أطلّ علينا عيد الأضحى المبارك، ليذكرنا بقيمة العيد ومعانيه الجميلة، ويأتي العيد بالأساس ليجمع بين البشر ولا يفرق بينهم، سواء كانوا أصحاب مالٍ أو فقراء، ولا تخلو بلداتنا العربية للأسف من الفقر والحياة الصعبة القاسية، التي يسعى فيها الوالدين لتوفير لقمة العيش لأبنائهم، في ظل شح المادة والمال.
وأخذنا اليوم جسر الزرقاء كنموذج للوضع المادي الاقتصادي الصعب، إذ تتميّز جسر الزرقاء بكونها قرية ساحلية معروفة بشواطئها، لكنّها أكثر القرى العربية فقرًا. وتُعتبر جسر الزرقاء أكبر مصدر لعاملات النظافة اللواتي يعملن في المشافي الممتدة على الساحل بين تل أبيب وحيفا علمًا أنّ نحو 80% من عمال القرية الذين يخرجون يوميًا للعمل هم من النساء، والنسبة في ارتفاع متواصل، لكن للأسف فإنّ أعمال النساء إلى جانب الرجال لا يُساهِم بتطوير هذه القرية.
وفي كل مرّة يجري الحديث عن هذا الواقع الصعب يتحدث رئيس المجلس أنّ الوضع الصعب الذي يعيشه أهالي جسر الزرقاء سببه الفقر وانعدام المرافق الاقتصادية المحلية، رغم وجود أهالي جسر الزرقاء على ساحل جسر الزرقاء، إلا أنّ الحال لا يتغيّر إلى الأحسن بل على العكس، ففي السنوات الأخيرة زادت جرائم القتل، وزادت حوادث السير القاتلة.
وتبدو جسر الزرقاء كأنها جيتو، وكلُ شخصٍ يرى نفسه قادرًا على فرض قدراته، فإنّ الجريمة ستزداد انتشارًا، علمًا أنّ جسر الزرقاء تحوي عدة حوانيت صغيرة للبيع ومطعمًا واحدًا.
يُشار أنّ دخل العائلات لا يتجاوز الـ أربعة آلاف شيكل شهري، رغم أنّ القرية تقع بين بلدتين هما الأغنى "قيساريا" و"كيبوتس معجان ميخائيل"، ولا يقترب الجيران الفقراء حتى قيساريا وسواها من البلدات الغنيّة، وتمّ في العام 2002 بناء جدار فاصل بين البلدة العربية الوحيدة والبلدتين الأغنى.
يُشار أنّ 30% من النساء في قرية جسر الزرقاء لا يعملن، لكنّ عمل النساء لا يساعد في رفع مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية في جسر الزرقاء. ولا تزال المساعدات من المجلس وتحديدًا من قسم الشؤون هو المساهِم بتحسين بعضاً ولو قليل من الواقع المحفور في قلوب وعقول هذه القرية العاجزة عن التطور، وإن لحقت التطورات فإنّ الحديث يجري عن جرائم تحدث في الفترة الأخيرة، بسبب الإهمال المؤسساتي والحاجة الماسة للدعم، والضحايا هم بالأساس الشبان العاطلون عن العمل.
يُشار أنّ عدد العاطلين عن العمل في جسر الزرقاء من الرجال يصل إلى 75% وقسم كبير منهم مدمن على المخدات أو في السجون، حتى أنّ هؤلاء تحولوا إلى عبءٍ ثقيل على النساء.
وفي فتراتٍ ماضية كانت هنالك محاولات لدعم النساء وإيجاد ظروف عمل أفضل من أجل حياةٍ طبيعية إنسانية في دولة تعتبر نفسها الأفضل في العالم.
وكان هنالك بالطبع استغلال لوضع النساء وحتى القاصرات، اللواتي يقمن بأعمال تنظيف بعد مغادرة الطلاب، يعملن وهنّ يسرن بلا أحذية، هؤلاء القاصرات والنساء المتعبات يعملن لساعاتٍ طويلة ليحصلن على مبلغٍ بخس من مؤجريهم، بينما حظيت بعضهن بحقوق يفرضها القانون، لكنّ المقاولين سيطروا على جميع الأعمال وأصبحوا يهددون العاملات بالفصل، في حال لم تستطع الخروج من البيت في فتراتٍ معينة، مثل أيام العيد كمثال.
ويُشير البعض أنّ بعض النساء لا يحظين بأكثر من 3000 آلاف شيكل أو 2000 شيكل فقط، رغم أنّ عملهن يتجاوز الـ 18 ساعة ليوفرن ظروف أفضل.
وعدا عن هذه الظروف فإنّ الأم التي تترك أطفالها ولا تستطيع مرافقتهم للحضانات أو الروضات، هذه الحضانات لا تستطيع استيعاب عدد كبير من الأطفال في الحضانات، أما المساكن هناك فحدث ولا حرج. ويبقى النضال هزيلاً في ظل مؤسسة حاكمة لا تأبه للفقير، بينما تعجز السلطات المحلية مساعدة أبنائها على تحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، والنتيجة كما ذكرنا، ظروف قاسية لا يقبلها البشر، لكنّها مفروضة عليه غصبًا عنه، للحاجة الماسة للمال وللعيش الكريم.
[email protected]
أضف تعليق