يخيّم الحزن والحداد على كفر قاسم في الذكرى الـ61 للمجزرة التي حصلت هناك عام 1956. ولا زال اهالي كفر قاسم يطالبون بان ينال الجناة قصاصهم دهاء المجزرة التي ارتكبوها.
اجرى مراسلنا حوارا مطوّلا مع النائب في الكنيست، عيساوي فريج ورئيس اللجنة الشعبية بكفر قاسم، الشيخ ابراهيم صرصور ووالد الشهيد محمد طه الذي ارتقى في المواجهات الاخيرة بكفر قاسم حول التطورات بعد اكثر من نصف قرن.
جرح لن يندمل بعد
النائب القسماوي عن حزب ميرتس اليساريّ - عيساوي فريج، قال بحديثه مع بُكرا:" مجزرة كفر قاسم تعيش معي وأعيش معها كل يوم وليس فقط في يوم الذكرى، عشت هولها انا شخصيا بسقوط اخ جدي من طرف الوالد واخ جدي من طرف الوالدة، اضافة الى العديد من المصابين، انها جرح لن يندمل بعد.واحد و ستون عاماً والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ترفض الإعتراف بالمسؤولية التامة على المجزرة التي نفذها الجيش بحق أناس عزّل، من مواطني الدولة الابرياء، بحق 49 شهيداً من كفر قاسم، وعشرات الجرحى، حتى انها ترفض تقديم الإعتذار الرسمي لعائلات الشهداء والجرحى ولكفر قاسم".
وزاد:" الشهداء الـ 49 يوحدون الوطن، ويوحدون كفر قاسم كل عام، في المدارس وفي رياض الاطفال وفي المركز الجماهيري وفي الشوارع وفي المساجد وفي كل مكان، لا حديث لدى الناس سوى تخليد ذكرى المجزرة والشهداء.الجميع من كبير الى صغير يتوق لمعرفة المزيد والمزيد عن المجزرة سواء من قبل شهود العيان او من الجرحى او من ابناء واحفاد الشهداء، انها رسالة يجب الحفاظ عليها ونقلها من جيل الى اخر".
لن ننسى، ولا نريد الإنتقام
وأردف:" لن ننسى، وبنفس الوقت لا نريد الإنتقام، نحن اصحاب الوطن والارض، نريد ان نعيش مواطنين اصحاب حقوق متساوية في هذه الدولة، وعلى الحكومة تذويت ذلك بالافعال وليس فقط بالاقوال والتصريحات الرنانة.في كل عام وبهذه المناسبة اقدم اقتراح قانون لتخليد ذكرى ضحايا مجزرة كفر قاسم، وكما هو متوقع يتم التصويت ضد اقتراح القانون بالقراءة التمهيدية بسبب معارضة الإئتلاف الحكومي".
واشار الى ان:" اليوم ادعو اعضاء الائتلاف، من جديد، للتحلي بالشجاعة والتعلم من الأخطاء، والاعتراف بالمجزرة الرهيبة، بجريمة الحرب، وتعويض العائلات الثكلى وعائلات الجرحى، علينا العمل على ترسيخ الوعي حول المجزرة لأهل البلد وباقي مواطني الدولة، علينا ان نذْكر و نُذَكر، لنعمل على مشروع تعريف مباشر لمدارسنا العربية والمدارس اليهودية، نقل الرسالة يبني جيلاً جديداً يحمل وعيا مختلفا. هكذا يجب ان نحيي الذكرى في داخلنا وفي داخل من حولنا".
وانهى كلامه قائلا:" ولأهلي وناسي اقول: انتم الصمود وانتم البقاء والحقيقة الوحيدة، كفر قاسم لن تنسى، لن تغفر ولن تسامح".
تحملت الأجيال الشابة العنت والملاحقة والسجون
رئيس اللجنة الشعبية في كفر قاسم - الشيخ ابراهيم صرصور، قال بحديثه مع بُكرا:" غدا الاحد الموافق 29.10.2017 سنكون على موعد مع الذكرى ال – 61 لمجزرة كفر قاسم ، المجزرة التي راح ضحيتها 49 شهيدا من احبتنا من الرجال والنساء والأطفال الذين قتلهم وحوش حرس الحدود الإسرائيلي بدم بارد في مساء التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول من العام 1956.
انتصر اللحم على الفولاذ
منذ ذلك التاريخ وكفر قاسم تصر على إحياء الذكرى الأليمة كل عام، حيث تحملت الأجيال الشابة في السنوات العشرين التالية للمجزرة العنت والملاحقة والسجون، متحدين عنجهية الحكم العسكري وصلفة وجبروته، في سبيل الحفاظ على شعلة ذكرى المجزرة متوقدة وحاضرة في ذاكرة الأجيال، فانتصر اللحم على الفولاذ، وسطرت أجيال كفر قاسم اعظم مشاهد الصمود والتحدي، حتى أصبحت كفر قاسم نموذجا يُحتذى به في إحياء ذكرى شهدائها بالشكل والصورة اللتين تليقان بالشهادة والشهداء. في كل عام وفي نفس الموعد تلتحم الالاف من جماهيرنا الفلسطينية في الداخل على ثرى كفر قاسم الذي روته دماء الشهداء المظلومين، يشاركهم العشرات من اليهود الذين كان لهم حضورهم على امتداد عمر ذكرى المجزرة، ومعهم كل الشعب الفلسطيني واحرار العالم، في إحياء مقدس لذكرى الشهداء، والذي يكرر الإدانة لدولة إسرائيل على جريمتها النكراء والوحشية في حق الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال الذين سقطوا غدرا برصاصها الحاقد من جهة، ورفضها الممنهج للاعتراف بمسؤوليتها الأخلاقية والقانونية والسياسية عن المجزرة التي ما تزال دماء ضحاياها طرية وما زال جرحها ينزف، رغم مرور واحد وستين عاما".
أبعادا عميقة
وعمّا تحمله ذكرى المجزرة، يقول:" تحمل ذكرى مجزرة كفر قاسم هذا العام أبعادا عميقة لتزامنها مع احداث جسام تقع في إسرائيل ومن حولنا وفي العالم، تشير كلها إلى أن المجازر والمذابح والابادة الجماعية والقتل على الهوية والتي جاءت كلها لتحقيق أغراض سياسية، أصبحت السمة الغالبة على المجتمعات في القرن الواحد والعشرين (قرن حقوق الانسان والشرعيات الدولية)، تشارك فيها أغلب الدول والمنظمات سواء انتمت لدول متقدمة او متخلفة، وسواء نفذت جرائم الإبادة والمجازر مباشرة او بالوكالة. كما تأتي الذكرى ال – 61 لمجزرة كفر قاسم في ظل عاصفة هوجاء من العنف التي تجتاح مجتمعنا العربي في الداخل، حصدت حتى هذه اللحظة نحوا من 1250 قتيلا بأيدي عربية منذ العام 2000، الامر الذي يضعنا أمام تحديات حقيقية على جبهتين. الأولى، الإسرائيلية التي ما تزال تصر على التعامل الأمني مع جماهيرنا العربية حيث أوقعت نحوا من ستين شهيدا منذ العام 2000 وحتى الان، قُتلوا برصاص أجهزة الشرطة والامن لكونهم عربا فقط.
والثاني، تهاوي حصوننا العربية الداخلية تحت وطأة العنف والجريمة المنظمة والتي تدع مجتمعنا العربي هشا وضعيفا لا يقوى على مواجهة التحديات الخارجية. ستبقى مجزرة كفر قاسم وإلى الابد حدثا ليس ككل حدث، وستبقى تجسد بشاعة السياسات الإسرائيلية منذ قيام الدولة وإلى اليوم، وتُذَكِّرُ بالخطر الماثل الذي سيظل مُحْدِقا ما لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية والسياسية الكاملة عن المجزرة، وتدفع الثمن المطلوب والذي مهما بلغ فلن يكون بقدر قطرة دم واحدة سالت في ذلك المساء الحزين.نحن على قناعة أنه ومن أجل تخليد الذكرى وإبقائها راسخة وحاضرة دائما، لا بد من رعاية الذاكرة الوطنية وحمايتها كجزء لا يتجزأ من التوعية الوطنية والسياسية لمختلف الأجيال، واستثمار المدارس والمساجد والمؤسسات العامة والمقاهي بهدف تحويلها الى محاضن تنوير وقلاع اصلاح مجتمعي يصب في النهاية في تحصين الأجيال من أية اختراقات سلبية، وتزويدها بكل الحمايات الضرورية من حيث التربية الدينية والوطنية الملتزمة والكفيلة ببناء جيل يساهم في بناء مجتمعه وتطويره وتنميته في كل المجالات".
لا يمكن التنبؤ بالثمن الذي يمكن أن ندفعه في قابل الأعوام
واضاف:" ما من شك أيضا في أن للأحزاب والحركات ومنظمات المجتمع المدني دور كبير في تعزيز الوعي الجمعي. اما الاسرة فستبقى الحاضنة الأولى والاهم لإعداد الجيل اذا ما فهم الوالدان ان دورهما يتجاوز تامين الغذاء والكساء والدواء والتعليم والبناء والزواج، الى المهمة الأساس وهي اعداد المواطن الصالح في عقله وروحه واخلاقه والتزامه الديني والوطني. يبدو ان الطريق امامنا ما زال طويلا، ولا يمكن التنبؤ بالثمن الذي يمكن أن ندفعه في قابل الأعوام، الا اننا سنظل على يقين بأن قضينا منتصرة لأنها ببساطة قضية عادلة."
وخلّص بالقول الى ان:" أدعو في هذه المناسبة الحزينة إلى أوسع اصطفاف وأقصى وحدة ممكنة، وإلى تضافرٍ أعمقٍ للجهود من اجل إنجاح يوم الذكرى ال – 61 لمجزرة كفر قاسم تحت شعار (لن ننسى .. لن نغفر .. لن نسامح).. و (لتعترف إسرائيل بمسؤوليتها الكاملة عن مجزرة كفر قاسم) و (لن نرحل)".
فقرة رثاء لوالد الشهيد محمد طه
والد الشهيد محمد طه - محمود طه، قال بحديثه مع بُكرا:"غداً سأقوم بإلقاء فقرة رثاء مقطوعة شعرية لابني الشهيد محمد طه وأتمنى من الله ان يرحم شهداءنا ومحمد طه الذي ارتقى شهيدا على يد الشرطة الاسرائيلية دون ذنب اقترفه وبدم بارد وبهذا اكمل الخمسين على قافلة شهداء كفر قاسم الذين سبقوه الى الشهادة رحمهم الله جميعا وحشرهم مع الانبياء والصديقين وحسن اولئك رفيقا".
[email protected]
أضف تعليق