شارك الأحد العشرات من مهجري بيسان ونشطاء واعلاميين ومجموعات شبابية في الجولة التي نظمتها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين الى بيسان المهجرة.
حيث أقيمت الجولة في أحياء بيسان العريقة وقدم شرحا من قبل مهجريها عن الحياة فيها ما قبل النكبة.
وجاء في الشرح الذي قدم من قبل المهجرين عن تاريخ البلدة التي استولت عليها القوات الصهيونية في 2 أيار عام 1948 وقامت بترحيل اهلها بالقوة وهدموا الغالبية الساحقة من بيوتها، ولم يبق اي عربي في المدينة، حيث بلغ عدد سكان بيسان عام 1948 حوالي 6000 نسمة. كما وتم تعريف مدينة بيسان أنها من أقدم مدن فلسطين حيث كانت على مر العصور بلدة ذات أهمية تجارية وزراعية وعسكرية لوقوعها على الطريق العام الذي يصلها بشرق الاردن وحوران ودمشق، ولوجودها في غور خصب وعرفا مدينة زراعية لوقوعها في قلب سهل بيسان حيث المياه الوفيرة والارض المنبسطة والتربة الخصبة.
وتطرق الى تقديرات اليوم أنه يعيش عشرات الآلاف من لاجئي بيسان في منطقة غور الأردن وفي مدينتي إربد وعمان في الأردن وفي سوريا ولبنان والشتات، ويقيم المئات من مهجري هذه المدينة في الداخل، في الناصرة والفريديس والكبابير.
الحج محمد عبدالله سرحان ترعرع في بيسان وإفتتح الجولة للمشاركين بالتعريف عن نفسه وعن بلده وذكرياته في البلد، قائلا" جمعونا في مركز البلد، حمّلت الناس ما تستطيع من أمتعتها، وأحضروا سيارات الشحن لترحيلنا، كانت أخواتي قد وضعن الملابس والأمتعة داخل حقائب وكذلك الأموال والذهب، وجاء الضابط وقال لنا إن السيارات ستوصلكم إلى الناصرة وجنين ونهر الأردن، كل واحد يختار الجهة التي يريدها، كان ذلك في شهر حزيران، ومن شدة الخوف نسيت أخواتي حقيبة المال والذهب وركبوا السيارة، تسللت وتجاوزت الطوق وعدت إلى المكان الذي نسينا فيه الحقيبة. أخذت الحقيبة وعدت بسرعة إلى السيارة وأدخلتها من شباك السيارة إلى أخواتي، وانكسر زجاجها لأنني دفعت الحقيبة بقوة وبسرعة، ولكنني لم أتمكن من الصعود إلى السيارة، وهكذا انطلقت السيارات وبقيت في البلد، عاد والدي ليبحث عني بعد أن سمحوا له بذلك، رَحل أخي وأخواتي في الباص المتجه إلى الناصرة، بقينا 6 أشخاص من بينهم أرسين الأرمني ولطفية البولص وأنا ووالدي، كنا بجانب خماره، مرت بقربنا سيارة يقودها ضابط يهودي، قال لنا أنه سيرسل سيارة لتأخذنا إلى الناصرة، جمعنا أمتعة من بعض البيوت، وبعد انتظار 3 ساعات جاءت السيارة وحملنا فيها الأثاث وركبت فيها أنا ووالدي وأبناء وبنات بلدنا، سارت بنا السيارة حتى إكسال، كان للسيارة قلاّب، هناك أُنزلنا نحن والأثاث بالقلاب، عند مشارف الناصرة قرب اكسال. انتقلنا إلى الرينة، وبعد سقوط الناصرة غادرت البلاد، أهلي بقوا وبعد سنتين في سوريا عدت الى البلاد، أقوم كل فترة بزيارة بيسان وأنا احترق شوقا وحنينا للعودة الكاملة ". وتابع الحج سرحان " اليوم نعودها سويا نحمل ذكريات طفولتنا وشبابنا ونحدثها للاجيال الشابة المرافقة لنا، هؤلاء الذين سيواصلون الدرب لنحقق العودة الكاملة لبيسان وكل القرى والبلدات".
هذا وواصل الحج سرحان الجولة وهو يقدم الشرح للمشاركين عن البنايات والمدارس والاجواء الثقافية التي عاشها أهل بيسان.
كما وقدمت ماري أمين سمعان-بشارة مداخلة عن حياتها في بيسان قائلة" أحنُ دوما الى هذا المكان فقد كانت حياتنا جميلة، كانت علاقات الناس طيبة، العلاقات بين المسلمين والمسيحيين جيدة، كان التجار من نابلس وطوباس يزورون بيسان، وكان يهود المستعمرات يزوروها ويشترون الخضراوات والفواكه والتمر، أذكر تمر أبو حسيب من دار أبو رحمون، بيارتها كلها شجر تمر، لم يكن لنا أراضي، والدي كان "يضمن" بيارة فيها فواكه وحمضيات وقشطة، كان لنا بيت من 8 غرف مبني من الحجر الأسود، ست غرف تحت وتصعد بدرج إلى غرفتين، كان مقابل كنيسة اللاتين، الكنيسة غربي بيتنا، كان في البلد أيضا كنيسة للروم الأرثوذكس".
واضافت: "كنا بعد المدرسة وتحضير الدروس نزور جيراننا، دار ميلاد سيباني ودار جورج قبعين ودار أبو سمرة، ولا أنسى أبو حسين مصري، عندما تزوجت عام 1947 وخرجت من بيسان بكى، وقلع شجرة المندلينا ووضعها على سيارة العرس، أخ يا ريت نرجع".
كما وقدم سامي أمين سمعان مداخلة عن حياته في بيسان وعن النكبة والتهجير قائلا: " كانت هناك مقاومة لليهود ولكن بيسان استسلمت، قالوا لنا أخرجوا لأسبوع أو اثنين، سكْرّوا البيوت، أخرجونا من البلد في باصات، خرجنا بالباصات وقرب زرعين أطلقوا علينا النار، نزلنا من الباصات عند مدخل إكسال، حملنا أغراضنا وصعدنا الجبل، سمعوا أهل الناصرة، وجاءوا وأخذونا في سياراتهم، سكنا في الناصرة ولا زلنا حتى اليوم فيها، منعونا من الرجوع إلى بيسان، والدي رفع دعوة لاستعادة أملاكه، دارنا نسفوها سنة النكبة، المحامي حنا نقارة أخبر والدي أن الدار فجروها اليهود".
كما وقدم أديب أبو رحمون مداخلته، وهو من مواليد بيسان وقد طبق يوم الجولة عامه ال 73 مؤكدا أن زيارة بيسان ما بعد النكبة له ولعائلته كانت أليمة جدا وقد امتنعوا عن زيارتها حزنا على ما جرى.
وفي حديث مع محمد كيال، مركز الجولات في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، قال" هذه الزيارة التي تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين إلى مدينة بيسان تهدف إلى تعزيز وعي الجمهور الفلسطيني بأحداث النكبة وإطلاعه على سياسة التهجير التي مارستها إسرائيل منذ عام 1948، وإسماعه الرواية الفلسطينية، حيث تمنع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لاجئي بيسان بشكل خاص وكل اللاجئين والمهجرين عمومًا من العودة إلى قراهم ومدنهم التي استولت على أراضيها ومبانيها وكل أملاكها، منتهكة بذلك حقوق الإنسان والقرارات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحق العودة واستعادة الأملاك. وتقوم هذه الحكومات بطمس المعالم العربية والفلسطينية لهذه المدينة وتزوير تاريخها وشرعنة الوجود اليهودي فيها. وقد تم اصدار كراس عن تاريخ بيسان العريق والذي يقدم نبذة عن وضعها والحياة فيها على مدار قرون طويلة، وبشكل خاص قبل النكبة. وقد جمعنا فيه معلومات من كتب ومن مقابلات مع لاجئي المدينة ويتضمن الكراس صورًا قديمة وحديثة لها، ويتطرق إلى سياسة التهجير التي مارستها سلطات الاحتلال خلال النكبة."
وتابع كيال" تواصل الجمعية نشاطاتها وجولاتها من أجل تعبئة الجمهور من أجل التمسك بحق العودة واستعادة الملكية والإصرار على تطبيق هذا الحق على أرض الواقع."
[email protected]
أضف تعليق