كشفت صحيفة "هآرتس" (5.5) النقاب عن مراسلات داخلية جرت في مكتب مراقب الدولة في سبتمبر أيلول من العام 1973، وهي تتعلق بثلاثة أطفال بدو مصريين عثر الإسرائيليون عليهم وهم مهجورون، بلا أهل، في صحراء سيناء، وذلك قبل شهر من حرب اكتوبر تشرين الأول من نفس العام.
واستنادًا إلى المراسلات، فقد وجه كبار المسؤولين في مكتب مراقب الدولة انتقادات شديدة إلى مسؤولي الحكم العسكري الإسرائيلي في سيناء في ذلك الحين، بشأن ظروف وملابسات تسليم الاطفال الثلاثة للتبنّي، واصفين تصرّفهم هذا بأنه منافٍ للقانون الإسرائيلي ولمعاهدة جنيف- علمًا أن هؤلاء الأطفال الثلاثة لم يتجاوزا من العمر شهرًا واحدًا!
وبرز في المراسلات اسم "شموئيل هولاندر"، الذي كان يومها مسؤولا كبيرًا في الدائرة القانونية لمكتب مراقب الدولة، لكنه زعم في حديث مع "هآرتس" أنه لا يتذكر هذه الواقعة!
ويتبيّن من المراسلات أن الإسرائيليين عثروا على الأطفال في منطقة العريش، وأنهم من المسلمين، مع الإشارة إلى أنه كان من واجب دائرة الرفاه والشؤون الاجتماعية التابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تعتني بالأطفال "لكن تقرر تسليمهم إلى جهات لتتبناهم نظرًا لعدم وجود أي إطار أو مؤسسة أو عائلة (مسلمة) في سيناء أو داخل إسرائيل – لتتولى رعايتهم، وتبيّن أن العائلات التي وافقت على تبنّيهم هي عائلات مسيحية خارج البلاد، بينما يحظر القانون تبنّي أطفال ينتمون إلى ديانة معينة من قبل عائلة أو جهة تنتمي إلى ديانة أخرى.
تأشيرة مرور ..
وكتب هولاندر في المراسلات، إنه بالإضافة إلى كون تسليم الأطفال للتبني مخالفًا للقانون، فإنه أيضًا "غير أخلاقي"، وأضاف: "في الحالة التي نحن بصددها، لم تُؤخذ بالحسبان أية اعتبارات قانونية أو سياسية أو أخلاقية، ولا يُستبعد أن يكون المسؤولون عن الحكم العسكري قد تصرّفوا بدافع التخلّص من عبء الأطفال الثلاثة دون التفكير بالعواقب".
وشدّد هولاندر على التبعات والتداعيات السياسية التي تلحق الضرر بسمعة إسرائيل على الساحة الدولية نتيجة تصرفها هذا " لا سيّما وأن الأمر يتعلق بأطفال مسلمين من مناطق (محتلة) تتولى إسرائيل مسؤولية إدارة شؤونها، وأرسالهم لمقتضيات التبنّي إلى خارج البلاد، ما يستدعي ربما اعتناقهم ديانة غير ديانتهم" – حسبما ورد على لسان شموئيل هولاندر في المراسلات.
وأضاف هولاندر أنه كان بالإمكان حل المشكلة عن طريق تسليم الأطفال للتبنّي لدى مؤسسة أو أسر في الضفة الغربية، أو عن طريق استشارة وجهاء فلسطينيين في سيناء أو قطاع غزة أو الضفة الغربية، أو حتى داخل إسرائيل- أو عن طريق التوجه إلى الصليب الأحمدر الدولي.
وجاء في الخبر ان موظفًا كبيرًا آخر في مكتب مراقب الدول، ويدعى "إينشتاين" سلّم وثائق هذه القضية للمستشار القضائي للمكتب في ذلك الحين، المدعو شلومو غوبرمان، وطلب منه فحص الموضوع، وعُلم لاحقًا أن المسؤولة عن قضايا تبنّي الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية، قد أكدت أنه لا توجد في المنطقة مؤسسة لاستيعاب الأطفال (الثلاثة) وأنه تم استصدار "تأشيرات مرور" لهم، وفعلًا تأكد تسفير واحد منهم إلى خارج البلاد، بينما بقي الاثنان الآخران ينتظران التسفير، على أن يتم ذلك "في غضون بضعة أسابيع"!
[email protected]
أضف تعليق