(لم تكتمل فرحتنا بعيد الفطر السعيد، فسرعان ما تحولت إلى مأساة ومعاناة حتى اليوم، فأثناء عوتنا من زيارة عائلة في ثاني أيام العيد انقلبت السيارة "المشطوبة" التي كنا نستقلها وأصبت أنا طفلي وإثنين من بناتي بجروح ونقلنا للمستشفى وتتواصل معاناتي حتى اليوم).

بهذه الكلمات بدأ خليل موسى خليل حديث عن انقلاب السيارة غير القانونية التي كان يستقلها في الطريق بين قرى شمال غرب القدس ومدينة رام الله، وتحديدا بالقرب من قرية الجيب، ما تسبب في إصابته وعائلته بجروح ولا يزال يتلقى العلاج حتى اليوم.

وقال موسى إنه أصيب بعدة كسور في يده اليمنى وهو بحاجة لعلاج قد يمتد لشهور، وهو يتلقى العلاج على حسابه الخاص، فيما أصيب أبنه بكسور في يده وأصيبت إبنته برضوض وكسرت ساق حفيدته الطفلة "ليليا" 3 سنوات التي أصيب في ذات الحادث.

وأوضح موسى أنه ابتاع سياراته "المشطوبة" قبل عدة أسابيع من الحادث، ورغم أنه يعلم خطورة قيادة مركبة مشطوبة إلا أنه ليس بمقدوره شراء مركبة قانونية مرخصة، مطالبا الجهات المختصة بتوفير مركبات بأسعار معقولة لدفع المواطنين لعدم شراء سيارات مشطوبة.

ولفت موسى إلى أنه كان يستخدم السيارة في تنقله المتواصل من قريته إلى القرى المجاورة شمال غرب القدس، ولا يمكنه الاستغناء عنها رغم انها تشكل خطرا على حياته.

المشطوبة أكثر من المرخصة 

والمتجول في قرى شمال غرب القدس التي يقطنها قرابة 60 ألف نسمة، يلاحظ أن أعداد السيارات المشطوبة هي أكبر بكثير من أعداد السيارات المرخصة والقانونية، ورغم الحملة الأمنية التي نفذها الشرطة والأجهزة الأمنية في تلك المنطقة مؤخرا إلا أن السيارات تسير في كل مكان.

والأمر ليس في قرى شمال غرب القدس فحسب بل تنتشر السيارات في كثير من المناطق المصنفة (ب و ج) فقد تجد قرى ومناطق فلسطينية كاملة قد لا تجد فيها مركبات قانونية أساسا، تجوب شوارعها السيارات ذات اللوائح الصفراء غير القانونية "المشطوبة"، تتسبب بخسائر بملايين الدولارات، اضافة الى خسائر الأرواح والاصابات المؤلمة دون أن تجد من يردع تسللها لمناطقنا والعبث بسلامة مواطنينا.

وأشار المواطن محمد الفقيه إلى أن الحملة الأمنية طالت عشرات السيارات في منطقة شمال غرب القدس، وهي حملة مرحب بها، ولكن أعداد السيارات الموجودة هناك تتجاوز ما تم تحطيمه بكثير، فعادة ما يخفي المواطنين سياراتهم المشطوبة ثم يعودون لاستخدامها بعد خروج قوات الامن، لذلك فالجهات المختصة مدعوة لتنفيذ حملات مستمرة ضد المركبات غير القانونية.

من جانبه، قال المواطن محمد الرامية، أنه تفاجأ قبل عدة أيام بأن أحدى السيارات المشطوبة قد ضربت سيارته وتسببت بأضرار فادحة فيها أثناء وقوفها امام منزله في بلدة الرام شمال القدس المحتلة، موضحا أن بلدته تعاني بشكل كبير من السيارات المشطوبة.

وأوضح الرامية أنه في منطقة الرام رغم وجود مركز شرطة الفلسطينية سجلت عدة جرائم بسيارات مشطوبة ومسروقة، فبعد القيام بسرقات أو جرائم يحرقون السيارة المشطوبة أو المسروقة غير المسجلة باسم اي شخص.

إرزيقات لـ"بكرا": 31 مواطنين قتل منذ بداية العام بالسيارات المشطوبة

في هذا السياق، قال المقدم لؤي ارزيقات الناطق باسم الشرطة، إن ما يجري بحق السيارات المشطوبة هو إجراءات شرطية مستديمة وبمشاركة الاجهزة الأمنية المختلفة، لملاحقة هذه الظاهرة الخطيرة والتي أصبحت تشكل على حياة المواطنين وقد ارتكبت بها حوادث سير قاتلة، حيث وضلت عدد حالات البكراة نتيجة لحوادث سير بمركبات غير قانون 31 حالة بكراة بمركبات غير قانونية منذ بادية العام من بين 94 حالة بكراة منذ بداية العام، لذلك تقوم الشرطة بملاحقتها إتلافها والتخلص منها.

وقال إن الشرطة قامت باستهداف عدد من المشاطب وهي الورشات الخاصة بتقطيع هذه السيارات وبيعها قطع غير، لانهم يحضرون هذه المركبات من الداخل ويبيعونها كمركبات متحركة، لمنع بيها للمواطنين وتم إغلاق عدد منها وتم اتلاف عدد من المركبات داخل هذه المشاطب سواء في الخليل أو ضواحي القدس أو حنين.

وقال إنه هناك مناشدات كبيرة من قبل المواطنين بالتخلص من هذه المركبات، وقامت الشرطة بإتلاف 1800 مركبة خلال الشهر الماضي في كافة محافظات الوطن، بينها ما يقرب من 400 مركبة في ضواحي القدس، واليوم الإجراءات الشرطية والامنية في العيزرية وأبو ديس تم شطب 15 مركبة حتى اللحظة تم اتلافها بالكامل، وستستمر عدة أيام الإجراءات المكثفة.

وبين إرزيقات أن المركبات المشطوبة تستخدم في تنفيذ جرائم ولا يمكن تحديد مالكها ولا تخضع للصيانة الدورية وهذا يتسبب بحوادث السير، ولها مخاطر صحية، وتتسب في حالات بكراة وإصابات، ولها مخاطر اجتماعية في الوطن يمكن ان تتسبب في شجارات كبيرة بين العائلات، إضافة لدفع تكاليف كبيرة للعائلات.

وأشار إرزيقات أنه يتوجب على كافة الجهات العمل على إيجاد بديل مناسب للسيارات المشطوبة للمواطن للتخلص بشكل نهائي من هذه الظاهرة وكذلك ملاحقة التجار ومروجي السيارات المشطوبة في مختلف ارجاء الوطن، إضافة إلى حملة توعوية بخطورة هذه المركبات على المواطن والوطن.

30-50 مليون دولار خسائر فلسطين من السيارات "المشطوبة" ولا تعويضات للضحايا

من جهته، أكد وضاح الخطيب مدير عام صندوق تعويض مصابي حوادث السير، في تصريحات صحفية، أن خسائر السلطة جراء حوادث السيارات المشطوبة تتراوح بين 30-50 مليون دولار أمريكي منذ انشاء الصندوق لليوم، و71% من فترة توليه مهامه كانت لمركبات مسروقة ومشطوبة، والصندوق يمول من جيوب أصحاب السيارات القانونية وبذلك يظلم أصحاب السيارات القانونية لصالح أصحاب السيارات المشطوبة الذين يأخذون أحكاما في كثير من الاحيان بالتعويض، بغير وجه حق عنوة لأصحاب الحقوق.

واضاف الخطيب لـ"بكرا" أن السيارات المشطوبة والمسروقة هي أنواع الاول وهو المشطوبة من وزارة النقل الاسرائيلية ويهرب للضفة وهو غير صالح للسير على الطرق ويتم تهريبه لأسواق الضفة الغربية، والنوع الثاني هو المسروق من إسرائيل، وتعمل في هذا المجال مافيات مشتركة لتهريبه لأسواق الضفة، والاحتلال يغض بصره عن السيارات المشطوبة والمسروقة، النوع الثالث هو هي السيارات المحجوزة في إسرائيل من المحاكم ويقوم ببيعها في الضفة خبكرا من مصادرتها عند تجديد رخصتها في إسرائيل، والصنف الرابع هي سيارات فلسطينية كانت مرخصة وقانونية ولم يتم تجديد ترخيصها حسب الأصول.

وقد الخطيب إن عدد السيارات غير القانونية في الضفة من الصنف الرابع هي 89 ألف مركبة، والسيارات المهربة من إسرائيل بين معدات ثقيلة ودرجات وسيارا تقدر ب 250-280 ألف مركبة تسير على الشارع، والمرخص قرابة 260 ألف سيارة فقط، فغير المرخص عدده اكثر من القانوني بكثير.

وذكر الخطيب أن كثير من البلدات حول الخليل يجود خطوط سرفيس نقل عام تسمى "الأبيض" وهي سيارات غير قانونية للنقل العام في فلسطين، وكذلك جامعة أبو ديس يوجد عليها خطوط نقل غير قانونية، ويركبها كثير من المواطنين رغم علمهم أنها غير قانونية وغير مرخصة، وبلد مثل حوسان لا يوجد بها سيارات قانونية مثلا، ويوجد معارض لترويج السيارات المسروقة والمشطوبة في فلسطين وهذه قنابل موقوتة تحدق بأبناء شعبنا.

وأوضح الخطيب، أن الحوادث التي تتم بواسطة هذه السيارات لا تعتبر حوادث سير قانونية كونها غير قابلة للترخيص والتأمين، ولا يتم دفع تكاليف العلاج ما لم يكن هناك قرار من المحكمة، ويتكفل سائق السيارة المشطوبة بكافة تكاليف العلاج له او للضحية.

10 ملايين دولار عن السيارات المشطوبة آخر 7 سنوات

وقال الخطيب رغم ذلك دفع صندوق الحوادث حوالي 10 ملايين دولار عن السيارات المشطوبة آخر 7 سنوات، بسبب خلل معين تم علاجه، وفق الخطيب الذي أكد أن الصندوق لا يدفع شيئا في الوقت الحالي لاحد التزاما بنصوص قانون المرور الفلسطيني رقم 5 لسنة 2000 وتعديلاته ولوائحه التنفيذية وقانون التأمين الفلسطيني رقم 20 لسنة 2005.

وقال الخطيب: قانونا لا يوجد أي حق قانوني بتعويض المصابين، وباشر الصندوق برفض المطالبات عن اضرار جسدية ناجمة عن حوادث المركبات المشطوبة والمسروقة التزاما بنصوص قانون المرور الفلسطيني رقم 5 لسنة 2000 وتعديلاته ولوائحه التنفيذية وقانون التأمين الفلسطيني رقم 20 لسنة 2005".

وأكد الخطيب أن الحوادث التي تتم بواسطة هذه السيارات "لا تعتبر حوادث سير قانونيا، فهذه السيارات غير قابلة للترخيص والتأمين لأنها غير قانونية، ولا يتم دفع تكاليف العلاج ما لم يكن هناك قرار من المحكمة، ويجب على سائق السيارة المشطوبة التكفل بكافة تكاليف العلاج له او للضحية.”

ورغم ذلك دفع صندوق الحوادث حوالي 10 ملايين دولار عن السيارات المشطوبة آخر 7 سنوات، بسبب خلل معين تم علاجه، وفق الخطيب الذي أكد " لا ندفع شيئا في الوقت الحالي لاحد".

وتحدث عن خسارة أخرى لفلسطين بعدم دفع ترخيص للسيارات وكذلك عدم دفع جمرك وضريبة للدولة، وعندما تتسبب في حوادث تكلف الدولة كثيرا من الصندوق الفلسطيني لمصابي حوادث الطرق.

89 ألف سيارة فلسطينية غير قانونية

من جانبه، قال وزير النقل والمواصلات سميح طبيلة لــ"بكرا"، "المركبات غير القانونية تقلق الحكومة والقيادة الفلسطينية، ونحن نعمل بحملات ضخمة من أجل وضع حد لها عبر العمل من أجل عدم دخول المركبات غير القانونية في الضفة".

وقال إن عدد المركبات غير القانونية 89 ألف في الوطن بعضها "مشطوبة" وبعضها غير مرخص وفقا للأصول، مشيرا إلى أنه جرى التقدم بطلب إلى مجلس الوزراء من أجل وضع حوافز من اجل تأمين وترخيص المركبات غير المرخصة وفقا للقانون، أو شطب المركبة وفقا للقانون.

وقال إن هذا العدد من السيارات غير القانوني ينعكس على المظهر العام للبلد ويتسبب بأزمات مرورية، ويسهم في تقديم معطيات سيئة عن فلسطين أمام العالم.

وأوضح طبيلة أن جل السيارات المشطوبة وغير القانونية توجد في المناطق المصنفة (ب. ج) حسب اتفاقات أوسلو، وهي المنطقة التي تعمل فيها قوات الامن كما في المناطق المصنفة "أ" والخاضعة للسيطرة التامة لقوات الأمن الفلسطينية.

وقال إنه جرى تسجيل 250 ألف مركبة في فلسطين تعمل على الشوارع حاليا، ولا توجد احصائيات حول عدد السيارات المشطوبة العاملة في المناطق (ب. ج).

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]