جريمتا قتل، في وضح النهار، وفي كل جريمة زهقت روح. الجريمة الأولى راح ضحيتها الشاب محمد اغبارية (24 عاما) فيما راح حسين محاجنة (27 عامًا) ضحية الجريمة الثانية. بفارق ساعتين على الأكثر خسرت أم الفحم، ودون أي علاقة للأسباب أو اذا ما كانت أو لم تكن علاقة بين الحادثين، شابين لتبكي عائلاتهما هذا المُصاب الجلل ولتتوسع دائرة اراقة الدماء أكثر.
غضب وسخط في أم الفحم، اتهامات متبادلة ما بين البلدية والشرطة، ومطالبات بحل البلدية التي سارعت لعقد اجتماع أو الغاء مشروع "مدينة بلا عنف" الذي أثبت فشله في محاربة الجريمة في أم الفحم.
مراسل "بكرا" تحدث إلى عددٍ من القيادات والناشطين الفاعلين على الساحة الفحماوية حول موضوع العنف عامةً وما جرى في أم الفحم هذا المساء خاصةً.
جلسة البلدية شكلية فقط
المحامي أحمد امين الجابر قال معقبًا لـ "بكرا": للأسف ما حدث في ام الفحم كان مكتوبًا على الحائط ومعروفًا للناس، للشرطة والبلدية ولم يتم تحريك ساكن!.
وأضاف: انتشار السلاح والفساد امر بات لا يختلف عليه اثنين في ام الفحم، ولا احد يحرك ساكنًا، وللأسف غياب القيادة المؤثرة على الشارع الفحماوي وعجز الشرطة انجبت العنف المستشري!
وقال: حاليًا انا في جلسة المجلس البلدي والتي اعتبرها بروتوكلية شكلية لحفظ ماء الوجه فقط، فلا قرارات ترتقي لمستوى الحدث.
اخاف ان نقلب الصفحة وننتظر الجريمة القادمة
بدوره قال الناشط السياسي سلام عياش: لن ابدأ تعقيبي كالمعتاد بهذه الظروف وابدي اسفي عما حدث وإنما انا اتهم .. اتهم اولا فشلنا في تربية اولادنا تربية صالحة، ولو فعلنا ذلك لبنينا بيئة سليمة خالية من العنف والظواهر السلبية، اتهم ثانيًا انفسنا لغياب الشخصيات والجهات التي تمتلك الوقار والقوة لكبح وردع التهور الحاصل في مجتمعنا، واقصد هنا الشخصيات التي كانت تقوم على اصلاح ذات البين وفض النزاعات دون الحاجه للتوجه للشرطة، وقد اعتدنا في ام الفحم على هذه القيم المميزة والتي للأسف اندثرت وتلاشت حيث فقد الاحترام المتبادل وقبول الرأي الاخر.
وقال: كنا نواجه بعضنا البعض بالحوار الاخوي وحوّلنا الان المحاورة بالسلاح وسكب الدم. البلد تعيش حالة حزن وكلي امل نستخلص العبر ونراجع انفسنا ونعالج الالم قبل استفحاله واخشى ان يبزغ الصباح ونقلب الصفحه وننسى ما حدث ونجلس باسترخاء للننتظر الحادث القادم.
الإعلان عن فشل مشروع مدينة بلا عنف
اما الصحافي احمد ابو عرب فقال لـ "بكرا" معقبًا: ما جرى في مدينة أم الفحم ليس مجرد عمليات "قتل"، وإنما يندرج ما جرى تحت تعريف عمليات "إعدام". هذه الجرائم البشعة تؤكد عدة حقائق وأهمها أن المدينة قد أفلست في كثير من نواحي الحياة وأهما إفلاس وانهيار منظومة السلم الأهلي داخل المدينة، وتفضيل سياسة "كل من أيدوا إله" على المجتمع المدني.
وأضاف ابو عرب: ببساطة ما جرى يعكس إفلاس جهاز التربية والتعليم، والقيادات والبنى الاجتماعية المختلفة، وحتى المساجد، التي فشلت رسميا في رسالتها التربوية والدينية والاجتماعية والتي انحصر عملها في خدمة أفكار سياسية محصورة بأشخاص أو حركات أو أحزاب. أدعو البلدية إلى إعلان فشل مشروع مدينة بلا عنف، وتسريح جميع القائمين على المشروع، وإلى حث السلطة على أخذ دورها بشكل حازم دون هوادة مع أحد، وإعادة الأمن للمواطن البسيط الذي يحارب يوميا لكسب قوت عائلته.
الشرطة تستعرض العضلات
الصحافي انس موسى قال معلقًا لـ "بكرا": الأوضاع مريبة في مدينة ام الفحم بعد مقتل شابين لأسباب لا تستحق كل الدماء هذه لإراقتها وازهاق ارواح أصحابها. جريمتا اليوم لم تأت من فراغ، فقد سبقها مشاحنات وخلافات واطلاق نار لم يتعظ اي طرف منها، ولم تتكلل جهود الاصلاح بالنجاح لفض النزاع بين المتورطين في تلك الخلافات.
وأضاف: توقعنا خلال الفترة الأخيرة أن يتم كبح جماح ظاهرة السلاح واطلاق النار عندما بدأنا نرى يوميا قوات هائلة للشرطة ووحداتها الخاصة تغزو احياء وشوارع المدينة لضبط الاسلحة والمجرمين، لكن ذلك يبدو ليس الا استعراض عضلات لم يجلب لنا امنا ولا امانا.
وقال: أعتقد يتوجب على السلطة المحلية واللجنة الشعبية والدعاة والمشايخ واخصائيين تربويين واجتماعيين الخروج بحملة موحدة تصول وتجول احياء المدينة، ليس لاسبوع خاص فقط بل لأشهر طويلة وتتركز على شرائح اجتماعية مختلفة، ولا حرج في الوصول الى تجار السلاح الذين تغض الشرطة الطرف عنهم وهم بالأساس معروفون كونهم يتاجرون بأسلحة تقتلنا جميعا.
مشوار الألف مييل، يبدأ بخطوة
ومختتما التقرير قال المحامي والناشط السياسي أحمد مهنا لـ "بكرا": لا ارى مكان لانتقاد الشرطة او تحميلها المسؤولية فلم اتوقع منها شيء، فهي لا تقوم بما يجب ان يكون مفهوما ضمنا، من جمع السلاح والقيام بواجباتها الاساسية لحفظ الامن الشخصي للمواطنين، ولكن يبدو اننا نعيش في دولة اخرى وأصبح نيل المفهوم ضمنا من سابع المستحيلات، فحتى يكون هناك قرار جدي عند الشرطة والوزارات المعنية، وحتى ذلك الحين علينا ان نبادر ومشوار الالف ميل يبدا بخطوة..
[email protected]
أضف تعليق