلال القيام بالتجاوزات .


100 ألف ، 500 ألف ، و 300 ألف شيكل

كما قررت المحكمة انه يتعين الانتباه الى أن جميع القرارات الصادرة ( هنا) تتعلق بالاستخدام الزائد عن الحد أو البناء المحظور ( غير المرخص ) ، لكنها لم تتضمن النظر والبت في تجاوزات تتعلق بخرق الأوامر. وبخلاف ذلك ، في القضية التي أمامنا ، تضاف تجاوزات (جنايات) خرق الأوامر – إلى الخطورة الحاصلة أصلاُ . كذلك تجدر الاشارة الى أننا أمام حالة خرق للأوامر ، للمرة الثانية.

في الحكم الذي أصدرته بشأن المتّهًمين (جابر واحمد) في الملف السابق – أشرت الى الخطورة الكامنة في التجاوزات والجنايات ، بالنظر الى الخرق المتواصل للأوامر ، وارتأيت ان حدود العقوبة المناسبة تتراوح ما بين 100-500 ألف شيكل ، وبعد ذلك فَرضت على المتهمين غرامة مالية ، لكليهما معاً ولكل واحد منهما على انفراد ، بواقع (300) الف شيكل . واليوم ، فان الظروف والملابسات خطيرة بأضعاف مضاعفة، ويجب ان يتجلى هذا الأمر بقيمة الغرامة.

مرض زوجة أحمد

ورغم كل ما ذُكر أعلاه ، فأنني على استعداد للأخذ بعين الاعتبار ، بقَدرَ معين ، مسألة وضع حدّ للاستعمالات ووقْفها ، بالنظر الى مجريات الأمور بين الأطراف ، حيث اتفقوا على التراجع عن الاستئناف ، من أجل الحصول على مهلة الى حين الهدم، ولم يتوقعوا ان يتم تقديم لوائح الاتهام ضدهم. ومن الجهة الأخرى ، يجدر الالتفات الى انه بالإضافة إلى حقيقة كوْن الاستعمالات قد توقفت – فلم يحدث الهدم حتى اليوم.
وعلى ضوء مجمل الظروف والملابسات ، وقرار الحكم الذي اطّلعتُ عليه – فأنني أرى ان حدود العقوبة المناسبة الواجب فرضها على كل واحد من المتهمين تتراوح ما بين 100-600 ألف شيكل .

ورأت المحكمة أيضا ان جابر قد وجد عثر في نهاية الأمر مكاناً آخر ، وأخلى الاستعمالات من الأرض ( توقّف عن استعمال الأرض). وفي قضيته لا توجد ظروف خاصة تتجاوز الصعوبة المادية التي تظهر من خلال اوراق الحسابات التي تم تقديمها كدليل للعقوبة ، ولو أنه يجدر الأخذ بالحسبان الماضي الجنائي الخاص بجابر ، الذي سبق أن أدين من جهتي في السابق ، كما ورد ، ولذا فبخصوصه نرى من الصواب فرض غرامة بخصوص المنطقة التي قررت بشأنها.

وبالنسبة لأحمد ، رأت المحكمة ان له أيضاً ماضياً جنائياً يتعلق ، بجنايات مشابهة ، سبق تفصيلها . وفي شأنه لم تطرح ادعاءات تتعلق بظروف وملابسات استثنائية ، ما عدا حالته المادية الصعبة ، كما أننا نأخذ بالحسبان مرض زوجته.

محمية طبيعية

وعلى ضوء ما تًقَدم ، حكمت المحكمة بفرض غرامة مالية على جابر قدرها (200) الف شيكل تُدفع على (24) دفعة. وفرضت على احمد عقوبة السجن (3) أشهر مع وقف التنفيذ لمدة عامين من موعد صدور الحكم ، شريطة ألاّ يرتكب خلال هذه المدة جنايات تتعلق بقانون التخطيط والبناء . كما فرضت عليه غرامة مالية قدرها (200) الف شيكل أو بالسجن بدلاً منها لمدة مئة يوم ، ويلزم بالتوقيع على كفالة قدرها (400 ) ألف شيكل.

ارتأينا انه لا يجوز للمتهمين ان يتصرفا وكأن لهما قانوناً خاصاً بهما ، فلا يجوز لهما ان يقدما على البناء الواسع الزائد عن الحد ، بدون ترخيص أو تصريح ، على أرض مخصصة لان تكون محمية طبيعية ، من خلال خرقهما الواضح والصريح للأوامر القضائية.

وبناء على ذلك يجب اللجوء إلى استشارة قانونية قضائية مناسبة من أجل فحص ومعاينة تحفظات القانون قبل الشروع بعملية التخطيط أو البناء ، وذلك بغية ايجاد حلول قانونية لأوضاع مختلفة ومعقدة، دون انتظار نشوء مسارات جنائية.





 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]