في الوقت الذي يجب أن نكون فيه نحن كشعب فلسطيني وكعرب في الشرق الأوسط قد وصلنا لمرحلة الوعي الكامل لخطورة الفتن الطائفية، بسبب ما رأيناه من دمار نتيجة هذه الفتن في الدول المجاورة كسورية والعراق وقبلهما لبنان، ما زالت بعض الأطراف بداخل مجتمعاتنا تعمل على صنع الفتن وإثارتها أكثر وأكثر، في كل حادثة تحصل يكون لها علاقة بأتباع طائفتين من طوائف شعبنا الدينية أو اكثر.
بعد أحداث القدس الأخيرة، وما لحقها من تحريض طائفي من قبل أطراف مختلفة كون الشبان الذين نفذوا العملية وقتلتهم الشرطة بعد ذلك من أم الفحم وكون القتيلان من طرف الشرطة كانا من أبناء الطائفة المعروفية الدرزية، من حرفيش والمغار. حاول بعض الأطراف – من حيث يدرون أو لا يدرون- إثارة فتنة طائفية بدأت بتصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي وتبعتها تعقيبات أكثر طائفية وخطورة، لكن سرعان ما أخمدت بوادر الفتنة وعادت الأمور لمجاريها.
قبل أيام فاز المربي إيال عيسمي من دالية الكرمل بمناقصة إدارة المدرسة الثانوية في كفر قرع، على اثر هذه النتيجة خرجت أصوات معارضة عديدة، معظمها عارض الأمر بسبب الخلفية العسكرية للمدير الجديد، حيث كان قد خدم بالجيش الإسرائيلي، وهذا نقاش ما زال جاريًا في كفر قرع، ومن ناحية أخرى، عبر بعض الأشخاص عن رفضهم تعيين هذا المدير بسبب كونه من أبناء الطائفة الدرزية، وبين هؤلاء شيخُ وثق كلمته في فيديو يدعو لعدم تقبل هذا المدير لأنه درزي! وفي المقابل، خرجت أصوات أخرى نددت بما قاله هذا الشخص وكأنه يمثل كل أهل كفر قرع، وكأن كل الذين رفضوا فكرة تعيين المدير لأسباب مختلفة بينها قضية الجيش، وكأنهم كلهم يتفقون مع ذات الموقف مع هذا الشخص ومع أسبابه، وهذه الأصوات تبعتها تعقيبات طائفية وخطيرة جدًا.
الإعلامية صفاء فرحات، وهي إعلامية من عسفيا، نشرت على صفحتها فيديو لهذا "الشيخ" مع استنكار منها تطرقت فيه لقضية عمل موظفين مسلمين في قرى درزية وكأن الأمر أصبح فعلًا صراعًا بين المسلمين السنة والدروز في هذه البلاد، وجاءت التعقيبات كما كان متوقعًا، شتائم طائفية وردود وتكفير وأشياء بلغت كل الحدود، تماما كالتعقيبات التي كانت على منشور الإعلامية فرحات يوم عملية القدس.
من بين التعقيبات الكثيرة، والتي كانت بمعظمها مسيئة، كانت هنالك تعقيبات منددة بهذا المنشور الذي يؤجج الفتن ومطالبة ناشرته بالحذر والتصرف بمسؤولية أكبر كونها اعلامية.
وفي حديث لـ"بـُكرا"، قال الشيخ علي معدّي رئيس لجنة التواصل الدرزية لعرب 48: نرجو من جميع الصحافيين والإعلاميين من أبناء مجتمعنا أن يتوخوا الحذر في الكتابة وفي نقل الاخبار، لأننا نمر في فترة حساسة في الداخل وفي المشرق العربي بشكل عام، على جميع الصحافيين، خصوصًا أبناء شعبنا أن يكونوا واقعيين وأصحاب رسالة واضحة تدعو إلى وأد الفتن وليس لإشعالها.
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
وتابع: وإلى شبابنا الذي يتعامل بشكل دائم مع مواقع التواصل الاجتماعي، على شبابنا من كل الأطراف أن يعرفوا أن الكلام الحسن هو السبيل الواضح لوحدة المجتمع، ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، إن الكلام الجارح والتعقيبات التي تمس بالرموز الدينية وبالأنبياء الكرام لا يخرج إلّا عن شخص سافل خارج عن كل القيم والأخلاقيات، نتمنى على الجميع أن يلتزموا بالمبادئ الدينية والأخلاقيات الحسنة ولا ينجروا وراء المتآمرين والمتربصين بوحدة مجتمعنا وكرامته.
نتمنى على أصحاب الغايات الرخيصة أن لا يصطادوا في الماء العكر
وحول قضية الفيديو الذي نشر وظاهرة رفض تعيين المدير بسبب مذهبه الديني، قال الشيخ علي معدي : بخصوص ما نشر في وسائل الاعلام مؤخرًا عن تعيين دكتور إيال عيسمي ، درزي مديرًا للمدرسة الثانوية في كفر قرع، وما تبع ذلك من تعقيبات على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصًا الفيديو الذي يظهر فيه رجل دين من كفر قرع ويتكلم بكلام خارج عن كل المبادئ الدينية والقيم الانسانية ويكفي أنه يتزايا بزي الدين ويلبس اللبس غير المحتشم الذي لا يليق برجال الدين، نحن كرجال دين وكرئيس للجنة التواصل الدرزية لعرب 48، ندعو جميع أبناء مجتمعنا إلى عدم الانجرار إلى هذه الأصوات النشاز التي تغذي للفتنة الطائفية وتخدم أعداء مجتمعنا بشكل واضح.
وتابع مستشهدًا بالحديث النبوي: قال الرسول الكريم " تنقسم أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة"، وفي الحديث الشريف "المسلم من سلم الناس من يده ولسانه"، وشعارنا اليوم كما كان سابقًا، شعار المغفور له سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى ضد المحتل الفرنسي حين قال "الدين لله والوطن للجميع"، واليوم في جميع قرانا الدرزية نرى الأطباء والمهندسين والمعلمين والعمال وشبان من أبناء شعبنا في الضفة، يعملون وينامون في كل قرانا الدرزية معززين ومكرمين، نحن نؤيد أن يكون المعلمون والمدراء من أبناء نفس القرية أو المدينة ولكن إذا كان هناك مناقصات وربح أحدهم لا يعني أن هذا خراب كما ذكر المدعو، نتأسف جدًا على النبرة العنصرية الطائفية المقيتة التي خرجت من فمه وندعو جميع أبناء كفر قرع ومجتمعنا العربي إلى استنكار هذه النبرة البغيضة ومرة أخرى ندعو جميع أبناء مجتمعنا إلى التحلي بالكلام الحسن، بالمحبة، بالوحدة ونتمنى على أصحاب الغايات الرخيصة أن لا يصطادوا في الماء العكر.
[email protected]
أضف تعليق