على ضوء الشموع والمشاعل، أحيى الأرمنيون في العاصمة يريفان، الذكرى الـ100 لبدء المجازر التي تعرض لها مليون ونصف مليون من الشعب الأرمني، في عهد الدولة العثمانية منذ قرن من الزمن.

15 ألف أرمني، شاركوا في مسيرة تحت ضوء المشاعل في عاصمة جمهورية أرمينيا يريفان، مساء السبت 23 أبريل/نيسان، لإحياء هذه الذكرى بالتزامن مع احتفالات رسمية تقيمها الحكومة الأرمنية، ويعززها هذه السنة قيام الممثل السينمائي الأمريكي جورج كلوني بزيارة أرمينيا في إطار مراسم تقديم جائزة استحدثت مؤخرا، لتكريم شخصية عملت على دفع القضايا الإنسانية إلى الأمام.

كفاحنا مستمر

ربما لن يقدر الأرمن محو تلك الصفحة السوداء من تاريخ أمتهم، ولن ييأسوا من محاولات إقناع العالم، وخصوصا تركيا، بالإعتراف بمذبحة الأرمن التي وقعت عام 1915، وهو ما أكده رئيس الوزراء الأرمني في الذكرى الـ100، هوفيك آبراهاميان، الذي قال إن أرمينيا ستستمر في مطالبتها بالاعتراف الدولي بـ"الجريمة الكبرى" رغم مرور 101 عام منذ وقوعها.

وفي واقع الأمر ليس هذا فقط ما يسعى إليه الأرمنيون، بل يطالبون الأتراك بالاعتراف بهذه المذبحة التي ارتكبها أسلافهم العثمانيون.

وبهذا الصدد، دعا آبراهاميان، القيادة التركية إلى الاعتراف بما سماها الحقيقة، مضيفا أنه كلما أسرعت أنقرة بالإعتراف بتلك الحقيقة التاريخية كان ذلك أفضل، على حد قوله.

هذا ولم يغفل، رئيس الوزراء الأرمني عن دعوة المجتمع الدولي إلى شجب "المذبحة الجماعية الأولى في القرن الـ20، من أجل تجنب مذابح أخرى في المستقبل"، على حد تعبيره.

يأتي تصريح آبراهاميان، بعد يوم من قيام متظاهرون أرمنيون بحرق العلم التركي خلال المسيرة التي شارك فيها نحو 15 ألف متظاهر في العاصمة يريفان.

الجريمة الخالدة

بحسب تحليلات بعض المؤرخين فإن الإبادة الفعلية للأرمن بدأت في نهاية القرن الـ19، إذ يدور الحديث عن القتل الجماعي الذي وضع أساسه في أعوام 1894-1895 بغية تقليص عدد الأرمن في تركيا والقضاء عليهم قضاء تاما في المستقبل.

ويعتبر 24 أبريل/نيسان عام 1915 رسميا بداية لإبادة الأرمن الجماعية، إذ استمر القتل الجماعي في فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك، حتى عام 1922، حين دخلت القوات التركية مدينة إزمير في سبتمبر عام 1922، بحسب تقييمات بعض المؤرخين.

ورافقت عملية الاستيلاء على مدينة إزمير مجزرة ضد السكان الأرمن واليونانيين، فحرقت الأحياء الأوروبية للمدينة تماما، واستمرت المجزرة 7 أيام، وتسببت في مقتل نحو 100 ألف شخص.

ويتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون، بينما تشير مصادر أرمنية إلى سقوط أكثر من مليون ونصف المليون أرمني، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآشوريين والسريان والكلدان واليونانيين.

وعندما دخل البريطانيون إلى إسطنبول في 13 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1919، أثاروا المسألة الأرمنية وقبضوا على عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم، غير أن معظم المتهمين هربوا أو اختفوا، فحكم عليهم بالإعدام غيابيا، ولم يتم إعدام سوى حاكم مدينة يوزغت الذي أباد مئات الأرمن.

وبسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم، لاسيما سوريا ولبنان ومصر والعراق، وبات 24 أبريل/نيسان من كل عام مناسبة للتذكير بتلك الجريمة الخالدة في ذاكرة شعب يأبى النسيان.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]