يستغرب المرء إذا سمع عن عائلة في بلادنا، وبالقرن الـ21 لا تملك مكانًا تعيش فيه، ولكن الأحوال الاقتصادية على ما يبدو ستحوّل حتى الأمور الغريبة، أمورًا عادية، في قرية أبو سنان الجليلية، أجبر الفقر وعدم توفر المنزل عائلتين من القرية أن تسكنان في المقابر، عائلتان مع أطفالهما!.
العائلتان تنقلتا من بلد الى آخر للسكن بالإيجار، ولإيجاد العمل للعيش بكرامة، ووصل بهم المطاف الى العيش بالخلاء، آما بالمقابر او بخيم في البرية مع انعدام ابسط ظروف المعيشة والراحة ، لا ماء ولا كهرباء ولا طعام حتى اصبحت حياتهم لا تطاق مما دفع رب احد العائلتان للانحدار للسموم الخفيفة، والعائلة الثانية لإيجاد اي طريقة لكسب الطعام والمال في مثل هذا التشرد القسري، وقد بات مصير هاتين العائلتين في مهب الريح، على حافة الانحطاط والتشرد التام، حيث حكم عليهما المجتمع بالزوال ، وفي الآونة الاخيرة، ورغم تركيبة الحالتين المعقدة، تدخلت شخصيات فردية وجمعيات ،من الجليل والكرمل والجولان، لإيجاد حل والتعالي عن كل الاحاديث ، حيث تقوم هذه الايام كتلة من الشباب والصبايا والجمعيات بالبحث عن المسكن والعمل وخطة الافطام عن المخدرات لهذه العائلات، من اجل تقزيم الضرر بقدر الامكان.
دموع قلق وألم
قال الأب تيمور نكد في حديث لمراسلنا : شاء القدر وواجهنا الكثير من المشاكل الحياتية، ولكن ما العمل ، بحثنا الكثير لإيجاد مسكن ومساعدات من قبل الشؤون الاجتماعية والسلطة المحلية ، لكن لا حياة لمن تنادي ، ما ذنب ابني ان ينام بين القبور ، المجتمع والناس ظلمونا لا يريدون ان نستأجر بيت جميعهم يرفضون حتى ان وصلت الامور ان نعيش مشردين بين القبور والحجارة، اتوجه الى الجهات المختصة ان تمد يد العون وتساعدنا وتنقذنا من هذه المصيبة ، ابنا طفل صغير ينام في الحر بين الحشرات والافاعي . تحدث نكد والدموع بارزة في عيونه .
بيت جن بتجمعنا تمد يد العون
" خلقنا كلنا عراة سواسية كأسنان المشط، لم نخلق ملائكة ولا انبياء، لكل منا خطاياه واخطائه ، ومن نحن لنحاسب البشر بعواقب داعشية ، في حين ننام تحت اسقف من اسمنت بأمان ، قابلنا اطفالا بعمر الزهور (احدهم عمره اشهر) يبسطون الارض ويستقفون السماء فوق احلامهن القاتمة، بالبرد وبالحر، في حين يئست الجهات ، واصبحنا كلنا قديسين، لنحكم عليهم بالموت، يبقى امل وبصيص نور، انه لا تزال هنالك انسانية عند البعض لمساعدة عائلتان مع اطفالهم بإيجاد المأوى والحياة الكريمة، العائلتان تقطنان المقابر منذ شهور ، وتعاني من الكثير من المشاكل وتحتاج لبرنامج عمل مكثف لانتشال الاب من السموم وتامين بيت للام والاولاد لتامين ابسط ظروف الحياة الكريمة " هذا كان انطباع وليد حذيفي من جمعية بيت جن بتجمعنا .
وأضاف: ليس من المنطق ان " الاباء يأكلون الحصرم والابناء يضرسون" ومهما كانت الظروف التي سببت لأهل هؤلاء الاطفال الوصول الى هذا الوضع لا ذنب للأطفال دفع الثمن ، اطفال في بداية العمر يجب اعطائهم الفرص ليعيشوا وان يتكونوا في مجتمعهم كبشر ، نعم يجب اعطائهم الفرص العادلة كباقي الاطفال، بلا شك ان هناك ذنب كبير على اهل هؤلاء الاطفال ولكن الذنب الاكبر هو على المؤسسات المكلفة برعاية مثل هذه الحالات وذنبها كبير على تقاعسها وعدم مد يد العون وايجاد الحلول، هناك ذنب كبير على السلطة المحلية وهناك ذنب عظيم على المجتمع الذي يسمح ان تتكون بداخله مثل هذه الحالات"
حملة انسانية من اجل انقاذ اطفال المقابر
وتابع: : " نحن الان لسنا بصدد البحث عن المذنبين ، نحن بصدد ايجاد الحلول ، ونطلق حملة انسانية من اجل انقاذ اطفال المقابر حملة جود على اسم الطفل الرضيع ابن الستة اشهر وقد وصلنا في هذه المرحلة الى ضم الطفل مؤقتا الى عائلة حاضنة كحل مؤقت بالتنسيق مع الاهل، استطعنا ان نجد بيت للإيجار في احدى القرى، وتوصلنا مع صاحب الدار لتفاهم اولي على استلام الدار بالأيام القليلة المقبلة، تبقى علينا ان نضاعف مجهودنا لنصل الى المبلغ المطلوب ثمن الايجار، الخطوة القادمة هي علاج الاباء من المخدرات وادخالهم الى مركز فطام ، وتامين مسكن حتى تدخل الجهات المهنية في علاج الحالة، حملة جمع التبرعات المالية لوحدها لا تكفي وهي عبارة عن نصف حل ونتوخى من اصحاب المصالح وورشات العمل تأمين اماكن عمل للإباء والامهات ليكون لديهم مصدر دخل يعتشون منه بكرامة ويبدون حياة جديدة."
مجتمع قوي يقاس بكيفية معاملة الضعفاء
وانهى قائلا : من الواضح جدا ان الجهات المختصة ابدت تقصير كبير في تعاملها مع القضية ولم تقوم بتفعيل القوانين واتخاذ القرارات الصحيحة وايجاد الطرق لحل المشكلة والا ما كان واقع هذه العائلات بهذا الشكل، نحن بدورنا علينا ان نرفض ان تكون في داخلنا مثل هذه الحالات وخاصة التي يعاني منها الاطفال الرضع وعلينا المساهمة قدر الامكان بإزالتها والضغط على السلطات المحلية والقطرية والمؤسسات ان تقوم بواجبها ودورها المهني المطلوب، مجتمع قوي وسليم يقاس حسب كيف يعامل الضعفاء في داخله وعلينا ان نكون مجتمع سليم ولا نقبل بداخلنا مثل هذه الحالات وان لا نقف كمتفرجين.
[email protected]
أضف تعليق