تمر اليوم الثلاثاء الذكرى الثامنة لرحيل شاعر الثورة والوطن وشاعر القضية الفلسطينية محمود درويش (1941-2008).

عاش درويش يريد “قلبا طيبا لا حشو بندقية”، عاش “يحلُمُ، ليصْلِحَ مركباتِ الريحِ” ويغني لـ “سيدة الأرض وأم البدايات”. عاش الشاعر في قلوب الشعوب العربية لأنه كان “يستحق الحياة”، لأنه آمن بسيدة “كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين”، منذ نعومة أظافره، لم تغادر سيدة الحسن وجدان الشاعر، كتب لها عشرات القصائد وهو لم يتجاوز سنه السادسة عشر، وأولى قصائده عندما كان طالباً في المدرسة الابتدائية، وأبرزها قصيدة “سجل أنا عربي”، وأخرى ملونة بالأمل والحكايات، لحنت وتغنى بها أعذب الأصوات.

درويش عندما قال “أنا لست لي” كان يقصد ذلك، لهذا هو الآن في قلوب الجميع، تهزم قصائده دموعنا، وتحت سماء فلسطين لم يعش درويش شاعرا فقط بل مناضلا وسياسيا، اعتُقِل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدءا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي، وذلك حتى عام 1972، حيث توجه إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئًا إلى القاهرة في ذات العام، فالتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا أنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية..

في ذكرى رحيل درويش الثامنة، لا نتذكر شاعرا عاديا، بل نعيد الأمل إلى قضية تلبدت فوقها غيوم الخذلان والانهزام، نحاول البحث عن بصيص الأمل وآخر ما تبقى من حلقات الوفاء لقضية هي الأكثر عدلا على هذه المعمورة، “موطني”، عندما يكتب درويش قصيدة عن الحب أو المرأة، وعندما يتحدث عن اللقاء والفراق، ففي ثنايا مشاعر الرجل نلامس فلسطين ونشعر بنبض القضية، يقول لها “لعلنا لم نفترق أبدا”، وهي التي “تعلمه الشعر” وترفع مستوى جماهيريته عاليا جدا.

بالنسبة للجزائر فإن درويش هو الجزائر، وذكريات النضال، فعلاقتها بهذا الشاعر الوجداني الماهر أصيلة، وقد خط بيده إعلان استقلال فلسطين عام 1988 بالجزائر وبحضور الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]