نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت"خبرًا مفاده أن الوزير الإسرائيلي المكلف بشؤون" القدس والتراث " – زئيف ايلكين (الذي عين مؤخرا وزيرا لشؤون البيئة أيضاً) – توجه مؤخرا برسالة الى المدير العام للهيئة التي تعنى بالخدمة المدنية – الوطنية ، سار شالوم جيربي، طالبا منه زيادة عدد الملاكات (الوظائف) لطالبات المدارس الثانوية في القدس العربية، شريطة أن تكون هذه المدارس تتبع منهاج التعليم الإسرائيلي.

واستنادا الى الخبر – فقد بدا نظام الخدمة المدنية للطالبات في مدارس القدس العربية عام 2011 ، وشمل عشر طالبات واصبح عددهن الان مئة طالبة، يؤدين الخدمة في المدارس والروضات وعيادات صناديق المرضى في القدس العربية نفسها (غالبا) – وفي المناطق المجاورة!.

وفي السياق، ندد نشطاء من الـ48 قيام الفتيات من القدس الشرقية بالانخراط بما يسمى ب "الخدمة المدنية"، معتبرين أن الخطوة تدجينية في المقام الأول وتهدف إلى تعزيز السيطرة على المدينة المحتلة وفرض المناهج الإسرائيلية.

المساومة على الوضع الاقتصادي والإقامة

وفي تعقيبٍ له، قال الناشط عروة سيف: من الواضح أن سلطات الاحتلال تستغل الضائقة المادية للفلسطينيين في القدس وتعمل على اختراق وحدتهم ودمجهم في مشاريع تدجينية بذريعة أنّ تلك المشاريع تساهم في تغيير الوضع والمكانة المادية لهم.

وأضاف: إلى ذلك، يستغل الاحتلال إشكالية الهوية والإقامة فيقوم بمساومة المقدسيين ودمجهم قسرًا في تلك المشاريع شرط حصولهم على الإقامة علمًا أنها حق لهم وفق القانون.

وقال: من المغالط أنّ ندعي أن الاحتلال هو المتهم الرئيسي في هذا المشروع، فإلى ما ذكر من أسباب نضيف واقع الفتاة المرأة ومعاناتها من التمييز والتهميش والكبت، وهي فجوة يعرف الاحتلال كيف يخترقها ويقنع بذلك فتياتنا على ضرورة العمل على تعزيز قدراتهن.

وعن الحلول التي يقترحها سيف قال: حان الأوان أن نتخطى، نحن في الـ 48، الحاجز الفارق بيننا وبين أخوتنا في القدس، فهنالك قضايا تستدعى التكاتف والوحدة، والخدمة المدنية إحداها، من المهم أن نعمل على بناء مخطط قادر على مواجهة هذا المخطط منها مشاريع ثقافية للشباب، مشاريع قادرة على مخاطبة الشباب بلغتهم، كما وأنّ هنالك ضرورة لتكثيف العمل في المدارس والثانويات، فهنالك احتمالية تدجين الطلاب هي الأكبر، خاصة في المدارس التي تعد حكومية.

محاولة صهر

بدورها قالت الناشط سمر عزايزة من المؤسسة العربية لحقوق الإنسان في السياق: حسب التعريف الاسرائيلي لوظيفة الخدمة المدنية هي ضمان تعزيز للشخصية وتحضير لسوق العمل واعطاء امتيازات للمنتسبين للخدمة المدنية، هذه الخدعة التسويقية ممكن ان تجعل الشباب الفلسطيني ان يكون جزء من هذا المخطط بدون فهم المخاطر والابعاد السياسية.

وأوضحت: بدأ الاحتلال بتسويق للخدمة المدنية لعرب 48 بعد هبة اكتوبر لشرذمة هويتنا ومحاولة اسرلة شبابنا، باسماء لمشاريع مختلفة، وها نحن اليوم نرى الاحتلال يتجرأ على ادخال الخدمة المدنية للقدس بصورة مفاجئة كونها مركز الصراع والمقاومة كمحاولة لصهر اهل القدس في المجتمع الاسرائيلي.

وقالت: لكن الجانب التاريخي كاف لكي نرى اهداف هذه الخدمة ورفضها، وايضا لا ننسى ان انصهارنا في المجتمع الاسرائيلي والعمل تحت نفس الوزارة التابعة لجيش الارهاب الاسرائيلي ستجعل تقبل دخولنا للجيش اسهل. وعلى هذه النفسية يحاول الاحتلال قمع هويتنا الفلسطينية .

فئة مستضعفة وتعزيز مواطنة

اما الناشطة، جمانة أشقر، فقد اوضحت لـ "بكرا": القدس هي لب الصراع. الصراع على الارض وعلى الوعي. منذ قيام الدولة وهي تحاول محو الوجود الفلسطيني اما بالترحيل واما بالتدجين، وفي القدس خاصة تأخذ السيادة الإسرائيلية المنحى الاقسى والاخطر، فانها لا تتمثل فقط في سيطرة العسكر والاستيطان ومحاولات التهويد المستمرة والاعدام الميداني وانما في محاولة السيطرة على الوعي الهوياتي والقومي للمقدسيين ومحاولة اخماد وطمس كل محاولة لمجابهة الاسرلة والتعبير عن الهوية الفلسطينية وبطبيعة الحال بانتهاج اسرائيل مخطط الخدمة المدنية منذ الـ2007 لمحاولة "تعزيز" المواطنة الفاعلة "والاندماج" في المجتمع الاسرائيلي، فستستعمل اسرائيل الخدمة المدنية بقوة اكبر على المقدسيين وبالذات على المقدسيات كونهن الفئة المستضعفة المعرضة لتمييز مضاعف من قبل مجتمعهن والاحتلال. فبمجتمع يفرض التقييدات ويحد من خيارات العمل ويفتح القليل من الفرص باجور متدنية وبشروط مذلة تستغلها المؤسسة الاسرائيلية لضم الفتيات للخدمة المدنية باغراءات كاذبة، وتشهد على ذلك المعطيات التي تشير الى نسبة كبيرة من الفتيات الخادمات تصل الى 91% من مجمل عدد الخادمين .

وعن الحلول المطروحة، قال اشقر: نحن في جمعية بلدنا نعمل يوميا للتصدي لهذا المشروع وندرك خطورته وندرك الاسباب والادعاءات لانخراط الشابات والشبان ونعي جيدا للظروف الصعبة التي يعيشها مجتمعنا والفرص الضئيلة المتاحة ولكن ذلك لا يثنينا عن العمل بكثافة لمجابهة المشروع ولو بادواتنا البسيطه . في القدس كما في كل بلدة عربية في الداخل، يستمر الاحتلال بنشر سمه ومحاولة طمس ذاكرتنا وهويتنا، وردنا يأتي بالحفاظ على الوعي ورفعه للخطر القريب وبعيد المدى لكل ما تدعي اسرائيل خيرا لنا فيه.

نضال تجاوز الفصائلية اربك المؤسسة الإسرائيلية

وشخصت بدورها الناشط والقيادية نفين ابو رحمون، وقالت في السياق: في الفترة الأخيرة تكثفت حملات التوعية ضد الخدمة المدنية الأمنية إلا أن القدس ما زالت مهمشة بعض الشيء من ناحية الاهتمام برفع الوعي في هذا الخصوص، بالمقابل لم تكن مهمشة من ناحية الاستهداف الاسرائيلي.

وقالت ابو رحمون: سادت فكرة مغلوطة لدى البعض أن الخدمة المدنية هي أمر يهدد الفلسطينيين ممن يحملون صفة "المواطنة"، فأبعد المقدسيون عن أنفسهم شبح الخدمة المدنية ولكن الواقع مختلف تماما، ثمة طرق متعددة للوصول واستهداف اكبر عدد من الشباب.

واسهبت: الاحتلال تعامل مع المقدسيين بخاصية، كون مدينة القدس لها خصوصية في الحالة اليومية السياسية الاجتماعية والاقتصادية، فهي المدينة الفلسطينية المشحونة باستمرار، والتي تبدو فيها مظاهر الاحتكاك بين الفلسطيني والجندي المحتل واضحة بشكل يومي، وهي التي تتنوع فيها هموم الفلسطيني بشكل واسع. القدس من ناحية أخرى هي المدينة التي تعاني ضعفاً في النشاط السياسي والشبابي بشكل خاص، مما يجعلها أسهل للأستهداف.

وقالت: ما شهدته مدينة القدس من انتفاضة لها بعد عميق في الحالة الوطنية وبالرغم من الظروف الصعبة الا ان الشباب المقدسي أثبت ان كل محاولات التضييق عليه لن تثنيه عن دوره في النضال الشعبي وتجاوز الفصائل الفلسطينية في مقاومته الفردانية واعتقد ان هذا أربك المؤسسة الاسرائيلية من هذا الحضور القوي للشباب في الميدان النضالي وها هي تحاول من جديد محاصرة النضال الشبابي واتباع سياسة الترغيب وخلق حالة في اوساط الطالبات كفاتحة لهذا المخطط وهنا يبقى الدور على الحراكات الشبابية والسياسية التي عليها ان تقود دورا هاما في تعبئة الشباب وتحصينهم من جهة ومن جهة أخرى تدعيم واحتواء النظام المدرسي العام بالرغم من فرض المنهاج الاسرائيلي والتعامل مع المدرسة كمؤسسة فلسطينية والتصدي لهذا المخطط بقوة وعدم ترك الطالبات والمدرسة في هذا الفضاء لوحدهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]