شهد قسم التوقيف في محكمة صلح الناصرة قبل أيام دراما كأنها مأخوذة من سيناريو لمسلسل تركي حيث جرى فراق ووداع مبلل بالدموع بين رجل إسرائيلي وأولاده الأربعة قبل سفرهم أمريكا للالتحاق بوالدهم الأمريكية من أصل عراقي، التي طردت من إسرائيل بسبب أصلها العراقي "المعادي"، بينما محظور على الوالد العودة في هذه الأثناء إلى الولايات المتحدة بسبب طرده منها على خلفية تورطه في قضية، لم يكشف النقاب عنها في الخبر المنشور في "يديعوت أحرونوت" عن هذه الدراما المثيرة.

وتعود هذه الحكاية إلى ما قبل أكثر من عشر سنوات، حين غادر شاب إسرائيلي البلاد في رحلة إلى الولايات المتحدة، وهناك تعرف على شابة أمريكية، مولودة في العراق، فتزوجا، وأنجبا أربعة أولاد، أكبرهم في العاشرة من العمر، وأصغرهم عمره عامان، بينما الوالد تجاوز الآن الأربعين من عمره، وتجاوزت الوالدة الثلاثين.

طرد الأم العراقية من إسرائيل!

وقبل مدة، طردت السلطات الأمريكية والد الأسرة من أراضيها على خلفية تورطه في قضية "معينة" ومنع من العودة إليها، حتى إشعار آخر، فغادر أمريكا إلى إسرائيل سوية زوجته وأولادهما الأربعة.

ونشأت مشكلة عويصة جديدة للعائلة، لدى وصولها إلى البلاد، حيث قررت السلطات الإسرائيلية طرد الأم من البلاد بسبب أصلها العراقي، فغادرت إلى أمريكا مطلع هذا العام، وفور صولها إلى هناك طلبت من زوجها أن يرسل الأولاد إليها في أمريكا، فرفض، فما كان منها سوى أن تلجأ إلى وزارة الشؤون الاجتماعية في بلاد العام سام، مشتكية أن زوجها اختطف أولادهما، فطلبت السلطات القضائية الأمريكية من نظيرتها الإسرائيلية أن تعالج هذه القضية، وأصدرت القاضية رونيت غوريفتش قرارًا يقضي بإعادة الأولاد إلى عهدة والدتهم بأمريكا.

تهديد بالانتحار!

وكتبت القاضي في قرار الحكم: "نحن أمام ظرف استثنائي حيث أن كل واحد من الوالدين ممنوع من الدخول إلى الدولة التي يقيم فيها شريك حياته/حياتها، وكل واحد منهما يصّر على أن يكون أولاده بمعيته حيث يقم، ولا تتوفر أية إمكانية لإقامة الوادين وأولادهما في دولة ثالثة (غير إسرائيل وأمريكا)، وفي الحالة الناشئة حيث يتمسك الوالد بأولاده في عهدته، دون موافقة الأم، أرى من اللازم إعادة الأولاد إلى أمريكا فورًا"!

وأبلغت سلطات الرفاه الإسرائيلية الوالد بقرار المحكمة، فراح يهدد بالانتحار وبإيذاء أولاده للحيلولة دون عودتهم إلى أمريكا، فوردت شكوى إلى الشرطة الإسرائيلية بشأن هذا التهديد، فتم توقيفه منعًا لتنفيذ التهديد.

وساطة المحامي إياد أبو إسحق

وقرر المحامي وسيم ظاهر، مدير قسم التوقيف في هيئة المرافعة العامة في الشمال- بتكليف المحامي إياد أبو إسحاق بتمثيل الوالد الموقوف قضائيًا، ووصف في حديث مع الصحيفة مشهد الفراق والعناق الذي جرى قبل أيام، في قسم التوقيف بالمحكمة، بين الوالد وأولاده الأربعة، قبيل مغادرتهم البلاد، فقال أنه كان مشهدًا بالغ التأثير وطافحًا بالأشجان والعواطف والدموع، إلى درجة أن "رجال الأمن" لم يستطيعوا أن يتمالكوا أنفسهم فبكوا من شدة التأثر (!) وهم يشاهدون الوالد يودع اولاده الذين ربما يشاهدهم ويشاهدونه للمرة الأخيرة!

وأفاد المحامي أبو إسحق بأنه الوالد ينفي كليًا أن يكون قد هدد بالانتحار أو بإيذاء الأولاد، وأشار إلى أن "لقاء الوداع" قد تسنّى بفضّل توجهه إلى المحكمة "التي أبدت تعاطفًا تامًا مع الوالد وأولاده، وسمحت بلقاء الوداع بينهم " – كما قال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]