تمرّ ذكرى 10 أعوام على "حرب لبنان الثانية" أو "الحرب على لبنان" أو الحرب التي اندلعت في 12 تموز من العام 2006 بين اسرائيل ومنظمة حزب الله اللبناني وطال أمدها حتى 14 أب 2006 حيث دامت 34 يوما من الدمار، الموت، والرعب، جرحى، وقتلى، في الطرفين اللبناني والإسرائيلي. وقد كانت مدينة حيفا في العناوين الرئيسية في نشرات الأخبار وهي ثالث مدينة في اسرائيل حيث طالتها صواريخ حزب الله بالعشرات حيث لم يحلم أهالي حيفا أو القادة الإسرائيليون بأن مدينة الكرمل سوف تتعرض لقصف صاروخي وتطالها الصواريخ. ولم يتخيل عرب حيفا سقوط ضحايا في حي وادي النسناس العريق قلب عرب حيفا النابض. وها هي الأعوام العشرة مرت ويتوقع المحللون العسكريون بوقوع حرب لبنان ثالثة لا يعرف أحد متى وما هي نتائجها!!

ففي الذكرى العاشرة لحرب لبنان الثانية من زاوية تناولت فيها وسائل الإعلام الإسرائيلية ترسانة الأسلحة التي يملكها حزب الله وما أضيف اليها خلال العقد المنصرم. جاء فيها ان حزب الله امتلك مع بداية الحرب 15 الف صاروخ تقلصت مع نهاية الحرب الى 7000 صاروخ وقذيفة صاروخية. ليرتفع عددها بعد عقد من الزمان الى 150 الفا. دون ان يقتصر التطور على العدد ليصل الى الجودة والنوع والفعالية ومدى الدقة والمدى المجدي لهذه الصواريخ. هذا وقد سقط على اسرائيل خلال الحرب المذكورة حوالي 4000 صاروخ أثبت حجم الجهود التي بذلها حزب الله في مجال التسلح في الفترة التي تلت انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان عام 2000 وحتى اندلاع الحرب عام 2006 .

ووفقا لهذه الأرقام امتلك حزب الله مع بداية الحرب ما بين 10-16 الف صاروخ 20% منها بعيدة المدى كتلك التي قصفت حيفا والخضيرة . نجح سلاح الجو الاسرائيلي بتدمير معظم الترسانة الصاروخية بعيدة المدى في الساعات الثلاثين الاولى للحرب مستعينا بمعلومات استخبارية. استخدم حزب الله خلال الحرب صواريخ هجومية من بينها زلزال 3 ، فجر 5، صاروخ c-80 . فيما استخدم ما بين 24-30 منصة اطلاق تحمل الواحدة منها 14 صاروخا ليبلغ عدد الصواريخ التي اطلقها حتى نهاية الحرب 7000 صاروخ .

نجح الحزب رغم الضربة القاسية التي تلقاها خلال الحرب من اعادة تسليح مقاتليه وملأ مخازنه من جديد .وجمع حتى نوفمبر الماضي حوالي 150 الف صاروخ وقذيفة صاروخية من مختلف الانواع. كما دعم قواته البرية وعززها ليبلغ عديدها 50 الف مقاتل بينهم 15 الفا يخدمون في وحدات النخبة التابعة له. وتشير التقديرات الاسرائيلية الى امتلاك حزب الله الاف الصواريخ القادرة على قصف وسط النقب وحتى ابعد من ذلك كما يواصل تسلحه بصواريخ ارض- جو من طرز 17SA- و SA-22 اضافة لصواريخ ساحل –بحر من طراز ياخونت التي قد تغير قواعد اللعبة بشكل كامل .وأقام حزب الله من لحظة دخوله طرفا في الحرب الاهلية الدائرة الى الارضي السورية مخازن صواريخ داخل سوريا ترتبط بالأراضي اللبنانية بشبكة انفاق. وأشارت التقارير عن نية حزب الله استخدام المخازن التي اقامها داخل سوريا لتخزين الصواريخ وقذائف الهاون وعشرات الدبابات التي بات يمتلكها .

• ضحايا عرب من حيفا والتساؤل لماذا لا نحيي ذكراهم؟

نفتح ملف الضحايا العرب الذين سقطوا في حرب تموز 2006 في حيفا. فنحن نتساءل لماذا لن يقام نصبا تذكاريا لهؤلاء الضحايا؟ ولماذا لا نتذكرهم؟ لقد طُرحت أفكار عديدة واكبتُها في تلك الفترة حيث عرض اقتراح وضع ألواح من الشايش في مداخل بيوت الضحايا أو اطلاق شارع أو دوّار على اسم هؤلاء. حتى يبقوا في ذاكرة الأجيال القادمة ولكن جميع هذه الوعود قد تبخرت وتلاشت مع الزمن. وبقيت هذه العائلات تعيش ألمها وحزنها ومعاناتها ونسيهم الجميع خاصة رجال السياسة والأحزاب.

الأحد- 6 آب- 2006 يوم أسود حلّ بعرب حيفا – أقسى يوم في الحرب

رغم تعرّض حيفا لقصف صاروخي يومي من قبل حزب الله خلال الحرب، إلا أن نحو الساعة الثامنة مساء من يوم الأحد ال 6 من أب 2006 كان يوما اسودا حل بعرب حيفا وبالأخص حي وادي النسناس. اذ أطلقت صفارات الإنذار نحو الساعة الثامنة مساء وللتوّ سقط صاروخان في وادي النسناس، أحدهما في شارع قيساريا مخلفا عددا من الجرحى منهم حمّودي سلوم الذي أصيب بحروق خطيرة حتى وافته المنية بعد عام من الحرب. والصاروخ الثاني مبنى جريدة "الاتحاد" في شارع الحريري مما أدى الى جرح العديد ومقتل شخصين هما المرحومان حنا حمام (62 عاما) ولبيبة مزاوي (67 عاما).

مساء ذلك اليوم لن ينساه أهالي وادي النسناس فقد كان يوما أسودا مشؤوما حيث سمع دويّ انفجارات قوية في مدينة حيفا اتضح في ما بعد أن رشق الصواريخ أدى إلى مقتل لبيبة مزاوي وحنا حمام اللذين كانا يجلسان في باحة البيت في شارع الحريري. حين أن صاروخا آخر سقط مباشرة على بيت عائلتي خوري وسلّوم في شارع قيساريا وأصاب ابن عائلة سلوم حمودي سلوم، بحروق خطيرة.

صاروخ يسقط في ساحة دير راهبات الوردية!

الأمر المثير الذي حدث يوم الأحد ال 6 من اب 2006 ان أحد الصواريخ سقط في ساحة دير " راهبات الوردية " في حيفا( قرب كنيسة مار يوسف للاتين)، مما أدى الى وقوع أضرار مادية بالغة. وقد تبين أن الصاروخ أصاب إصابة مباشرة باحة الدير وسبب أضراراً جسيمة في المبنى، لكن تمثال السيدة العذراء في ساحة الدير، (موقع سقوط الصاروخ)، ورغم الدمار الذي حصل بقي في مكانه. وقالت الراهبة ريتا نصر الله في ذلك اليوم " تجلى الله لنا واقعياً في حمايتنا من نتائج الصاروخ الذي سقط في بستان الدير (دير راهبات الوردية في حيفا)، وثبتت لنا قدرة الأم البتول وحمايتها في صمود مقامها الذي يبعد عن مكان سقوط الصاروخ أقل من 3 متر ولم يصب بأذى، وحتى تمثالها الذي انشطر الى نصفين، ظلّ واقفاً ينظر الى سكان الدير ليحميهم ... وأن العناية الإلهية والحماية الربانية أكبر، فالشكر لله وللأم البتول التي حافظت على كل من كان موجوداً في الدير".

حين قررت الكتابة عن أهالي ضحايا حرب لبنان تموز 2006 توجهت الى شارع الحريري حيث سقط الصاروخ الذي أدى الى مصرع لبيبة مزاوي وحنا حمام وتبين أن عائلة المرحومة لبيبة مزاوي قد رحلت عن حيفا وعادت الى مدينة الناصرة. كما أن المبنى الذي أصيب وهو مبنى جريدة الإتحاد قد تم ترميمه وأن شجرة الياسمين التي كانت في ساحة المبنى قد أزيلت.

صفارات انذار خلال تشييع الجثامين

خلال قرع أجراس كنيسة مار الياس للروم الكاثوليك في حيفا يوم الإثنين الموافق 2006-8-7 عم الحزن الشديد ارجاء المدينة ، وفي باحة الكنيسة انهمرت دموع غزيرة من عيون المشيعين دلت على مرارة الم العائلتين الثاكلتين وهما تودعان النعشين في مشهد مؤثر للغاية . وخلال تشييع الجثمان فرض الواقع المرير والصعب نفسه مرة اخرى وانطلقت صفارات الانذار مرة اخرى ولكن الصفارات هذه المرة لم يعقبها سقوط لصواريخ ، وقد واصلت الجنازة طريقها.

عائلة سلوم ودرب الآلام على مدى عام

يمكن القول أن عائلة المرحوم حمودة سلوم 40 عاما عاشت درب الألام على مدار عام منذ لحظة سقوط الصاروخ على بيتها في ال6 من شهر أب 2006 حتى وفاة ابنها في أب 2007 . فقد فقدت العائلة بيتها وأصيب ابنها بحروق خطيرة، كما أن أخت حمودة منيرة سلوم ووالدته فتحية سلوم(أم خالد) قد اصيبتا واستنشقتا الدخان المتصاعد من بيتهما. فحمودة سلوم رحمه الله أبدى شجاعة وبطولية وتضحية منقطعة النظير كما روتها أخته ووالدته من اجل انقاذ عائلته من الموت ولكن "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فحين وصل منزل العائلة بعد ثوان من سقوط الصاروخ انفجرت اسطوانات الغاز وجراء اندلاع حريق هائل وخلال محاولة انقاذ والدته

التهمته النيران وبعد محاولات من قبل الجيران والأهل استطاعوا اخراجه من ألسنة اللهب.. كان المرحوم حمودة سلوم أعزبا أمامه الحياة، أحب "شمة الهوى" والعيش الهنيء حيث تجول في العالم، فكان كل نهاية صيف يسافر الى خارج البلاد ويعود بالهدايا. كان هناك أمل أن يعيش حمودة وقد سمح له الأطباء أن تتنزه معه العائلة على شاطيء البحر قرب رمبام فهو أحب البحر والأمواج. إلا أن حالته الصحية قد تدهورت وفقدت الأمل وفقدنت ابنها الذي عاش على مدار عام والى جانب سريره عائلته ترى ولكن يد الموت طالته واختطفته".

وقعت الغارة الإسرائيلية الأخيرة في الساعة 7،45 صباحا في 14 اغسطس 2006 واستهدفت بساتين الأطراف الشرقية لمدينة صور وبعد 15 دقيقة من هذا القصف دخل تطبيق قرار "وقف الأعمال العدائية" الذي نص عليه القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي حيز التنفيذ. ونص القرار 1701 على إنهاء العمليات القتالية من كلا الجانبين وإضافة 15000 جندي لقوة "يونيفيل" لحفظ السلام مع انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأزرق وانسحاب قوة حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني واانتشار الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]