بحضور العشرات من النساء والناشطات، نظمت مجموعة "أطياف" بالتعاون مع "كيان"- تنظيم نِسوي، الأسبوع الفائت ندوة خاصة تحت عنوان "حق النساء في الأملاك المشتركة بين الزوجيّن".
وتناولت الندوة، الموضوع لأهميته، ولأنه لم يحظى بالاهتمام على مدى سنوات طويلة، ولطالما تم تجاهله مجتمعيًا لما يحمله من كسرِ للمفهوم ضمنا وتحدِ لمفاهيم ذكوريّة.
وبدأت الندوة بترحيب من الناشطة بشرى عوّاد، من مجموعة اطياف، بالحضور من الرجال والنساء، مُعرّفة بمديرة كيان، رفاه عنبتاوي، والمحاميتين هناء مصالحة وسيرين بصول زعبي، ومؤكدة على أهمية عقد الندوة، خاصة وأنها تعد من التابوهات الأمر الذي شجّع أطياف على ترجمتها إلى أرض الواقع.
بدورها، تحدثت رفاه عنبتاوي، مديرة جمعية "كيان"- تنظيم نِسوي، مشيرةً أنّ فكرة الندوة جاءت بعد عدد من التوجهات إلى جمعية "كيان"، والتي لا تترافع في قضايا الأملاك، إنما في قضايا أحوال شخصيّة عينية فقط، وترى "كيان" أنّ هنالك أهمية في تعزيز معرفة النساء ورفع وعيهن لحقوقهن في الأملاك المشتركة للزوجين، وهي حقوق ليست مفهومة ضمنًا، على العكس فمعظم نسائنا تعتقد وبسبب تركيبة الزواج في مجتمعنا أنّ للنساء لا يوجد أي حق في أملاك الزوج، والذي عادة يعمل على بناء البيت فيما تقوم المرأة بتأثيثه، مما يترك الانطباع أنّ البيت بكل الأحوال بملكية الزوج، وهو انطباع مغالط وخاطئ.
وأوضحت عنبتاوي أنّ المرأة العربية بشكل عام تعاني من ظروف إقتصادية صعبة، فالرجل هو المعيل ويملك القوة الاقتصادية في البيت، عليه وضعها الاقتصادي بحالة الطلاق والانفصال سيزيد سوءً، ومن المهم تعريفها بحقوقها التي يمنحها لها القانون ويحاول منع حالات ابتزازها أو تجريدها من الحقوق.
وأكدت عنبتاوي أنّ تعريف المرأة بحقوقها في الأملاك هو موضوع مبدئي بالدرجة الأولى واجتماعي ايضًا مدرج على سلم أولويات جمعية "كيان".
الجانب القضائي للموضوع
وفي مداخلتها قدمت المحاميّة سيرين بصول-زعبي، المُختصة في الموضوع، توضيح عن قانون توزيع الموارد بين الزوجيّن، وهو قانون سُن عام 1974 وهدف إلى انصاف المرأة ، مشيرة أنّ القانون أقر أن للمرأة حق في نصف أملاك الزوج حال وقع انفصال أو طلاق إلا في 3 حالات.
وعددت المحاميّة بصول-زعبي الحالات الـ 3 مشيرة أنّ المرأة لا تقاسم الزوج على أملاك وصلت عن طريق توريث أو هدية او ممتلكات وصلت للزوج قبل عقد الزواج والمُسماة بالممتلكات الخارجيّة.
وتطرقت المحاميّة بصول-زعبي إلى وضع نسائنا بشكل عام، سواءً اقتصاديا أو من حيث اندماجها بسوق العمل، موضحة أنّ هذه المعطيات القاتمة، حيث تعاني نسائنا من الفقر والبطالة، تحتم على نسائنا التفكير في انتزاع حقوقهّن، علما أنّ القانون المذكور لم ينصفهّن بشكل تام وأنّ نسائنا عادة ما ترفض مسألة التقاسم، مستذكرة بحث عملت عليه المحاميّة نسرين عليمي كبها والذي اظهر أنّ النساء العربيات عادة يتنازلن عن حقهن في الميراث، وهو مؤشر ايضًا على تنازلهن عن تقاسم الأملاك مع الزوج حال الانفصال أو الطلاق.
وعززت المحاميّة بصول-زعبي هذا الرفض بطبيعة الزواج والسكن في مجتمعنا العربي، حيث يسكن الأزواج في بيئة محاطة بالأقارب، سواءً الأهل أو الأخوة، مما يعني أن انتزاع المرأة لحقها في السكن قد يدفعها إلى السكن في بيئة الزوج، وإمكانية بيع المنزل أو تأجيره تقريبًا معدومة، الأمر الذي يدفع نسائنا عادة إلى التنازل عن هذا الحق.
بدورها استكملت المحاميّة هناء مصالحة، من المساعدة القانونيّة، مداخلة زميلتها مؤكدة أنّ القانون المذكور لم ينصف المرأة بشكل تام إلا أنّ هنالك قرارات محاكم ساعدت في الإنصاف.
وتطرقت المحاميّة مصالحة إلى مثال عيني تم تداوله في المحاكم وكيف حاول القضاء إنصاف المرأة اخذًا بعين الاعتبار البيئة والظروف التي تحيط بها وقوانين أخرى تمنح الرجل فوقية قضائيّة.
وقالت المحاميّة مصالحة أنّ المحاكم تأخذ بعين الاعتبار بعض المؤشرات والتي قد تكون بصالح المرأة مثلا مدة سكنها في المنزل ومدى الضرر الذي يحدث للزوج وعائلته جراء تجزأ الأملاك، خاصة بيت الزوج الذي يقع في محيط أهله وأقرباءه، ومساهمة الزوجة في اعمار بيت الزوجية، مثلا عدا التأثيث، انشاء وبناء اقسام إضافية له.
وقدمت المحاميتان للحضور من النساء عدد من الاستشارات العينيّة مؤكدات لهّن أنّه بكل الأحوال من المفضل استشارة محامي أو التوجه للمساعدة القضائية للحصول على خدمات محامي في حال كانت الظروف الاقتصادية للمرأة لا تسمح باستئجار خدمات محامي او محاميّة.
وشكر الحضور المحاميتان على هذه الاستشارات، حيث أكد رئيس مجلس عرابة السابق عمر نصّار، والذي شارك الندوة، أنّ عرابة سبقت وأن فتحت ملف التوريث في ندوة خاصة لاقت الكثير من المعارضة، إلا أنه إذا أردنا أن نتحدث عن مجتمع صحي ومنصف للمرأة علينا ان نبدأ بملف التوريث وقبل ذلك بـ "قناعة تامة" أنّ لنسائنا حق شرعي يجب أنّ نقوم نحن بإعطائهن إياه وليس الانتظار والتعويل على التنازلات التي سيقدمنّها فقط لإرضائنا كأخوة، وآباء وأزواج.
[email protected]
أضف تعليق